كتبت : أماني ربيع

من المدرسة إلى الجامعة ينطلق الشاب والفتاة على السواء إلى عالم جديد ومختلف كليا بعيدا عن المناهج المحفوظة وضغط "الثانوية" والمجموع وارتداء "اليونيفورم" والخروج عن فكرة مجرد نسخة من الآخرين إلى صناعة حقيقية للنفس والشخصية، ومن الأمور التي تصنع زمالة للطلبة من الجنسين العلاقة بينهما داخل الحرم الجامعي، وهنا نطرح تساؤلا حول كيفية مد جسور علاقة سوية وبناءة بين الطرفين، زمالة حقيقية تفيدهما وتجعل من سنوات الجامعة تجربة مفيدة وممتعة..

البداية مع سارة عبد النبي، طالبة بالفرقة الثالثة بكلية الآثاروتقول: بالطبع في بداية العام الجامعي الأول كانت هناك رهبة في التعامل مع الشباب داخل الكلية، كنت أتعامل معهم في الدروس في مرحلة الثانوي لكن في الجامعة الأمور تختلف لأننا أحيانا نكون جزءامن فريق عمل في الأبحاث والسكاشن ونذهب في رحلات، كان هناك خجل وحذر في البداية لكن بمرور الوقت اعتدت على الأمر طالما هناك حدودفي التعامل ووضوح أيضا، لقد استفدت للغاية من زملائي في الحصول على المراجعات النهائية وبعض الأوراق التي تخص الدراسة في أوقات متأخرة وغيرها من الأمور, وأرى أن التجربة تصبح سوية ومحترمة إذا عرف الطرفان ماذا يريدان منذ البداية وعلى هذا الأساس يتم التعامل.

أما أحمد سعد الله، طالب بالفرقة الرابعة بكلية التجارة فيرى أن العلاقة بين الشباب والفتيات بالجامعة لا يمكن أن تسير وفق تصور واحد فهي تختلف حسب أسلوب تربية كل شخصية والتجارب التي مرت بها، وبالنسبة لي كانت الأمور مختلفة فمدرستي كانت مختلطة، وفي الدروس أيضا كنا نتقابل ونتعامل عند تصوير الأوراق، كانت الفتاة كزميلة وصديقة أمرا عاديا، التعرف على وجهة نظر البنات في بعض الأمور يكون جيدا للغاية، تقابلنا في الأسر الجامعية، وعند إعداد الندوات بالكلية، المهم أن يكون التعامل مرهونا بوجود أشياء مشتركة وحقيقةوليس كلام لمجرد الكلام، لي صديقات من مختلف الكليات تجمعنا اهتمامات الشعر والأدب، ونذهب سويا لحفلات توقيع الكتب المختلفة، ونذهب إلى الرحلات، أحترمهم ويحترمونني، ولا أرى أن في الأمر مشكلة أبدا.

من نفس وجهة النظر تحدثت ساندي يوسف، في الفرقة الثانية بكلية آداب إعلام والتي تؤكد أن الاستمرار في الحديث عن الصداقة والزمالة بين الشباب والفتيات في الجامعة باعتبارها أمرا غريبا، فطبيعة الحياة الآن تفرض هذا التعامل خاصة وأن سوق العمل سيجبرنا حتى لو ابتعدنا عن التعامل فى الجامعة على التعامل في أي وظيفة سنلتحق بها، فالرجل قد يكون زميلي أو مديري أو يعمل ضمن فريقي، كل هذه الأمور تجبرنا على إيجاد ما يشبه كود للتعامل بين الشباب والفتيات دون النظر لنوع الجنس, تعامل على أساس من الود، فالشباب يكونون مصدر حماية والفتيات مصدرا للعقل والمهارة، وأعتقد أن الحياة الاجتماعية داخل الجامعة تصنع هامشا مقبولا لذلك عبر أنشطة اتحاد الطلبةوالأسروالرحلات وغيرها، فقسم مثل الإعلام مثلانكون فرقالعمل الأبحاثومشاريع المجلات وغيرهاوكل هذا يصنع فرصة للتعامل السوي والصداقات والزمالات المثمرة.

ويرى محمد مرتجي، المعيد بكلية آداب قسم اللغة الفرنسيةأن هناك الكثير من التجارب الإيجابية في هذا الصدد، حيث تمتد الصداقة والزمالة إلى ما بعد الجامعة، ويقول: أصبح الطلبة الآن أكثر وعيا عن الماضي، لم يعد كل طرف يرى في الآخر فرصة للحب والرومانسية، وأصبحت فكرة الزمالة في حد ذاتها أمرا عاديا جدا، طبعا الأمر بحاجة إلى نفسية سوية منذ البداية، أصلا مع وجود الصداقةتتكون رابط أخوية بين الشاب والفتاة تجعله يحاول حمايتها، وهي تساعده أيضا بتلخيص المحاضرات وخلافه، أنا شخصيا تعاونت مع زميلة لي على ترجمة كتاب، وكانت تجربة ممتعة للغاية، كان لكل منا أسلوب عمل مختلف، لكننا نجحنا في تكوين صيغة عمل مشتركة، يجب على الأهل والطلبة والمجتمع أن يدركواأهمية التعامل السوي داخل الجامعة بين الجنسينلأن الاختلاط بينهما لن ينتهي هنابل سيستمر في العمل وفي الحياة، فنحن في النهاية لا نعيش في جزر منفصلة.

مؤثرات التنشئة

يقول د. أمجد مصيلحي، أستاذ علم الاجتماع:تقوم المجتمعات على عنصري الذكر والأنثى ومحاولة الفصل بينهما هي أمر مناف للطبيعة، وأعتقد أن الأمر يرجع إلى التربية في البيت والمدرسة، وتواجد الأولاد مع البنات في المدرسة هو أمر صحي، لأنه لا يحولهم إلى كائنات خرافية بالنسبة لبعضهما البعض، بالطبع قد يحدث انجذاب وهذا طبيعيلكن بالإمكان توجيه الطاقة داخل كل منهما إلى التركيز في الاهتمامات المشتركة رياضة, نوادي, قراءة، مشاريع علمية، أما قبل الجامعة فيجب على الأم أن تحدث ابنتها على ضرورة التعامل باحترام، وبالمثل الشاب أن يخبره الأهل بأن زميلاته مثل أخواته، وأن يشجعا على وجود مثل هذه العلاقات بعلم الأهل، ففي سوق العمل والوظائف في الشركات الكبرى الفتاة والشاب سيتجاوران حيث الكفاءة هي المعيار وليس نوع الجنس، ويجب أن يدركا جيدا أن العلاقة بين الولد والبنت ليست مجرد الرومانسية، فالفتاة زميلة عمل وأخت وعميلة للشركة ومديرة وغيرها، والمجتمع الآن أصبح أكثر وعيا تجاه ذلكلأن هذا ما يفرضه نظام الحياة الجديد، وأعتقد أننا بحاجة إلى أعمال درامية تناقش مفهوم الصداقة والزمالة بشكل موضوعي وجاذب للشباب.

أمر صحى

ترى د. أمنية عزمي، خبيرة الصحة النفسية أن الصداقات عموما مهمة من أجل الصحة النفسية للإنسان، وفي المرحلةالجامعية يشعر الطالب أو الطالبة في البداية بالخوف والوحدة داخل عالم جديد، قد يحدث التباس في البداية خاصة لو لم يكن هناك اختلاطا من قبل، لكن مع مرور الوقت والاحتكاك المستمر سيصبح الأمر عاديا، ثم إن المرء يتعلم بالخطأ، ومنع الشباب عن التعامل مع الفتيات قد يؤدي إلى نتائج سلبية أكثر، لذا يجب أن تكون الجامعة فرصة للتعامل السوي والطبيعي وجزءا من التجربة التربوية للشباب والفتيات تؤهلهم للمرحلة التالية من حياتهم، وهي أن الذكر والأنثى هما عمودان للمجتمع ورفيقان وشريكان ليس بالزواج فحسبلكن في العمل والحياة عموما عبر الزمالة المحترمةوالصداقة المبنية على الود واحترام الآخر وخصوصيته.

أسس العلاقات

أما سالي عبد التواب، الخبيرة التربوية فترى أن التعامل بين الشباب والفتيات في الجامعة يجب أن يكون ضمن أسس معينة أولها احترام الاختلاف بينهما، يعني أن تدرك الفتاة جيدا أن الصديق والزميل الولد ليس مثل الفتاة، بمعنى أن عنصر الخصوصية يجب أن يتوفر، فليس كل الأمور يمكن حكايتها للشاب، وهذا يعني أن الأمور الشخصية المتعلقة بالأهل، أو الأمور العاطفية، ليست مجالا للحديث بين فتاة وزميلها في الجامعة، لأنه من الوارد أن يحدث خلاففي أي وقت مثلما يحدث بين الفتيات عادة، فلا يتحول ما قالته إلى فرصة لابتزازها أو أن تخجل منه، وبالمثل على الشاب أن يدرك أن الجامعة ليست مكانا لصيد الحب وإنما مكانا للمشاركة البناءة، وهذا يجب أن يأتي من داخل الأسرة، فإذا نشأ الشاب في بيت يحترم الأنثى من أم وأخت بدوره سيوجه هذا الاحترام نحو الزميلة والصديقة.

المصدر: كتبت : أماني ربيع
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1994 مشاهدة
نشرت فى 23 أكتوبر 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,830,595

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز