العاملات بالمصانع فى معاناة مستمرة 

 

قامت ثورتى 25يناير و30يونيو وكان الصوت النسائى حاضراً وبقوة فى المشهد السياسى والاجتماعى، وبعدما أصبحت نسبة مشاركة المرأة فى قطاع الأعمال العام والقطاع الحكومى 26% ونسبة مشاركة المرأة فى القطاع الخاص 16%، مازالت هناك المئات من العاملات بالمصانع يجبرن على الخضوع الدائم ومواصلة العمل بشكل تنعدم فيه لأدنى شروط الرحمة والراحة مقابل أجور زهيدة ينتظرنها على أحر من الجمر.. وعن معاناة النساء والبنات فى المصانع وما يقدمه الخبراء لحل مشكلاتهن كان لنا هذا التحقيق..

إيمان خليل عاملة من عاملات غزل المحلة وتعمل بهذه المهنة منذ عام 1979 إلى الآن..

تتحدث عن مشاكل العاملات فى المصانع التى تتشابك مع مشاكل العمال بشكل عام وتقول: إن هناك ماكينات يصعب التعامل معها مما يتطلب جهدا أكثر من العاملة وهى عرضة للإصابة بأمراض الضغط والسكر ومن المفترض أن بعد سن الـ45 سنة ألا تجلس السيدات للعمل على ماكينات النسيج وهذا لا يطبق! رغم أنها من الممكن أن تنتقل لقسم آخر مثل التعبئة أو أشياء يدوية ومكواة أو تحضير شغل، ورغم أنها تعمل 8 ساعات إلا أن الراتب مازال غير عادل بسبب غلاء الأسعار المستمر، وتطالب بتحديد قانون العمل وتطبيقه تحت مظلة حكومية لأنهم كقطاع عام أعمال لا يطبق عليهم كافة بنود قانون العمل، وكثيرا ما طالبت لمعرفة اللائحة الداخلية للشركة ولم تعرفها ولم تعرف حقوقها وواجباتها بها وكثيرا ما توجهت لوزراة القوى العاملة ومازلت تطرق بابها فى مشاكلها.

للظلم نهاية

وتضيف آمال مندور عاملة.. أن أوضاع العمل فى مصانع الغزل والنسيج بها صعوبات كثيرة وإجهاد وكل ما يهم رئيس الشركة هو الإنتاج حتى وإن كان غير جيد، وأنا أعمل كعاملة منذ 30 سنة وكل ما اشتكى منه حاليا أن يكون لأبناء العاملين الحق فى التعيين دون اللجوء للواسطة والمحسوبية لأن هذا ما يحدث بالفعل! ونحن بحاجة لمن يقف سندا لمطالبنا ولا يكون مجرد أشخاص نجحوا فى النقابة العمالية ولا يمثلون حقوق العمال، وتوضح آمال أن المرأة تستوعب فى العمل أكثر من الرجل ولديها الطاقة لتعمل وتنتج بشكل أفضل وأعلى جودة ولكنها بحاجة لماكينات متقدمة وأجر مناسب ورعاية صحية ملائمة لها، فنحن بحاجة لإنصاف العمال بشكل عام والعاملات بشكل خاص.

 

 

مأساة مستمرة

عالم من العمل والكدح ممزوج بأصوات الآلات المزعجة.. حركة وخفة ونشاط غير معتاد، حراسة مشددة، ورقابة دقيقة لكل العاملين، خطأ واحد يستلزم بالضرورة الصراخ، وربما يصل الأمر إلى السب والشتم أمام الجميع.. هكذا قالت ف.م إحدى العاملات بمصانع حياكة الملابس والتطريز التى قالت إن العمل ليس إلا قطعة من عذاب، فنصف ساعة هى كل ما تفضل به أصحاب العمل لعمالهم كاستراحة خلال وجبة الغذاء والتى لاتكفى حتى لشراء الأكل، بالإضافة إلى حقوق ضايعة ومرتب 480جنيها وبدل انتظام 100جنيه ولو غبت يومين يصبح الراتب 300 جنيه.

أما سوزان حسن 30 سنة والعاملة بمصنع لعمل مراتب قطنية تقول نعمل 8 ساعات واقفين على أرجلنا دون راحة والمواصلات متعبة وأتوبيسات المصنع تقوم بتوصيلنا على أول الطريق ثم نكمل نحن  لأنها أتوبيسات "خردة" والمرتب لا يكفى والنقابة لا ترعانا، ومعظمنا مغتربين ونضطر لنأجر شقق، والمصنع يقوم بدفع 25 جنيها بدل سكن وإيجار الشقة ب400 جنيه.

الجمعيات الأهلية

ومن هنا وجدت "منى عزت " مسئولة برنامج النساء والعمل بمؤسسة المرأة الجديدة أن منظمات ومؤسسات المجتمع المدنى لعبت دوراً بالغ الأهمية خلال العقدين الأخيرين فى دعم قضايا المرأة الحقوقية والتنموية، وطالبت النقابات العمالية بأن يكون لها دور كبير فى تفعيل قضايا التمييز ضد المرأة خاصة فى قضايا التشغيل، وأن يتم رفع الظلم عن النساء العاملات بالمصانع عن طريق الالتزام بعلاقات العمل القانونية من عقود وتأمينات اجتماعية، وتطبيق الحد الأدنى للأجور ومدى كفاية الأجر لسد الاحتياجات الأساسية للعاملة وكيفية حساب الساعات الإضافية، وحظر العمل الإجبارى، وحظر عمالة الأطفال، وحظر التمييز فى أماكن العمل والتى تشمل التحرش بالعاملات وساعات العمل والتمييز بين الرجال والنساء فى الأجور، والرعاية الصحية وحالة المرافق والطعام ومدى التعرض لإهانات مادية ولفظية.

أين قانون العمل

"نسبة عمل السيدات والفتيات فى المصانع عالية جدا وخاصة فى مصانع "تحت بير السلم" والمصانع غير المسجلة" هذا ما أشارت إليه الدكتورة هالة منصور بكلية اجتماع بنها- وتضيف أنه لم يعد هناك خجل من هذه الوظيفة بل كل همها أن يكون قانون العمل لصالحها بحيث يعطيها حقها فى مهنة شريفة ذات راتب عادل وإجازة وضع مناسبة وهى سنة مدفوعة الأجر حتى يتسنى لها رعاية طفلها بدلا من إجازة الـ3 شهور وهى غير كافية بالإضافة للرعاية الصحية المناسبة لكل العاملات والعمال وخاصة فى الورش الصغيرة فالقطاع غير الرسمى به مشاكل كثيرة ولا تسطيع العاملة أن تتمرد على وضعها لأنه قد يستغنى عنها صاحب العمل ويأتى بغيرها.

ويؤكد كمال عباس أمين لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمجلس القومى لحقوق الإنسان أن وضع العاملات فى المصانع المملوكة للحكومة هى أفضل من غيرها فى أى قطاع خاص فمازال القطاع الخاص ينظر لها على أنها إحدى الأطراف الضعيفة وبالتالى تزداد الانتهاكات فهى أقل أجرا من مثيلها الرجل ولا تتولى القيادة فى العمل "فى المصنع" وقد يحدث التحرش أيضا، وعن العاملات فى المصانع فتتواجد السيدات بكثرة فى النسيج (غزل ونسيج) وهى منتشرة وبكثرة.

وفى مصر تتواجد ثقافة معينة وهى أن تعمل الفتاة لفترة معينة حتى تعيل أسرتها أو تدخر مبلغا لتجهيز نفسها للزواج وتكتفى بذلك وتترك العمل بعدها وهو ما يريح صاحب العمل فهى بذالك لا تطالبه بأى تأمينات أو التزامات منه ناحيتها، وهناك أيضا نسبة كبيرة من السيدات يعملن فى مجال صناعة الأدوية (خاص-حكومى) وهذا أمر يمثل خطورة صحية عليهم وبالتالى من أجل حمايتهن فإنهن يرتدين ملابس معينة وتحديد عدد ساعات معينة مع منع تواجد الحوامل منهم فى أماكن  معينة قد تأذى صحتهن.

ويرى كمال عباس أن كل ما تحتاجه المرأة العاملة فى المصانع هو تطبيق القانون لأنه لا يفرق بين رجل وسيدة وبالتالى سيتم تحسين وضعها للأفضل بالإضافة إلى التوعية المستمرة بحقوقهن فى قانون العمل حتى لا يستغلهن صاحب العمل.

الأولوية للذكور

وللأزمة الاقتصادية خاصة بعد ثورة 25يناير تأثير سلبى على عمل النساء فى المصانع.. هذا ما أشار إليه د. حمدى عبد العظيم الخبير الاقتصادى عندما أكد على أن المرأة العاملة تأثرت بنسبة 25% وأصبحت الأولوية للذكور على حسابهن، وأضاف أنه مع قلة فرص العمل وقلة رأس المال تزداد البطالة ويلجأ أصحاب العمل لتشغيل الرجال لتحملهم للأجر القليل، وزيادة وقت العمل، وعدم وجود التزامات اجتماعية وصحية تجعلهم يغيبون عن العمل حيث إن العاملات فى المصانع يحتاجون إلى إجازة رعاية للطفل مما يجعلهن فى حاجة لإجازات باستمرار مما يضر عجلة الإنتاج لدى صاحب العمل.

 

 

 

المصدر: اميرة اسماعيل _فاطمة الحسيني _مجلة حواء
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1417 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,726,853

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز