اشراف : ايمان عبدالرحمن - سماح موسى-  شيماء أبو النصر-  جلال الغندور - أماني ربيع-  هدى إسماعيل

"جواز على ورقة طلاق" هذا باختصار حال الكثير من الزيجات التى تنتهى سريعا بعد أيام وربما فى الشهور الأولى من الزواج حتى توارت عبارة "خراب البيوت مش بالساهل" والتى كنا كثيرا ما نسمعها من أمهاتنا، فالأرقام الرسمية لنسب وقوع حالات الطلاق كبيرة ومفزعة والتى وصلت إلى تسجيل حالتين كل دقيقة ما يدق جرس إنذار شديد الخطورة لإنقاذ بيوتنا من شبح الانفصال الذى يهدد الكثير من الأسر التى أصبح التفاهم فيها عملة نادرة..

 

تشير أحدث الدراسات إلى وقوع حالة طلاق كل دقيقتين، بينما وصل إجمالى حالات الطلاق خلال عام 2021 طبقا لآخر إحصائية للجهاز المركزى للإحصاء 255 ألف حالة سنوياً.

 

وفى التقرير الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أكد أن عدد عقود الزواج على مستوى الجمهورية بلغ 876015 عقداً عام 2020، بينما بلغت حالات الطلاق خلال العام نفسه 222036 حالة طلاق، ثم زادت إلى 255 ألف فى 2022 وأنه يوجد 8.7 حالة زواج مقابل 2.2 حالة طلاق لكل ألف من السكان.

 

الإفتاء تحذر

واستشعارا لحجم المشكلة وانتشارها فى المجتمع وتأثيرها على الأبناء أكدت دار الإفتاء على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى وفى محاولة للحفاظ على الاستقرار الأسرى وطرد شبح الانفصال يجب على الزوجين أن يكونا أكثر حكمة، وألا يجعلا أسرتهما البسيطة الناشئة مرتعا لتلقي النصائح من هذا أو ذاك ممن ليس له أحيانا علاقة بالموضوع، وأن يتعلما أن النصيحة لا تؤتي ثمارها في الحياة الزوجية إلا إذا كانت هناك حاجة إليها، وأن يدركا أن من ينصحهما يرى الموضوع من وجهة نظره الشخصية، حتى وإن كان أقرب أقربائهما مثل الأم، وهكذا ربما يغيب عنه بعض الجوانب ومن ثم تصير نصيحته قليلة الفائدة ضعيفة الأثر.

 

أسباب الطلاق

عن أزمة الطلاق وأهم أسبابها تقول د. سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: إن أسباب الطلاق متعددة ومنها الفجوة التى يصنعها الطرفان بين الحياة الواقعية والأحلام وارتفاع سقف الطموحات والوعود التى يريد كل طرف تحقيقها وتحصيلها من الطرف الثانى، ثم تأتى الضغوط الاقتصادية وعدم القدرة على التعامل معها بمرونة والالتزام بأولويات الإنفاق، فيكتفى الطرفان بالتذمر والشكوى والإحساس بثقل مسئولية الزواج على عاتقهما فتكثر الخلافات ومع أى فرصة يظهر شبح الطلاق، وكذلك تدخل الأهل فى كثير من الأحيان بالنصائح التى تفاقم الوضع, فأحيانا الأخت الكبرى تسعى لأن تكون ناصحة للصغرى التى تشكو إليها من زوجها, فتكون نصيحتها عدم تجاهل المشكلة بل التصعيد وترك منزل الزوجية حتى لا يجرؤ زوجها على إغضابها مرة أخرى رغم أن المشكلة نفسها بسيطة، كذلك غياب التكافؤ المادى والتعليمى وعدم التدقيق فى مزايا وعيوب الطرف الآخر فى فترة الخطوبة, وكأن الهدف هو حدوث الزواج فى حد ذاته فى غياب القدرة على الحفاظ عليه, فالزواج مشروع اجتماعى ومؤسسة كاملة يجب أن تتوافر لها آليات البقاء والاستمرار بنجاح رغم صعوبات ومواقف الحياة المتغيرة.

 

وتتابع: من أخطر أسباب الطلاق أيضا قلة الحوار الأسرى وإدمان مواقع التواصل الاجتماعى وهو ما نعانى منه مؤخرا, فقصص الزواج والطلاق أصبحت سلعة رائجة عند من يطلقون على أنفسهم "يوتيوبر" وهوس تقليدهم من المعجبين والمتابعين لهم، فللأسف أصبح الكثير من الشباب والبنات أسرى الواقع الافتراضى المخادع والنتيجة بيوت هشة تسقط عند أول مشكلة، بالإضافة إلى الكثير من المسلسلات الدرامية التى تشجع على الطلاق كحل لأى مشكلة تواجه المرأة وأنه لا داعى للصبر أو حل المشكلات بمرونة لكن الأفضل الطلاق, والنتيجة مطلقات كثيرات يتحملن العبء المادى الأكبر للإنفاق على أبنائهم والمسئولية المضاعفة وأبناء يفقدون آباءهم واهتمامهم بهم وهم على قيد الحياة.

