استيقظت الأسرة ذات صباح لتكتشف اختفاء ابنتهم المراهقة "شاميما" ذات الخامسة عشرة ربيعا، وأسرة "شاميما" بريطانيون من أصل بنجلاديشى، أكبر مجموعة عرقية فى منطقة "بيثنال جرين" فى شرق لندن التى تتميز بتعدد عرقى ودينى ولغوى وثقافى، ويشكل المسلمون فيها 50% والمسيحيون 34%، والباقى ديانات أخرى من بينها الهندوسية، ويمارس الجميع شعائرهم الدينية والثقافية بحرية، والمنطقة بها العديد من المساجد، والمحال التجارية التى تعلن عن بضاعتها باللغتين العربية وبالأوردية، وأنها تبيع اللحم الـ «حلال»، كذلك ينتشر الحجاب فى المنطقة، ووالدتها وشقيقتها الكبري ترتديان الحجاب، والأسرة  تتمتع فى لندن بحياة عادية، وتحتفل بعيدى الأضحى والفطر وحلول رمضان، وابنتهم تلميذة بمدرسة المنطقة، بعد أيام من القلق والعذاب علمت الأسرة أن ابنتهم المراهقة هربت من لندن متوجهة إلى سوريا لتنضم إلى من سيحملها إلى «دولة الخلافة» "داعش"! بعد أن تواصلت مع صديقتين لها، مع عناصر «داعش»، وقدمت طلبا للزواج من أحد مقاتليها، سرقت "شاميما"جواز سفر شقيقتها الكبري، وقطعت تذكرة سفر لتركيا، ومنها إلى سوريا، وخلال 10 أيام فقط من وصولها قاموا بتزويجها من شاب هولندى يدعى ياجو ريديك، وهكذا تحقق حلم "شاميما" ولكن ليس كما تخيلت أو تمنت، فأثناء حياتها مع "داعش" فى مدينة "الرقة" أنجبت طفلين وبعد أن واجهت "داعش" هزائم متتالية وخسرت معظم أراضيها فى سوريا تردت الأحوال وتوفى ابنيها بسبب الأمراض ونقص التغذية، وكانت حاملا فى طفلها الثالث عندما استسلم مرتزقة "داعش" للقوات السورية.

تبدد الحلم على أنقاض الواقع الأليم، ولم تجد "شاميما" بدا من اللجوء للحكومة البريطانية لمساعدتها على العودة إلى بريطانيا للاعتناء بطفلها الثالث، رفضت الحكومة البريطانية  الطلب وأبلغ وزير الداخلية المسلم "ساجد جاويد" أسرتها أنه جردها من جنسيتها، وأن وزارة الداخلية البريطانية لن تسمح لابنتهم بالعودة لبريطانيا خوفا من قيامها بعمل إرهابي، أو تجنيدها متطرفين فى حالة دخولها السجن، فالسجون فى بريطانيا باتت مكانا معروفا للتجنيد، كذلك أعلنت حكومة "بنجلاديش" أنها غير ملزمة باستقبال "شاميما" لأنها لا تحمل جواز سفر بنجلاديشي.

وانتهت مغامرة "شاميما " بالفشل الذريع، فبعد هزيمة "داعش" استسلم زوجها الهولندى للمقاتلين السوريين، واعترف بندمه الشديد وأنه عاش حياة بائسة مع "داعش" وقد ناله جزءا من شرورهم، فاعتقلوه بعد أربعة شهور من وصوله للاشتباه بتجسسه لصالح الحكومة الهولندية، وأخيرا توفى طفل "شاميما" الثالث ولم يعد أمامها سوى أن تطلب المغفرة من الله الذى منحها العقل ولكنها جرت وراء رغباتها الرعناء.

وفى حوار مع جريدة «التايمز» البريطانية بدت شاميما شخصية باردة المشاعر، لا تقدر مآسى الآخرين، أو تكترث بحياة هؤلاء الذين قتلوا على يد «داعش»، وكانت تجد «مبررا ما» لجرائم "داعش" وكأنها ترى العالم بأعينهم! كما قال المحاور.

توقفت طويلا أمام حكاية الفتاة "شاميما بيجوم" التى هربت من عائلتها لتلتحق بالتنظيم الإرهابى "داعش"، فبينما يحلم العديد من الشباب العربى بالـ "فرار" إلى أوروبا، واحة الحرية والتسامح الدينى، كما يتصورون، وبينما تغرق القوارب بالمئات من الهاربين من جحيم الحرب فى سوريا، اتجهت شاميما وصديقتين أخرتين إلى عكس الاتجاه، وهربن من لندن إلى سوريا بحثا عن سراب اسمه "دولة الخلافة"!

المصدر: بقلم : إقبال بركة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 751 مشاهدة
نشرت فى 18 إبريل 2019 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,459,451

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز