عيد التفاؤل والبشرى

بقلم : أمل مبروك

التفاؤل هو توقع الخير وهو الكلمة الطيبة تجري على اللسان ، و النبي صلى الله عليه وسلم كان يتفاءل باللغة وألفاظها الجميلة، وعندما ندرك الآن ونحن نحتفل بعيد الفطر المبارك أننا قد نجحنا فى أداء فريضة صيام رمضان رغم مشاق ارتفاع درجة الحرارة والعطش الشديد، وعندما نتلفت حولنا فنجد إخواننا المسيحيين هم أيضا يوشكون على الانتهاء من صيام السيدة العذراء مريم ليحتفلوا معنا بعيدها الذى هو من أحب الأعياد لدينا جميعا.. فنحن المسلمون نكرم السيدة العذراء لأن الله طهرها واصطفاها فوق نساء العالمين. أما إخواننا المسيحيون فهذا الصوم له تقدير كبير لديهم, ويندر أن يفطر فيه أحدهم.. بل تصومه الغالبية بزهد وتقشف زائد كإطالة فترة الانقطاع حتى الغروب أحيانا، ومدة هذا الصوم خمسة عشر يوما فقط , تبدأ اول " مسرى " الموافق السابع من شهر اغسطس...عندما ندرك ذلك سوف نستشعر تفاؤلا بمستقبل هذه الأمة التى تمتاز بالتوافق والتناغم بين أبنائها منذ قديم الأزل رغم كل محاولات التفرقة والتشرذم من أعدائنا ومن أصحاب الضمائر الخربة والنفوس المريضة .

وهنا قد يردد بعض المتشائمين : وماذا عن أحداث دهشور ورفح ، وبين هذا وذاك ماذا عما نشهده من ارتفاع يومي فى الأسعار وانحطاط فى الأخلاق .. فكيف إذن نتفاءل؟ وكيف نشعر به ؟

إن التفاؤل يكون فى اتصال القلب بالخالق سبحانه وتعالى ، فالصلاة تفاؤل والذكر تفاؤل ، لأن كلاهما يربط الفاني بالحي الباقي ويمنح المرء قدرات واستعدادات وطاقات نفسية لا يملكها أولئك المحبوسون في قفص المادة.

والدعاء تفاؤل لأن العبد عندما يدعو ربه إنما يكمل بذلك الأسباب المادية المتاحة له لتحقيق الهدف الذى يريد تحقيقه ويدعو من أجله ..ويتحرك بداخله الإحساس بالمسئولية وعدم التواكل .

وحسن الظن بالله تعالى هو قمة التفاؤل.. حسن الظن فيما هو آت فى المستقبل فيحسن العبد ظنه بربه ، وحسن الظن في الحاضر فلا يقرأ الأحداث والأشخاص والمجتمعات قراءةً سلبية قاتمة وإنما يقرؤها قراءة إيجابية معتدلة تُعنى بالجانب الإيجابي وإبرازه والنظر إليه والحفاوة به بقدر ما تعنى برؤية الجانب السلبي برحمة وإشفاق وسعي للتقويم والتصحيح.

النجاح

التفاؤل شعور نفسي عميق واعٍ، يوظف الأشياء الجميلة في أنفسنا ومن حولنا توظيفاً إيجابياً ، وقد ذم القرآن الكريم هؤلاء المتطيرين المتشائمين بدعاوي الأنبياء فقال سبحانه فى سورة يس: " قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ،قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ".. والتشاؤم تراث ضخم في حياة البشرية كلها.. وقد يكون من الأرقام مثل الرقم ثلاثة عشر ، وأحيانا من الحيوانات كالقطط السود ، كما يتشاءم البعض من العقبات والعوائق التي قد تعترض طريقهم ، فإذا وجد الإنسان مشكلةً في بداية عمله أو دراسته أو حياته الزوجية أو سكنه في المنزل الجديد أو علاقته الشخصية مع فلان أو فلان ، تشاءم منها وظن أن الطريق كله طريق شائك شاق!

ولو أن هذا الإنسان تدرب على الصبر وحسن الظن وأدرك أن من طبع الحياة أنها لا تصفو على الدوام وأن الذي يحاول أن يجرب الأشياء الجديدة يحتاج إلى صبر وأناة حتى يفهم سرها ويدرك سنتها ويعرف مفاتحها، لوجد أن من المألوف أن توجد العقبات في بداية الطريق.

وسيدرك أيضا أن التفاؤل يعين على تحسين الصحة العقلية ، فالمتفائل يفكر باعتدال ويبحث عن الحلول ويحصد الأرباح والمكاسب بعيداً عن سيطرة الوهم والخوف والتشاؤم. وهو فى ذلك ليس أعمى ولا واهماً يعيش في الأحلام وإنما هو واقعيٌ يدرك أن الحياة -بقدر ما فيها من المشكلات- يوجد إلى جوارها الحلول وبقدر العقبات توجد الهمم القوية التي تحوِّل المشكلة والأزمة إلى فرصة جميلة.

المتفائل ينجح في عمله لأنه يستقبله بنفس راضية وصبر ودأب ويعتبر أنه في مقام اختبار وهو مصر على النجاح ، وينجح في حياته لأنه يعتبر أن الحياة بصعوباتها هي فرصة للنجاح وإثبات الذات وتحقيق السعادة.

المصدر: مجلة حواء -أمل مبروك

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,737,817

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز