كتبت : سماح موسي
"رب ضارة نافعة" حكمة ظهر معناها خلال جائحة كورونا التى فرضت تطوير التعليم خاصة الجامعي حيث تحول من الطريقة التقليدية التي تعتمد على حضور الطالب المحاضرات داخل الحرم الجامعي إلى محاضرات نقاشية عبر شبكات الانترنت يديرها أستاذ المادة مع الطلبة بكل بساطة، فهل بهذا نكون قطعنا شوطا في تطوير التعليم الجامعي أم نحتاج إلى مزيد من التطوير؟، وهل يلغى التعلم عن بعد دور الكتاب الجامعي؟، وماذا عن تقييم نظام الأبحاث التي تم الاستعاضة به عن الامتحانات العام الماضي؟
تساؤلات عديدة حاولنا الإجابة عنها فى هذا التحقيق..
في البداية يقول أحمد عبدالرحمن، طالب بالفرقة الثانية بكلية الآداب جامعة عين شمس: أرى أن تحويل التعليم إلى أون لاين أسلوب مناسب للطلاب خاصة بعد انتشار التكنولوجيا واستخدام الشباب لها.
أما رشدي إبراهيم، طالب بالفرقة الثالثة بكلية تجارة جامعة الزقازيق فيقول: نحتاج إلى مزيد من الإجراءات لتحسن جودة التعليم الجامعي وفى مقدمتها تعديل المناهج لمواكبة متطلبات العصر ودعم الأنشطة الطلابية خاصة الفنية والرياضية والعلمية على مستوى الجامعات.
وتقول رقية رامي، طالبة بالفرقة الثانية بكلية التربية جامعة الزقازيق: لاشك أن النظام التعليمى الجديد يواكب العصر ويستخدم التكنولوجيا بشكل إيجابى لكننى أتطلع لإيجاد نظام تقييم غير الأبحاث التى تم تنفيذه خلال العام الماضى خاصة وأنه ليس وسيلة لتقييم الطالب الذى قد يطلب مساعدة غيره فى إتمام البحث.
مزايا عديدة
بعد أن سردنا لآراء العديد من الطلبة حول ما يحتاجونه من التعليم الجامعي توجهنا إلى خبراء التعليم الجامعي لنتعرف عما وصلنا إليه في تطوير التعليم الجامعي وما نحتاجه لتقدم أكثر بدءا من أداء الأستاذ إلى تغيير نمط الامتحانات.
يقول د. جمال شفيق أحمد، أستاذ علم النفس الإكلينيكي بجامعة عين شمس وأمين لجنة قطاع الطفولة ورياض الأطفال بالمجلس الأعلى للجامعات: دفعت جائحة كورونا وزارة التعليم العالى إلى اتخاذ بعض الإجراءات للحفاظ على صحة الطلاب والتى كان فى مقدمتها تحويل المقررات الدراسية التى كان من المفترض أن يقوم المحاضر بتدريسها داخل قاعات المحاضرات إلى محاضرات إلكترونية تبث من خلال منصات تعليمية خاصة بكل كلية وقسم وهو يعد أمرا إيجابيا، فالمحاضرة التقليدية داخل المدرجات تشرح مرة واحدة فقط لا تعاد لكن مع النظام الجديد بإمكان الطالب الاستماع إليها أكثر من مرة، ورغم أن قرار تحويل الامتحانات لأبحاث قد يكون صعبا على بعض الطلبة لكنه أعطى لهم مهارات وقدرات وخبرات في مجال البحث العلمي حيث أصبحوا قادرين على الوصول للمعلومات وعرضها بشكل يختلف من طالب لآخر ما يساعد على تنمية ملكة الإبداع لدى الطالب وهو ما لمسناه فى البحوث المقدمة من الطلاب والتى كان بعضها على درجة عالية من الاحترافية.
ويتابع: المنظومة التعليمية الجديدة قائمة على سياسة منظمة واحدة وطريقة المحاضرات وأسلوب الأستاذ والكتاب الجامعي ومراجعة المحاضرات ونظام الامتحانات والتى يجب أن تتواكب مع الطريقة التي تم بها التدريس وأصبح نظام الامتحان يقيم درجة فهم الطالب واستيعابه للفكرة ومناقشاته وهذا النوع من الاختبارات يميز الطالب المتصفح من الحافظ للمعلومة وليس معنى هذا أن الكتاب الجامعي سيلغي بل أنه هو مرجع أساسي ثابت للطلبة له قيمته فجميع العلماء أبحاثهم منشوره داخل كتب وليس جميعها تنشر على شبكات الانترنت، ونحن بالمجلس الأعلى للجامعات نطمئن الطلبة أن هناك تخطيطا منظما ودقيقا وهناك استعدادات لبث المقررات وتفاعل الطلبة مع الأستاذ بشكل كامل فيه إفادة للطالب وتوفيرا للوقت والمجهود ومصاريف التنقلات خاصة الطلبة ساكني الأقاليم.
دمج بين النظامين
أما د. منى عبدالهادي سعودى، أستاذ المناهج بكلية البنات وعميد الكلية سابقا فتقول: من الضروري تطوير العملية التعليمية في الجامعة بحيث يشمل جميع عناصرها بدءا من أداء عضو هيئة التدريس مرورا بالمناهج والمقررات الدراسية ووسائل التقويم وعدم الاعتماد على الأسئلة المقالية فقط ويفترض أن المحاضرات داخل الجامعة عبارة عن حلقات نقاشية بين أستاذ المادة والطالب ويرشده إلى مواقع مرتبطة بالمقررات ليتطلع عليها، وأنا لست مع تحويل المقررات الكلي إلى كتب محاضرات أو كتب إلكترونية فلابد من الدمج بينها والتعلم المباشر.
وتضيف د. منى: الاتجاه الذي أقرته وزارة التعليم العالي بمعنى أن يكون التعليم قبل الجامعي قائما على الدمج شيء وهو مناسب جدا إذا كان كل نوع من التعليم له مميزات وعيوبه، فهناك أقسام لا يطبق عليها هذا النظام ومنها كليتي العلوم والطب لأنها تعتمد على معامل ونشاطات عملية، كما أن نظام الأبحاث الذي طبق العام الماضي وضع طارئ لكن في الظروف العادية غير مقبول فقد يتضمن جزءا صغيرا من أساليب التقييم التي تشمل الاختبارات الشفهية والعملية والتحريرية والتكليفات، كما أننا نحتاج بجانب المعرفة الحديثة تنمية انتماء الطلاب نحو بلدهم خلال المقررات والأنشطة الطلابية ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وعدم نقل الشائعات دون التأكد من صحتها.
أما د. خالد غريب، أستاذ ورئيس قسم الآثار اليونانية الرومانية بجامعة القاهرة، فيقول: يبدأ التطوير من رفع دخل الأستاذ فالمقابل المادي الذي يحصل عليه من أقل الرواتب في الدولة، بالإضافة إلى ضرورة تحويل الكتاب الورقي إلى إلكتروني ليكون مرجعا محترما كما أننى لست من مؤيدى نظام الامتحانات الأمريكي الذي اتبع العام الماضي وإن تم تطبيقه فلا ينبغى أن يعمم على جميع الكليات، أما عن نظام الأبحاث التي أعتبرتها سفينة نجاة خلال العام الماضى، وقد قطعت جامعة القاهرة شوطا كبيرا فى التطوير حيث قاربت من الجيل الرابع للجامعات حيث وضعت قواعد منظمة ورفعنا كل محاضراتنا أون لاين ورغم أن هذا النظام جيد إلا أنه لا يغني عن حضور الطالب والتواجد بعقله بنسبة 60% داخل المحاضرات.
يقول د. حسن شحاتة، أستاذ المناهج بكلية التربية جامعة عين شمس وعضو المجالس القومية المتخصصة: يحقق التعليم الإلكتروني نقلة نوعية فى تاريخ التعليم المصري فلدينا 27جامعة حكومية بها برامج متميزة و14 جامعة أهلية تقدم برامج دولية و3 جامعات تكنولوجية تطبق التكنولوجيا والاستخدام الرقمي بجانب الجامعات التي أنشأت في العاصمة الإدارية الجديدة، وقد تم تحويل المقررات في جميع الجامعات إلى تعليم عن بعد وأصبح التعامل الرقمي هو الأساس في التعليم الجامعي والتوسع في استخدام تكنولوجيا التعليم في المعامل والورش وأماكن التطبيق الميداني في الجامعات المختلفة، بالإضافة إلى تخفيض أعداد الطلبة في الجامعات الحكومية والخاصة.
أهمية التعلم الإلكترونى
تقول د. هناء جلال، مدرس أصول التربية بكلية التربية بجامعة المنوفية: تسعى الجامعات المصرية إلى رفع مستوى أدائها باستغلال كل موارد البيئة الداخلية المتاحة ووفق استراتيجية تعمل على ترقية جودة مخرجاتها التعليمية والبحثية، وبالنظر إلى الجامعات العالمية وتحليل تجاربها فإن التعليم الإلكتروني أحد أهم الطرق الحديثة التي استخدمتها الجامعات العالمية وبدأت مصر تهتم بالتحول الإلكتروني في مجال التعليم بصفة عامة والجامعي خاصة، بالإضافة إلى ذلك فإن التعليم الإلكتروني يسهم في توسيع مدارك الطالب ويعطيه خيارات متعددة في الحصول على المعرفة وفرص عمل فعلية جيدة.
ساحة النقاش