صرخة أنثى

كتب :طاهر البهي

أرجوك لا تلمنى، فلم أقصد أن أسرد قصة أدبية، لأدخل فى الموضوع وأحكى مباشرة عن مشكلتى، وأقول أننى مازلت أعيش فى طور الشباب، وهبنى الله عز وجل جمالا على جمال، جمال الخلقة وروعة الخلق، وقالوا فى ذلك أقوالاً لا أكررها حتى لا أتهم بالنرجسية، والذاتية، والغرور.

ورغم ذلك شاءت إرادة المولى أن أعيش وحيدة، أتجرع برودة الحوائط الأربعة، تركنى والدى مع كثير من الميراث، أموال سائلة، وعقارات، وسيارة فارهة .. ولكنى لا أشعر بكل ذلك، وإن كنت دائمة الحمد لله على ما وهبنى وما رزقنى .. الأهل ابتعدوا عن منزلنا، والعرسان «طفشوا!» لأن أبى رحمة الله عليه كان يرى فى كل من يتقدم لى أن «الطمع باين فى عينيه» ، ومرت السنون، بطيئة، مملة، رتيبة، وبدأت أعرف صبغات الشعر، وشعور بالكبر يتملكنى.

تغلبت على وحدتى، بتعلم كثير من الأشغال النسائية والهوايات، كان فى مقدمتها القراءة، ومن القراءة، خاصة مواقع التواصل الاجتماعى، تعرفت على أخبار كثير من أصدقائى القدامى، وسعدت من أنهم نجحوا فى تكوين أسر ناجحة، وأولاد يزغرد لهم المستقبل، كنت أتردد كثيرا فى مخاطبتهم أو الكشف عن هويتى أمامهم ؛ لأن أول سؤال سوف يشهرونه فى وجهى هو: هيه ولادك أد إيه دلوقتى ؟ وجوزك بيشتغل فين؟ فآثرت الصمت والاستمرار فى الاختباء خلف الأسماء الوهمية.

إلى أن وجدته كان مشروع عريس قديم تعود قصتى معه إلى أعوام عديدة سابقة .

اعترف أن اكتشافى له بعد طول فراق، كان بمبادرة منى، وفتشت فى ألبوم صوره على «فيس بوك» ، وتفاصيل «البروفايل» .. لديه زوجة زى القمر، وأبناء يشرحوا القلب .. أنا فخورة بك يا من كنت ستكون زوجى فى يوم من الأيام .

قضيت ليلة فى منتهى القسوة، ولكنى ابتسمت لكثير من الذكريات المهذبة، حيث اقتصرت ذكرياتى معه على تجمع كبير من الأصدقاء، وبينهما سفر إلى محافظة بعيدة داخل القطر، كان يجلس إلى جوارى فى الحافلة، كنت قد اخترت المقعد الملاصق للنافذة، ورغم أن ضوء الشمس كان مسلطا عليه هو، رغم ذلك لم تبتعد عينيه عن النظر إلى عينى، وأعترف أننى لم أنس هذا الشعاع الخافت، المتسلل إلى قلبى، وكانت أمى قد أوصتنى بقليل من «الآى لاينر» الأخضر بلون النماء، المتجانس مع طرحة زرقاء، تحت أشعة الشمس الذهبية، فبدا كلانا أشبه ما يكون بلوحة رائعة، ضاعف من جمالها ألوان قميصه المختلطة، والأشجار على جانبى الطريق التى تميز دلتا مصر .. كان يحمل كاميرا، ولكنه التزم الوقار، فلم يسجل الذكرى.. وإن كان أبدى حزنه على ذلك .. تطورت الأمور، وفى غفلة من كبريائى ألقيت عليه السلام، كنت قد سألته : فاكرنى ؟!

مجرد رسالة قصيرة ، عابرة، مجرد كلمة، ولكنى فوجئت به يرد بقصة طويلة وصلت إلى 1000 كلمة، من بينها كلام كثير عن ندمه لما حدث بيننا، وبحثه الدائم عنى ، إلى أن فوجئت - بل - صعقت به، يقول لى أنه لديه رسائل منى، ومجموعة من الصور تجمعنا وسط أصدقاء ، وإن لم أعد إليه كزوجة، فهو سوف يبثها عبر الانترنت .. هل يمكن أن ينقذنى القانون من تهديده، فأنا لا أريده بعد أن تحول إلى شيطان يريد اغتيالى !

مني حسين - الابراهيمية

المحرر: سيدتى .. لا ترهقى نفسك فى تذكر الأيام الخوالى، فلا الزمن هو الزمن، ولا البشر هم نفس البشر؛ فكلنا تغيرنا ، تبدلنا ، تلوثنا وأصابنا فيروس الزحام والخطيئة، وتلوثت الثياب النقية البريئة، نتاج ما تجرعناه وشربناه وحقنا به حقنا على مدى سنوات الفساد .. فالأمر واضح جلل، فعليك الاعتراف بأنك مسئولة عن مشكلتك وإن لم تقتربى أكثر من الناس والاحتماء بهم، فلا تلومى أحدا أن شكوت من الوحدة والعزلة .. وبالتالى أصبحت عرضة لأن يطمع فيك الطامعين، وصيدا سهلا لأن تبتلعك الحيتان وقوى الشر المتربصة بكل من يغرد وحيدا .. أنت فتشت عن المتاعب، وحضرت الشيطان بنفسك لنفسك، والآن امتنعى تماما عن التواصل معه، ولو كرر فرض نفسه عليك، هدديه بكشفه لدى زوجته، أو وسطى قريبا تثقين فيه، وغالبا فإنه سوف يرتدع.. وللأسف فإننى لا أجد حلا قانونيا لمشكلتك، إلا الإبلاغ عن ابتزاز هذا الوغد منعدم الأخلاق والضمير

المصدر: مجلة حواء- طاهر البهي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 670 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,879,426

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز