الـحـــل عنــدهـم
الشباب يريد شقة
كتبت : منار السيد
حلم كل شاب في مصر مقبل علي المستقبل أن يتوفر له أمران، الأول فرصة عمل تليق بسنوات الدراسة حتي التخرج في الجامعة، والثانية مسكن آمن يؤسس فيه عش الزوجية، وإذا كان الأمر الأول غير متوفر فإنه يمكن التحايل عليه بالعمل في أي مجال، أما الأمر الثاني فغاية في التعقيد، فأسعار العقارات والأراضي خيالية، والأغلبية الساحقة من الشباب وأهاليهم لا يملكون ثمنها، ومشروعات الإسكان الحكومية تذهب إلي السماسرة والتجار وأصحاب النفوذ من رجال الأعمال.. في هذا التحقيق نستطلع آلام الشباب وهمومهم مع هذه المشكلة ونتعرف علي آراء المتخصصين الذين أجمعوا علي أهمية وجود حل جذري يقطع يد الفساد التي تتلاعب بمقدرات الشباب.
يقول حسن السيد: إننا بالطبع كشباب نواجه مشكلات كبيرة بعد التخرج، تبدأ بالبطالة وعدم توافر فرص عمل تناسب مؤهلاتنا مما يجعلنا نضطر للعمل فى أى مجال آخر وحين نبحث عن الاستقرار الأسرى نواجه مشكلة عدم توافر سكن، ونصطدم بحائط أسعار العقارات المرتفع سواء الإيجار أو التمليك، حيث لا يستطيع الشاب حتى إذا عمل طوال عمره أن يوفر ولو جزءاً بسيطاً منها، لذلك فيتخلى الشاب عن فكرة السكن التمليك ويلجأ إلى قانون الإيجار الجديد، ليقع تحت طائل استغلال المستأجرين.
الفاعلية
وعن فكرة حسن حول إسكان الشباب يقول إنه يجب أن تنفذ فعلياً مشروعات إسكان الشباب، وليست «إسكان مبارك للشباب» كما كان فى العهد الماضى الذى كانت تباع فيه الشقق للمعارف وأصحاب المصالح قبل الإعلان عنها، وكنا نتزاحم عند الوزارة لملء استمارة التقديم لنفاجأ بغلق باب الحجز، وهذا لأنه ليس بإسكان للشباب، لذا أرى أنه من الضرورى أن يكون من أولويات الحكومة تشديد الرقابة على مشروعات الإسكان وعدم إعطاء أى شخص فرصة الحصول على شقة دون أحقيته لذلك، وأن يكون الشباب هم الأكثر حقاً فى الحصول عليها.
طائلة المستأجرين
ويعيش رامى محمود الأزمة بواقعها، فهو شاب عمره 32 عاماً يعمل فى إحدى الشركات الخاصة لديه طفلان، ويعيش حتى الآن فى شقة بقانون الإيجار الجديد، يقول رامي: أسوأ ما حدث فى عام 1996 هو تعديل قانون الإيجار، فبدلاً من أن تضع الدولة القوانين لصالح مواطنيها من أبناء الطبقة الوسطى والفقراء الذين يشكلون الأغلبية، نجد تفعل العكس، تعمل دائماً لصالح قلة قليلة من رجال الأعمال والطبقة العليا فى المجتمع، وها هم المستأجرون يفرضون علينا الزيادة فى الإيجار كل عام، وعن تجربتى فأنا متزوج منذ 6 سنوات تنقلت خلالها بين شقتين، فى بداية زواجى قطنت لمدة عامين فقط وبعدها طلب منى صاحب الشقة أن أتركها.
تعمير الصحراء
ويقترح رامى اللجوء إلى الصحراء يقول : لدينا مساحات شاسعة من الصحراء التى تستطيع الدولة أن توزعها على الشباب لتعميرها وبنائها ودب الحياة فيها، وهذا ليس بالأمر الصعب لأن هذا ما تفعله الدولة فهى تعطى الأراضى لرجال الأعمال بنية تعمير هذه الأراضى للشباب.
تعديل الإجراءات
أما مايسة قدرى فترى أن الحل فى تعديل مشروعات إسكان الشباب، فبعد الثورة اجتاحت موجة الوحدات السكنية والوعود التى تعلقت بها آلاف الأسر، ولكن لا أحد يعلم ما مدى مصداقيتها، لذلك يجب أن تتم خطوة جديدة نحو أمل الإسكان، فالشباب لا يحلم بسوى شقة صغيرة جداً، مجرد أربعة حوائط وسقف للستر كما يقولون، ولأن مشروعات إسكان الشباب التى يستفيد بها غير الشباب من هنا يجب أن يتم التعديل فى اجراءات التقديم لها، وأول شيء يجب عمله هو تشديد الرقابة على هذه الوحدات وعدم إتاحة أى فرصة لأى شخص لاستغلالها وبيعها قبل الإعلان عنها، وأرى أيضاً أنه يجب تقليل المقدم أكثر من ذلك، لأن هناك شباباً لا يملكون حتى هذا المقدم البسيط، وأظن أن هذه المشروعات من الأصل منحة ومساعدة للشباب فكيف لا يستفيد بها الشباب.
أزمة مفتعلة
تناقش هذه القضية الدكتورة هالة سمير الخبيرة الاقتصادية حيث تقول إننا نعانى من أزمة مفتعلة تسمى «أزمة السكن» فبالرغم من أن مصر بها حوالى 8 ملايين وحدة سكنية شاغرة بينما تصل حاجتنا إلى 5 ملايين وحدة فقط، فهذا يعنى أن هناك فائضاً وأن لدينا مساحات واسعة تستوعب المزيد، ولكن بالطبع الأعمال والدولة هم من يفتعلون هذه الأزمة، من أجل احتكار سوق العقارات واحتكار مواد البناء والمواد الخام والحديد والتحكم فى أسعارها مما يؤدى إلى رفع أسعار الوحدات السكنية ونقل أحقيتها للأغنياء ورجال الأعمال بدلاً من الشباب والفقراء.
إعادة هيكلة
وتضيف أن الحلول والبدائل متوفرة ونستطيع أن نتخطى هذه المرحلة بسهولة لأننا منذ البداية ليس لدينا أى أزمة فى السكن، كما ذكرنا من قبل ولكن المشكلة تكمن فى الرقابة والضمير من جانب المسئولين، ولأننا من المفترض أن نكون قد تخلصنا من هؤلاء الفاسدين أثناء الثورة، فيجب إعادة هيكلة هذه الأمور من جديد على أسس ومبادئ مدروسة، فمثلا مشروع إسكان الشباب الوهمى هو من باطنه مشروع متكامل ولكن ظاهره وما يحدث به من غش وعدم انتفاع الشباب به يجعله مشروعاً وهمياً، وأقترح أن يتم تعديل الدفع بهذا المشروع حيث يتم تخفيض المقدم المستحق، فمن المفترض أن تتحمل الدولة الجزء الأكبر من تكاليفها، ويجب أن يكون هناك تسهيلات فى الدفع أكثر من ذلك، فمثلاً المقدم الذى تحدده الحكومة هو «5 آلاف جنيه» ثم «6 أو 7 آلاف جنيه» غير أسبقية الحجز، لكن بإمكان الحكومة أن تخفض فى هذا المبلغ وأن تكتفى بـ «5 آلاف جنيه» فقط ثم تزود عدد السنين المستحقة للأقساط، أو توزع الدفعة الثانية على مراحل متباعدة حتى تكون متوفرة لأحوال الشباب، بجانب الحل الأمثل وهو استغلال الأراضى الشاسعة وتكون مدعمة للشباب بدلاً من بيعها لرجال الأعمال بأسعار رخيصة، فالأفضل أن توجه الدولة مجهوداتها للشباب فقط لا غير وأن يتخلوا عن مجهوداتها للشباب فقط لا غير وأن يتخلوا عن سياسية الفساد التى كانت متبعة فى العصر البائد.
التخطيط
وبالنسبة للتخطيط والبناء نستشير الدكتور محمود أمين أستاذ التخطيط والبنية التحتية حيث يقول إن مشكلة المدن الجديدة كانت تكمن فى سوء التخطيط من جانب توافر المرافق العامة والمواصلات والخدمات التى يعانى منها أهالى هذه المدن، ثم نأتى للمرحلة التالية وهى سوء التوزيع لمستحقى هذه الوحدات السكنية وهم «الشباب» صاحب الحق المهدور، ولكن عندما يتم إعادة هيكلة ملف التسكين هناك الكثير من الأمور يجب مراعاتها من حيث اختيار الأراضى التى ستقام عليها الوحدات السكنية وأن تكون صالحة لإقامة الخدمات والمرافق عليها، وإذا تم التخطيط السليم سيوفر مبالغ طائلة على الدولة، بدلاً من اختيار المكان والشيء غير الصالح ويتم صرف مبالغ طائلة عليها دون جدوي، وهذا سيوفر على الدولة المبالغ الطائلة مما يجعلها تخفض الأسعار أكثر للشباب
ساحة النقاش