لمن تكون النصيحة ؟ وما هى آدابها ؟

 

كتبت :أمل مبروك

ليس معنى النصيحة هو الفضيحة، فقد قال السلف: إن النصيحة بينك وبين أخيك في السر نصيحة، أما التشهير على ملأ الناس فهي فضيحة ، فالنصح أن تدلَّ الشخص على الخير ... وأن ترشده إلى الحق، كما كان عمر بن الخطاب يطلب إلى الناس أن ينصحوه ويقول: مرحبًا بالناصح أبد الدهر، مرحبًا بالناصح غدوًا وعشيًا.

ونحن نعيش ثورتنا العظيمة على الفساد يحتاج الكثيرون إلى النصح والتعريف بما يجب أن يكون عليه حالنا .. فهل أوجه نصيحتى إلى أى شخص ؟ وهل هناك آداب يفرضها علينا الشرع عند توجيه النصح ؟

د. أمانى مصطفى- مدرس مساعد بتجارة عين شمس

- يذكر د. أحمد عمر هاشم عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الدين النصيحة.. أي الركن الأعظم في الدين هو النصيحة، مثل ما يقال الحج عرفة، و الندم توبة، أي أن الركن الأعظم في الحج هو الوقوف بعرفة، والركن الأعظم في التوبة هو الندم، والركن الأعظم في الدين هو النصيحة. . وهى كلمة تقارب معنى الإخلاص، ولهذا تفسر بعكسها ... وعكسها هو: الغش، فالإنسان إما ناصح وإما غشاش،و النصيحة كلمة جامعة يراد بها: إرادة الخير للمنصوح له، قولاً وعملاً، والقيام بوجوه الخير له إرادةً وفعلاً. والنبي صلى الله عليه وسلم، يريد أن تكون العلاقات قائمة على النصح والإخلاص والصفاء، لا على الغش، أو الخداع، أو الزور. ولهذا سأل الصحابة حينما سمعوا هذه الكلمة: زالدين النصيحةس، أحبوا أن يعرفوا من الذين تكون لهم النصيحة؟ ولمَن يكون النُصْح؟ فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أن النصيحة لكل مَن بينه وبين الإنسان عَلاقة مادية أو معنوية.

وأول ما تكون النصيحة لله تعالى: أن يكون ما بين الإنسان وبين الله عامرًا بالإخلاص، لا بالغش ولا بالرياء، أن تنصح لربك فتأتمر بأمره وتنتهي بنهيه وتقف عند حدِّه، وتحب فيه وتبغض فيه، وتسالم له وتحارب له، فأوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله ، وفي الحديث: مَن أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان.

وأولئك الذين يراءون الناس في أعمالهم، ولا يقومون بالعمل إلا إذا كان الناس يرونهم أو يسمعون بهم، فإذا خَلَوا إلى أنفسهم ارتكبوا المُوبقات المُهلكة، واقترفوا الآثام المُردية، أولئك هم المنافقون: إِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً.

 

ثم يلي المبدأ الأول وهو النصيحة لله.. مبدأ ثانٍ وهو: النصيحة لرسوله ، فإن رسول الله هو مُمثِّل الإرادة الإلهية، ومبعوث العناية الربانية، إنه حين يأمر وينهى لا يُمثِّل نفسه وإنما يُمثِّل مَن أرسله، وصدق الله العظيم إذ يقول: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى. فلا عجب أن تكون طاعة هذا الرسول طاعة لله، واتباعه محبة لله، وبيعته مبايعة لله. واسمعوا قول الله تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وقوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ .. إن الله قرن محبَّة رسوله بمحبَّته، وطاعة رسوله بطاعته، وبيعة رسوله ببيعته ... هذا ليعلمنا عن قدر هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وأن مَن أحب رسول الله فقد أحب الله.

النصيحة لرسول الله، تكون باتباع سنته، وإحيائها ونشرها في الناس.

والمبدأ الثالث في النصيحة هو : النصيحة لكتاب الله عز وجل، أي الإخلاص لهذا القرآن العظيم، الذي أنزله الله شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين، والذي أنزله الله ليُصحِّح ما اعوجَّ من الحياة، ويصلح به ما فسد، وينوِّر به ما أظلم، ويهدي به للتي هي أقوم، فهو قانون السماء لهداية الأرض، ودستور الخالق لإصلاح الخَلق. والنصيحة لكتاب الله، أن نعمل به ... وأن نتبع هداه، وأن نتأدَّب بآدابه، ونتخلَّق بأخلاقه

ثم النصيحة بعد ذلك لأئمة المسلمين ... لرُؤسائهم وحُكَّامهم وولاة أمرهم، تنصح لهم، تبغي لهم الخير، تُرشدهم إلى الهدى، تدلُّهم على الحق، لا تخشى في الله لومة لائم. فمن فعل ذلك فقد قام بحق النصيحة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم: إن الله يرضى لكم ثلاثًا، ويسخط لكم ثلاثًا: يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا، وأن تناصحوا من ولاه الله أموركم. .وكان عمر رضي الله عنه يقول على المنبر: رحم الله مَن أهدى إليَّ عيوبي

وقال له رجل مرة: اتق الله يا ابن الخطاب. فضاق بعض الحاضرين بهذا، فقال عمر: دعوه، والله لا خير فيكم إذا لم تقولوها، ولا خير فينا إذا لم نسمعها.

النصيحة لعامة المسلمين

ثم النصح لعامة المسلمين بعد ذلك كله ... أي لجماهير المسلمين، عليك أن تنصح لكل مسلم، ولا تغشه، في أي علاقة بينك وبينه، معنوية كانت أو مادية، كن ناصحًا لأخيك المسلم، فهذا من صفات الأنبياء الذين كانوا لقومهم ناصحين، كما قال نوح لقومه: أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُون ، وكذلك قال هود لعاد: وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ.

إن على المسلم أن ينصح لأخيه المسلم، ولا يغشه في أمر من الأمور، ولو كان في ذلك خسارة في دنياه، وضرر له شخصي، عليه أن ينصح له، فعلى التاجر أن يفرح لما فرح به المسلمون، يفرح برُخْص الأسعار، وإن كان في ذلك بعض الضرر بتجارته.

وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: مَن لم يهتم بأمر المسلمين، فليس منهم، ومَن لم يصبح ناصحًا لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه ولعامة المسلمين فليس منهم ، أي ليس على طريقتهم، وليس على مِلتهم، ولا يستحق أن يكون من جُملة المسلمين. فالنصيحة هي الدين ...وخاصة إذا استشارك أحد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا استنصحك فانصح له. قل له الحق، وأرشده إلى ما ترى أنه خير، ولا تخش لومة لائم. . ليس الناصح لك هو الذي يُدلِّلُك ، ويحاول أن يتملَّقك، ويسترضيك، فليس هذا هو الناصح ... بل الناصح لك حقًا هو الذي يدلُّك على الله، ويرشدك إلى الطريق الصحيح، ويأخذ بيدك إلى الصراط المستقيم، ولو كان في ذلك ضيق لك، أو سخط لك في بعض الأحوال.

آداب النصيحة

ومع أن النصيحة من أعظم الدين ويجب القيام بها إلا أن لها آدابًا لا بد منها لتقع من المنصوح موقع القبول، فمن ذلك: أن يقصد الناصح بنصيحته وجه الله؛ إذ بهذا القصد يستحق الثواب من الله عز وجل والقبول لنصحه. وألا يقصد بها التشهير بالمنصوح، فإن التشهير أدعى لرد النصيحة، بل يكون الأمر في السر، ومن الآداب أيضًا في النصيحة أن تكون بلطف وأدب ورفق، قال عليه الصلاة والسلام: ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه- رواه مسلم- فانظر إلى من نَصَح بشدة وغلظة كم من باب للخير قد أغلق! وكم من الصدور قد أوغر! وهناك أيضا اختيار الوقت المناسب للنصيحة؛

 

لأن المنصوح قد لا يكون في كل وقت مستعدًا لقبول النصيحة، وعلى كل حال فعلى الناصح أن يجعل همه كيف يوصل الخير إلى عباد الله فيعملوا به ويناله من الأجر مثلُ أجورهم، لا أن يجعل النصيحة كأنها صخرة على كاهله يريد أن يلقيها ويستريح. 

 

المصدر: مجلة حواء- أمل مبروك

ساحة النقاش

gorgeous

جميل جدا المقال ولكن قد يكون وجة الى السييدة الفاضلة دون العامة او قد يكون وجة للجميع لكن الاستاذة قادرة على ادراكة بكل ما انعم اللة عليها من القدر الثقافى اما العامة فقد ليتوافر لديهم هذا القدر الثقافى الذى تتمتملكة الاستاذة
ولهذا فلقد قمت باختصارة على طريقة 1.2.3......الخ ممكن تتطلع علية لعلة يلقى قبولا ويستهدف قدرا اكبر من الجمهور اسف للاطالة
منتظر الرد على احر من الجمر

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,683,534

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز