أفاء الخالق العظيم على البشرية بنعم لا تعد .. واختص نخبة من عباده بقدرات خاصة ومواهب تمثل المعنى الحقيقى للعبقرية الانسانية .. وفى هذا الإطار هناك عظماء خلدهم التاريخ من المكفوفين مثل : لويس برايل «1809 - 1852» المولود باحدى ضواحى باريس وحرم من نعمة البصر وهو فى الثالثة .. وكان له سبق اختراع طريقة سهلة للقراءة والكتابة للمكفوفين عرفت باسم طريقة «برايل» .. وأيضا طور طابعة عرفت قبل الآلة الكاتبة بخمسين عاما .. وبذلك أضاء الطريق للملايين.

وهناك العبقرية الفذة الانجليزية هيلين كيلر «1880 - 1968» والتى ولدت صماء كفيفة وتعد أحد رموز الإرادة الانسانية.. وحصلت على دكتوراه فى العلوم ودكتوراه فى الفلسفة.. ومن مؤلفاتها «أضواء فى ظلامى» .. وكتاب «قصة حياتى» . أيضا عميد الأدب العربى د. طه حسين «1889 - 1973» .. أحد كبار المفكرين العرب والذى فقد بصره فى الطفولة ورغم هذا دخل الأزهر ودرس بجامعة السوربون وأصبح وزير للتعليم عام 1950 ومن مؤلفاته الشهيرة الأيام ودعاء الكروان وحديث الاربعاء وفى الأدب الجاهلى .

والمدهش أن هناك فنانون وفنانات من المكفوفين .. صورو الحياة بالألوان ومنهم أيضا من شكل أعمالا نحتية تؤكد قوة الموهبة وأناقة الأداء وجمال التعبير .

أسريف التركي

يعد الفنان أسريف اربجان علامة على العبقرية الانسانية .. وقد ادهش علماء أوروبا وأمريكا .. والسبب عجيب .. فهذا الفنان لم ير النور فى حياته فقد ولد كفيفا .. وأكد الطب ذلك .. ورغم هذا يرسم بعقله وقلبه واحساسه ومشاعره لوحات رائعة تجمع بين الواقعية والتعبيرية .. صور فيها الحياة فى تخيلات بديعة للمسات تتميز بتناسق الألوان ودنيا التفاصيل الصغيرة والالتزام بالمنظور . يقول عنه البروفسير كنيدى بجامعة تورنيتو : اسريف شخص مهم فى تاريخ الصورة وتاريخ المعرفة وأعماله الفنية تستحق الاهتمام والتقدير والدراسة والتأمل .. وهى غير مسبوقة فى تاريخ الفن.

ومن بين لوحات اسريف: صور عالم البحار وسمكة تقوم بالعزف على الكمان وسط مجموعة من الاسماك.. كما صور فى لوحة طواحين الهواء وطريق ممتد بلا نهاية وعلى جانبه خضرة يانعة .. وهى تتألق بالاخضر والأحمر الوردى والاصفر الهادىء .. وفى لوحة اخرى صور اشجاراً خضراء مزهرة ومياهاً لنهر هادىء بأزرق سماوى وفى مقدمة اللوحة رجل وسط كل تلك الغنائيات التى تجود بها الطبيعة .

ولأسريف لوحة لطبيعة صامتة جاءت تشدو بطزاجة الفواكه من البطيخ والعنب الأحمر والأسود والكمثرى والتفاح والكريز على طبق أبيض مشوب بالزرقة .

ومن أمريكا هناك الفنانة بربارا رومان من لوس انجلوس .. وقد اصيبت فى الشبكية وتدهورت رؤيتها منذ عام 1984 إلا أنها ترسم حاليا برؤية داخلية وقد درست الفن فى اكاديمية الفنون بفلادلفيا واكاديمية الفن والتصميم بلوس انجلوس .

تقول : «أنا فى رسومى انقل تفكيرى ولغتى التعبيرية بتأن شديد.. وقد أصبحت ألوانى متطورة فى توافق وانسجام .. هذا ما يقوله من يرى لوحاتى .. وهى ليست مستلهمة من الإبصار بل من البصيرة .. مستلهمة بما اسمع وأتذكر واتخيل» .

وبربارا تستمع إلى الموسيقى اثناء ممارستها للفن تأكيدا على تعبير : العين تسمع والأذن ترى .

أما دون لورا فهو نحات فقد بصره وعمره 37 عاما ومنذ هذا التاريخ درس فن النحت بمتحف فلادلفيا للفنون .. وهو سعيد بعالم التشكيل الذى يجعله دائما فى رضا عن نفسه كما يسعد به الآخرون من حوله .. ولغتة الفنية تجسد فى لمسات تعبيرية شخوصا وصوراً من الحياة .

البحر والحدائق :

ولاشك أن أعمال كارميللو بنيللو تمثل صورة حية للحدائق وحياة البشر وحركة البشر بالمدن وأعماله عموما تتكرر فيها الدوائر التى ترمز الى حدقة العين خاصة وقد اصيب كارميللو فى الحدقة التى حرمته من البصر .. وأعماله يغلب عليها الاصفر المضىء والبيج والأسود .

- اما إميلى اسكواز فقد اصيبت بصدمة أثرت على رؤيتها وافقدتها البصر وكانت ترسم بالألوان المائية لكنها انتقلت الى الرسم بالزيت حيث تجد متعة أكثر من خلال التعبيرات الذاتية التى تقدمها .. وهى تقول : أننى أشعر أن الألوان أكثر تألقا واجد سهولة فى التعامل معها .

- وتشكل انديرا ميلوك العديد من التمتاثيل .. فقد أصبح النحت بغيتها وطريقها فى الحياة بعد أن اصيبت فى حادث عام 1985 اثر على رؤيتها تأثيرا كبيرا وحادا وافقدها البصر فى النهاية .. وهى تشير إلى أن التشكيل يجلب لها السعادة والجوائزحيث تشارك فى العديد من المعارض الجماعية .. ومن أعمالها «تمثال الصرخة» .،

أما لافيراد ديجينز فتقول : أنا أشكر الله على منحة الفن التى اعطاها لى لأكثر من 20 عاما وأصلى له دائما على أننى قادرة على الاستمرار فيه بقدر مايسمح لى وما يمنحه لى من قدرات.

وقد فقدت مارسيا اسبرنج نظرها منذ مولدها وهى تعمل فى مجال الخزف بعد أن درست بجامعة كلورادو وأعمالها عموما يتميز بالملامس المتنوعة فى التشكيل .. وهناك التعبير .. كما تركز أيضا على الوظيفة النفعية للخزف .. مع تشكيلات الامومة التى تفيض بالحب والحنان .

تحية إلى هؤلاء الفنانين والفنانات الذين يجسدون الحياة فى صور متنوعة تبدو أجمل باعمالهم الفنية .. تتألق بجمال التشكيل وسحر التعبير..

 

 

المصدر: صلاح بيصار - مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,254,929

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز