كتبت لك الأسبوع الماضى طرف من حكاية الحاج عبدالواحد من الصعيد, وأكملتها ابنته الكبرى إيناس خريجة كلية التجارة التى تعمل فى إحدى الشركات وهى متزوجة وأم لابنة جميلة ووالدها الحاج عبدالواحد كان موظفاً كبيراً فى أحد دواوين الحكومة.
قد أنجبت إيناس وبعدها أختها إيمان خريجة كلية التجارة أيضا التى تزوجت وأنجبت ابنة أيضا, وأخيرا جاء ابنه الوحيد أحمد 28 سنة خريج كلية الألسن الذى كان يعمل مدرسا للغة الإنجليزية بإحدى مدارس اللغات, وكان ابنا هادئا جميلا لطيفا يحبه أبيه وأختيه وأمه التى تعرضت لذات الرئة, وتأثر أحمد كثيرا لشدة تعلقه بها وصار أكثر انعزالا عما قبل رغم حنان والده وحبه له, وكان والدهم قد اشترى بكل ثروته ومكافأة نهاية الخدمة ثلاث شقق تمليك لأولاده الثلاثة البنتين والولد, وفعلا تزوجت ابنتاه فى شقتيهما التمليك، أما أحمد فقد اشترط على والده أن يؤثث له الشقة من الألف إلى الياء ثم يأتي اختيار العروس بعد ذلك, ولم يتأخر والده بل ساهم إخوته البنات فى تأثيث شقة كاملة وجميلة لا ينقصها شيء, ولما طالبوه باختيار العروس المناسبة التى يرتضيها لمشاركته حياته أخذ يؤجل, وكلما عرضوا عليه فتاة من الأسرة يؤجل البت فى الأمر حتى كانت المفاجأة ذات يوم أغبر لم يتوقعه والده ولا إخوته اللتان تعطفان عليه وتحبانه!
************
واستطردت إيناس الابنة الكبرى للحاج عبدالواحد ..ذات صباح طرق والدى باب غرفة أخى أحمد وكان هو كل حياته فى البيت بعد رحيل أمى, ولما طرق الباب ولمن يتلق ردا فتح الباب ودخل فوجد أخى أحمد قد أخذ كل ملابسه ومتعلقاته وكتبه وكمانه الذى يهوى العزف عليه وغادر البيت هكذا دون سابق إنذار دون أن يخطر أبى، وهاتفنى أبى وكنت فى منزلى أعد الإفطار لزوجى وابنتى.. قال :
- الحقينى يا إيناس.. أخوك لم هدومه وحاجاته ومش موجود فى البيت.. ماحدش زعله ولا كلمه وأنت عارفة.. أنا قلقان عليه!
قلت لأبى: سأضع ملابسى فوراً وأذهب إلى شقته ربما يكون هناك وسوف أطلبك حالا لا تقلق!
************
واستطردت إيناس وذهبت إلى شقة أخى وضربت الجرس كثيرا ووقفت مدة طويلة على الباب ثم أخيراً فتح أخى الباب وسألته.. لماذا فعلت ذلك بأبيك؟ عندما تتزوج يكون الأمر مختلفا لكن عندما تترك أبيك يكون فيه سبب؟ سكت أخى ثم قال: دى حرية شخصية أنا حر أفعل ما أريد لا أريد وصاية من أحد منكم.. ولما أعوز حد منكم أنا الذى سوف أطلبه.. مع السلامة! وأدار ظهره وتركنى واقفة على الباب وأغلق الباب وتركني واقفة!
************
واستطردت إيناس.. وأسقط فى يدى! ما الذى أقوله لأبى عن معبوده الصغير؟ قلت لأبى أحمد كويس يا بابا اطمئن بس عاوز يقعد فى شقته شوية ماتقلقش! لكن قلب الأب لم يطاوعه وجاء إلى شقة ابنه فرفض ابنه أن يفتح له الباب! أقسم بالله هكذا بدون سبب!
وقال الجميع إنه أصيب بمرض نفسى لأنه انعزل عن الدنيا وأصبح لا يذهب إلى عمله ولا يكلم أحدا.. هكذا وإذا رن جرس الباب لا يفتح ولا يرد على الهاتف, وأبى يبكى وعلى وشك أن يموت, وعندما كلمه أحد أعمامه من خلف الباب مهددا بكسر باب الشقة قال له: لا أحد سوف يزعجنى وإذا لم تنزل أنا آسف سوف أطلب لك البوليس .
قالت إيناس: أبى منهار والكل يقول أن أخي يعانى من حالة نفسية صعبة فماذا نفعل وهو رافض أن يعترف بأنه مريض ويحتاج لعلاج ورافض مساعدة الأهل ويقول أنا لا أريد مساعدة من أحد وحالنا لا يسر عدوا ولا حبيبا ماذا نفعل؟
************
استنجد بقرائى وقارئاتى لكى نحل معا هذه المشكلة, أود من كل قلبى أن أفعل شيئا لأسرة الحاج عبدالواحد لكننى حقيقة لا أعرف! هو غير مقتنع بأنه مريض يحتاج لعلاج وإجباره على العلاج, كيف يكون إذا كان هو يرفض العلاج؟ أنا محتارة وأرانى عاجزة عن أى إجراء سوى أن يدخل الوالد مع طبيب متخصص إلى ابنه ويقنعاه بضرورة العلاج؟
أرجو مساعدة القراء فى حل المشكلة!
ساحة النقاش