يا بنت بلدى كنت قد قابلت نها 34 سنة, وهى ابنة لجارة لى فى سيدى بشر بالإسكندرية, وكانت تجر فى يدها طفلا جميلا ما شاء الله لا قوة إلا بالله, وكنت قد حضرت عقد قران نها فى سيدى بشر بالإسكندرية قبل سنوات عديدة لا أذكر عددها كل ما أذكره أننى كنت عائدة إلى القاهرة وأردت أن أجامل جارتى والدة نها فحضرت ساعة واحدة ثم سافرت عائدة إلى القاهرة, فظننت أن الطفل الجميل غرة الزواج الذى كنت حاضرة فيه, لكن نها قالت إن كل شيء قد تغير, وجلسنا فى نادى السيارات المواجه لمنزلنا وحكت لى أن والدها ووالدتها قد توفيا وأنها لم تتزوج من حسين الذى عقد قرانها عليه فى سيدى بشر لأن أمه كانت تكرهها وتنتقدها فى كل شيء, وأنها كانت تريد أن تزوجه من إحدى قريباتها, وأنها أعادت إلى حسين شبكته الذهبية وكل هداياه وكل ما أنفقه عليها خلال الخطبة, وأنه طلقها وأصبحت مطلقة وهى فى ريعان الشباب, وعندما عادت فى الصيف لشقة الأسرة بسيدى بشر فوجئت بوفاة جارتهم السيدة سميحة التى كان لها ابن واحد هو المهندس أحمد وكانت تناديه "آبيه" أى الأخ الكبير أحمد لأنه أكبر منها بسنوات عديدة, وكان أحمد قد كرس حياته لرعاية أمه بعد وفاة والده وهو لا يزال طالبا بالجامعة ورفض الزواج لكى يتفرغ لرعاية أمه, وعندما عادت وجدت أحمد وحيدا فى شقته, ولما كانت الأسرتان عائلة واحدة يأكلون سويا ويتنزهون سويا ويشترون المشتروات اليومية سويا فقد تولت رعاية "آبيه" أحمد ووجدت قلبها ينبض بحبه فجأة, وقال لها أحمد: كتر خيرك يا نها يا حبيبتى, كما لو كانت أخته الصغيرة, تعبت نفسك معايا كتير, أعمل لك إيه يا نها؟! وعندما ردت عليه كانت المفاجأة !
***
قالت نها 34 سنة: نظر إلى أحمد مليا, وقال: لا أعرف كيف أكافئك على عنايتك لى طول الصيف يا نها؟ ماذا تريدين منى أن أفعل بالضبط؟ قلت له: آبيه أحمد.. أبيه أحمد أنا أريد أن أتزوجك, دهش المهندس أحمد ونظر إلى مليا وقال بعد برهه:
- لكن أنا أكبر منك بكتير يا نها وكده تبقى مظلومة معايا, وكمان أنا مش غنى ولا أملك شيئا سوى شقتى فى القاهرة وشقتى فى سيدى بشر, وأنت ما شاء الله يا نها مدرسة قد الدنيا وجميلة وأنيقة وست بيت ممتازة, قلت له: لكننى لا أريد أحدا سواك, ولن أتزوج إلا منك, ولمعلوماتك يا آبيه أحمد أنا أحبك منذ أن كنت طفلة, وكنت أقول "لطانط" سميحة والدتك الله يرحمها أنا عاوزة أتجوز "آبيه" أحمد أو واحد يبقى زيه بالضبط, وكانت تضحك وتقول يا نها أحمد أكبر منك بخمس عشرة سنة ولن يتزوج ويتركنى فليس لى فى الدنيا سواه ولا أستطيع العيش بدونه, ربنا يرزقك بابن الحلال ويسعدك!
***
واستطردت نها.. دهش المهندس أحمد وسألنى عدة مرات - أنتِ متأكدة يا نها إنك عاوزانى على عيوبى؟ قلت له ومش هاتجوز غيرك, وتزوجنا وأنا أسعد زوجة فى الدنيا, ورزقنى الله سبحانه وتعالى بابنى عمر, وأعيش مع زوجى أحمد فى شقة أمه بالجيزة, وأحب وأتمسك بشقتنا وشقته فى سيدى بشر ولن أغادرها إلى الساحل الشمالى كما فعلت بعض صديقاتى.. هذه هى حكايتى فكيف ترينها يا سيدتى؟
***
أرى كل خير وكل سعادة وكل احترام وكل ذوق, والله سبحانه وتعالى يديم عليكما السعادة, وأقول لكل قرائى وقارئاتى أن الإنسان هو صاحب القرار لنفسه, ولولا أن صارحت أحمد برغبتك فى الزواج منك لما كان قد تقدم إليك لأنه كان يعتبرك أخته الصغيرة لفارق السن بينكما, لكن السن لم يكن أبدا سببا فى التعاسة الزوجية بل إن الرجل العاقل المحترم يحرص على بيته وأولاده, والله يرعاكما ويبارك لكما فى ابنكما والسلام.
ساحة النقاش