 

 وتؤكد د. خضر أن من أهم الآثار السلبية لانتشار الطلاق عزوف الشباب من الجنسين عن الزواج، وتقول: كثيرا ما أتحدث مع طلابى فى الجامعة أو فى المحيط الاجتماعى على الزواج وأهميته لأفاجأ بهذا الرد الصادم لماذا خطوة الزواج وهى محكوم عليها بالفشل, ويبدأ الكلام عن وقوع حالات طلاق كثيرة سواء لأصدقاء لهم أو معارف أو جيران، لذا أرى أن الحفاظ على استقرار بيوتنا تبدأ بإعادة الهيبة والمكانة الاجتماعية لها, فيجب أن يتربى الأبناء على احترام البيت والأسرة، وإعادة قيمة المودة والرحمة للزواج, وأنه ليس معركة يجب أن ينتصر فيها طرف ويفرض سيطرته على الآخر، وأشارت إلى أن الاستماع إلى النصائح التقليدية وتنفيذها مثل "ادبح لها القطة, وأنت الراجل والكلمة كلمتك ومراتك ولا حاجة, أو نار الطلاق ولا جنة الزواج, وردى له الكلمة بعشر" تؤدى إلى وقوع عنف بين الأزواج وتكون النهاية فى محكمة الأسرة.

 

سوء الاختيار

من جانبها ترى د. سامية قدرى، أستاذ علم اجتماع بجامعة عين شمس أن سوء الاختيار يأتى فى مقدمة أسباب الطلاق، وتقول: الزواج ليس "فسحة" لكنه رحلة حياة كاملة بها الكثير من العقبات التى يجب أن يواجهها الزوجان للمرور بسفينة الرحلة فى أمواج الحياة بسلام للحفاظ على الاستقرار الأسرى بينهما، ثم تأتى العوامل الاقتصادية وعدم القدرة على التعامل بذكاء ومرونة مع متطلبات الحياة, ثم تأتى تدخلات الأهل والأقارب التى تسرع من حدوث الطلاق، لذلك تأتى أهمية التحاق المقبلين على الزواج بالدورات المتخصصة للتوعية حول أهمية الحياة الزوجية والأساليب الجيدة مع تقديم النصائح والتجارب الحياتية والتدريب على القيام بالواجبات الأسرية وغرس قيمة الحوار كأسلوب لحل أى مشكلة وكيفية مواجهة المشكلات الزوجية بتعقل بعيدا عن تدخل الأهل والتعصب لكل طرف على حساب الآخر.

 

وتضيف: يبدأ الحفاظ على مؤسسة الزواج منذ فترة الخطوبة باعتبارها فرصة للتفاهم ودراسة الشخصيات ومعرفة حقيقة الوضع المادى بعيدا عن الطموحات الكبيرة، والتفاهم حول ترتيبات الزواج دون ضغط، وبعد الزواج يجب أن يكون هناك حوار دائم بين الزوجين حتى ولو لفترات قصيرة لفهم احتياجات كل منهما، والسؤال عما لا نفهمه من تصرفات أو ردود أفعال، واللجوء إلى المتخصصين في العلاقات الزوجية مع تفاقم أى مشكلة وعدم قدرة الطرفين على الحل وذلك بعيدا عن تدخل الأهل، وكذلك يجب التدريب على فن العشرة وتبادل المشاعر الطيبة ببساطة والتعبير عنها، وتقدير أثر الكلمة الطيبة على شريك الحياة، وأن يراعى كل طرف المرحلة الانتقالية التى يمر بها الآخر فى بداية الزواج، وكذلك الاتفاق على نظام المنزل مثل كيفية إدارة الميزانية ومواعيد زيارات الأهل، وكيفية مناقشة أى أمر يخص الأسرة، وأسلوب تربية الأطفال، وتنسيق التزامات الحياة المادية بين الزوجين باتفاق ورضا الطرفين للحفاظ على استقرار الأسرة والأبناء.

المصدر: اشراف : ايمان عبدالرحمن - سماح موسى- شيماء أبو النصر- جلال الغندور - أماني ربيع- هدى إسماعيل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 447 مشاهدة
نشرت فى 10 يونيو 2022 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,468,936

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز