سكينة السادات
هل هذا المثل المصرى صحيح مائة فى المائة؟ هل فعلا كل البنات عبارة عن مستنسخات من أمهاتهن؟ أقول إننى رأيت فعلا بناتا يشبهن أمهاتهن أبدا ورأيت أخريات مختلفات تماما عن الأم، وكل أم وكل ابنه لها ظروفها الخاصة! فما رأيكم؟
•
قالت قارئتى الابنة أسماء 26) سنة) وهى جامعية جمالها مصرى أصيل، فهى خمرية اللون تتسم بملامح شرقية جميلة لها عيون سوداء وتقاطيع متناسقة وشعر أسود طويل وقوام رشيق وصوت هادئ ووجه مريح!
قالت.. المثل المصرى الذى يقول "اكفى القدرة على فمها تطلع البنت لأمها" قضى على سعادتى ومستقبلى دون وجه حق! ظلمنى ذلك المثل ظلما بينا وسأحكى لك كيف حدث ذلك!
نشأت فى أسرة متوسطة أو يمكن أن نقول أسرة ميسورة بعض الشيء، فقد كان ولا يزال أبى يعمل مهندسا فى شركة مصرية معروفة، أما والدتى فقد كانت تصغره بأكثر من خمسة عشر عاما وكانت جميلة جدا وأيضا كانت ميسورة ماليا، فقد ورثت عن والدها مالا وعقارا وورثت عنه اسما عريقا لعائلة تعرفها مصر جيدا كأسرة وطنية محترمة، وكانت أمى ولا تزال تفتخر باسم عائلتها، وأنجبت أمى ثلاثة أبناء ولد واحد وهو الصغير وأنا الابنة الوسطى وتكبرنى شقيقتى بخمسة سنوات وهى جامعية متزوجة زواجا سعيدا من ابن خالتها الضابط بالجيش المصرى ولها منه ابن وابنة فى غاية الجمال واللطف، أما أخى الذى هو آخر العنقود كما يقولون فهو ما زال فى آخر سنة بالمدرسة الثانوية!
•
واستطردت الابنة أسماء.. حياتنا يعتبرها كل الناس موفقة وناجحة بكل المقاييس فوالدى يحب زوجته - أمى - حبا جارفا إلى درجة أنه يصمم على ألا يتعبها فى أى شيء ولا يحملها أية أعباء! فهو الذى يعد لها فنجان القهوة كل الصباح كما يعد لها الإفطار ويحمله لها فى الفراش وهى ما زالت راقدة، وهو يستمتع بذلك ويعتبر ذلك الأمر من دلائل شدة حبه لها وحرصه على راحتها وسعادتها!! وهو -أبى- الذى يعطى تعليماته للطباخ والخادمة وهو الذى يتولى شئوننا بنفسه، وكانت ولا تزال أمى تحبه وتحترمه كثيرا وتعتمد عليه اعتمادا كليا فى كل شيء حتى فى أبسط الأمور التى تهمها هى شخصياً كأن يختار معها ملابسها وأحذيتها ومكياجها!!
أما بالنسبة لنا أنا وأختى فقد كانت أمى تشاركنا فى اختيار متعلقاتنا وكانت ولا تزال صاحبة ذوق رفيع وشياكة وأناقة منقطعة النظير، ومع ذلك كانت العبارة التى لا تفارق لسانها دائما - لازم نأخذ رأى بابا هو أدرى مننا كلنا بكل حاجة! ولا يخفى والدى سواء فى وجودنا وحدنا فى المنزل أو وجود ضيوف حبه وولائه لزوجته وإصراره على خدمتها بنفسه، فقد كان يفتخر بذلك ولا يعتبره انتقاصا من رجولته بل دليلا على حبه وسعادته بزوجته!!
وحصلت أختى على شهادتها الجامعية وتقدم ابن خالتنا الضابط لخطبتها، وكان بينهما تفاهم وحب مسبق، وللعلم فإن خالتى تحب أمى كثيرا وتعتبرها قدوتها فى الحياة وأمى أيضا تعطف عليها وتفضلها على باقى أخوتها وأهلها، وتزوجت أختى وأنجبت طفلين وهى تعمل باحثة اجتماعية وتتولى خالتى رعاية الطفلين فى غيابها إذ يسكنون فى عمارة واحدة، ولأن زوجها دائما فى عمله ليل ونهار تبعا لأوامر جيشنا الباسل فى ورديات دائمة!
وآتى إلى حكايتى أنا فقد ارتبطت بزميل وأنا فى كلية الهندسة يكبرنى بعامين فقط، وهو من أسرة أقل من مستوانا الاجتماعى، فوالده مزارع يعيش فى إحدى قرى دلتا مصر وزميلى له عدة أخوة وأخوات وأمه تعتبره درة العائلة، فهو الباشمهندس العظيم الذين كافحوا ماليا كثيراً من أجل أن يدخل كلية الهندسة رغم حصوله على مجموع كبير وهو المسئول عن تعليم وزواج أخوته الصغار .
لكننى يا سيدتى أحببته لرجولته وبره بأهله وعفة نفسه وصراحته، فهو لا يكذب مثل كل شباب هذه الأيام ومع مرور الأيام والسنين اعترفت لأمى بحبى له لكن لم نتخذ أى قرار بهذا الشأن، وسمح والدى له بزيارتنا عدة مرات وكانت مفاجأة أن لاحظت أنه تغير بعض الشيء بعد زيارته لبيتنا، ثم فوجئت بما قاله لى...
الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية.
ساحة النقاش