محصنة ضد الاتفاقية«189»
جريمة عمل القاصرات
كتبت :ايمان دربي
مازلنا نتابع عبر صفحاتنا مشكلات وهموم فئة الخادمات والعاملات داخل المنازل ضحايا العمل القسري اللائي يعملن بلا حماية قانونية أو تشريعية تحفظ حقوقن.
لتبقي الأعراف والمواثيق الدولية في هذا الشأن حبيسة الأدراج لا تري النور أو التطبيق، فما السبيل لتفعيل تلك المواثيق للحفاظ علي حقوق تلك الفئة هذا ما طرحناه علي أهل الاختصاص في السطور التالية
سبقت الشريعة الجميع وتحدثت عن حقوق الخادمات وضرورة إكرامهن. وهذا ما أكده نص المادة «1» من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والتى تشير إلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان وإلى الممارسات الشبيهة بالرق والمرتبطة بالعبودية أو التحكم أو الملكية، والتى ترتبط أحيانا بالإكراه والعنف والتهديد.
ولكن السؤال الآن ما هو العمل القسرى أو الجبرى ؟
تشرحه لنا عالية جمال- كبيرة أخصائيى معايير العمل الدولية - حيث تؤكد أن منظمة العمل الدولية فى تقريرها الاتجار بالبشر والعمل الجبرى أوضحت أن هناك خمسة مؤشرات رئيسية تدل على العمل الجبرى منها: التهديد باستعمال العنف الجسدى أو الجنسى وقد يشمل الإكراه المعنوى والابتزاز والتشهير واستعمال الألفاظ النابية وتقييد حركة العامل واحتجازه فى مكان العمل أو تقييد حريته فى حيز محدود وحجب الأجر أو رفض سداده وعبودية الدين «أى العمل لسداد الدين».
أيضا بالنسبة للعمالة الأجنبية التحفظ على جوازات السفر ووثائق إثبات الهوية لكيلا يتمكن العامل من مغادرة المكان.
منظمة العمل الدولية
أكدت د.جمال ان صكوك منظمة العمل الدولية تفيد بأن هناك تحولاً فى السياسات الخاصة بتنظيم العمالة فى هذا القطاع بناء على قناعة بأن العمال المنزليين كغيرهم من العمال وبالتالى فإن لهم حقاً مساوياً كغيرهم من العمال فى أن تحترم حقوقهم وكرامتهم.
ومن ثم إنهم الآن لا يعتبرون مجرد ضحايا نسبة للادراك الواسع الذى أقرت بها الاتفاقية رقم 189 بأن العمل المنزلى عمل محترم والعمال المنزليين عمال حقيقيون وواجب معاملتهم على هذا النحو.
وبدأت د. عزة عشماوى - مديرة وحدة مكافحة الاتجار بالبشر بالمجلس القومى للطفولة والأمومة - حديثها بعرض مسودة لعقد نموذجى لتشغيل العاملات القاصرات والبالغات أى سواء كانوا اطفالاً فوق 15عاماً أو بالغين وفقاً لتعديلات قانون الطفل 126 / 2008 ،وقانون الاتجار بالبشر 64 / 2010
وأن هناك أحد عشر بنداً بالعقد أهمها تحديد الحد الأقصى 6ساعات عمل يومياً للطفل فوق 15سنة و8 ساعات للبالغ، على أن تتخللهم ساعة راحة ولا تتجاوز ساعات العمل متصلة، ويحق للطرف الثانى الحصول على إجازة سنوية.
أما البند العاشر فيؤكد على أهمية أن يوفر المخدوم بمكان العمل جميع احتياجات الصحة والأمان والسلام المهنية، وأن يدرب الأطفال على استخدامها ويجب ألا يسبب العمل أضراراً بدنية ونفسية للطفل أو القاصر.
وأضافت د.عشماوى أن هناك بنداً آخر بالعقد يشير إلى أهمية أن يلتزم المخدوم لمعاملة الطرف الثانى المعاملة الإنسانية، وتوفير الإقامة اللائقة له والوجبات الغذائية بما يتناسب مع عمر الطفل أو القاصر.
أيضا هناك أمور كثيرة خاصة بالعاملة فى العقد أهمها أن تتعهد بالحفاظ على ممتلكات واموال واسرار الطرف الأول «المخدوم أو صاحب العمل» وحمايتها من الاتلاف.
وينبه المستشار عادل ماجد- نائب رئيس محكمة النقض- الى أن العمالة المنزلية من الممكن أن تتعرض للعمل القسرى داخل المنازل الخاصة، فضلا عن أن العاملات القاصرات كثيراً ما يقعن فريسة البغاء وهذا ما أشار إليه التقرير الأمريكى الصادر من وزارة الخارجية الأمريكية بشأن حالة الاتجار بالبشر لعام 2011م، مضيفاً ان فى مجال الحظر والتجريم كانت الاتفاقية الخاصة بالرق لعام 1926م أول معاهدة دولية ملزمة تنص على حظر العمل القسرى أو عمل السخرة باعتباره إحدى الممارسات المشابهة للرق.
احترام الانسانية
واشار نائب رئيس محكمة النقض إلى أن مصر تعد من الدول التى تبجل حقوق الإنسان بحسبها طرف فى جميع الوثائق الدولية المهمة فى هذا المجال، وبالتالى فهى تلتزم بمكافحة العمل الجبرى الذى يقع على عمال الخدمة المنزلية وخاصة القاصرات بحسبانه يخالف معايير القانون الدولى الراسخة والمعترف بها على نطاق واسع.
بما فى ذلك المعايير الواردة فى المادة 4 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان.
وفى المادة (5) من الاتفاقية الخاصة بالرق، والمادة (8) من المعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكذا النصوص المتصلة بالميثاق الإفريقى لحقوق الإنسان والشعوب. وإن كانت مصر لم تنضم بعد إلى اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 189 ولم ينظم قانون العمل المصرى الموحد رقم 12 لسنة 2003 حقوق هذه الفئة من العمال الا أن من الخطأ أن نتذكر أن عمال المنازل لا يحصلون على الحماية اللازمة فى القانون المصرى بصفة مطلقة، لأن على الرغم من أن قانون العمل لم ينظم حقوقهم إلا انهم يتمتعون بالحماية الجنائية ضد العمل القسرى والخدمة الاجبارية وفقاً للقواعد العامة فى قانون العقوبات وعملاً بإحكام القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر.
مشاكل القاصرات
وعن مشكلات القاصرات أضاف: إلا أن رغم ذلك لا تنعم العاملات وخاصة القاصرات بحماية قانونية حقيقية بالقانون المصرى باستثناء ما توفره لهن القوانين الجنائية من حماية مقررة، فقد استثنى قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003 عاملات المنازل من الخضوع للأحكام حيث اكتفى المشرع بالحماية المقررة لهم بموجب قانون التأمين الاجتماعى الشامل رقم 12 لسنة 80 .
الاحتياجات
وأخيراً يتحدث عبدالرازق أبوالعلا - مدير مشروع بإحدى المؤسسات العاملة فى مجال التنمية- قائلاً: إن من أهم ما تحتاجه العاملات وخاصة القاصرات ضرورة تصديق مصر على صك منظمة العمل الدولية 189 لعام 2011م ،ووجود تشريع قانونى لحماية عاملات المنازل وخاصة القاصرات منهن بما يتوافق مع معايير العمل الدولى، كما يجب الاستمرار فى الحوار المجتمعى مع الأطراف المعنية المختلفة من أجل الوصول إلى بنية تشريعية متكاملة لحماية عاملات المنازل.
مع التنسيق والربط ما بين منظمات المجتمع المدنى للعمل على تعزيز حقوق القاصرات البالغات من عاملات المنازل وتبادل الخبرات وأدوات العمل على المستوى الوطنى والإقليمى
ساحة النقاش