بقلم : سكينة السادات

يا بنت بلدى أستغفرك ربى وأتوب إليك فأنا راضية بما يرضيك! وما يرضيك هو العدل والحق والإنسانية, أما أقرب الناس إلي فلا يرضيه إلا المنظرة والمظاهر الكاذبة ناسيا أو متناسيا احتياجاتى النفسية وراحتى.. شكواى إليك يا رب فأنت خالقى ومدبر شئونى!

وقالت قارئتى السيدة مفيدة السعيد 71 سنة: شكواى إليك يا ربى وليس للعبد وأنا من عبيدك الراضين بالمقسوم والمكتوب.. ولكن إذا كان المطلوب ميسرا وسهلا من فضل الله سبحانه وتعالى فلماذا تصعب الحياة على أنفسنا! دعينى أحكى لك الحكاية منذ البداية لكى تتعجبى معى من هذه الدنيا العجيبة! فأنا من عائلة متوسطة كان لى أخ وأخت وكان والدى موظفا محترما فى الحكومة وأمى ربة بيت هادئة متواضعة وقد أكرمهما الله فأنفقا على ثلاثتنا أنا وأخى وأختى كل ما لديهما حتى الغالى والثمين عندهما حتى تخرجنا فى الجامعات وتزوجنا بشكل لائق وكريم فى بيوت محترمة كاملة التجهيز, ودارت بنا الدنيا فالتحقنا بالأعمال وأنجبنا الصبيان والبنات حتى وصلنا إلى ما يسمونه أرذل العمر, وأستغفر الله العظيم لماذا وصف  بأنه أرذل العمر وربما المفترض أنه عمر الراحة والاستكانة بعد العمل الشاق والمسئوليات الجام وتربية الأولاد ورعاية البيت وحمل الهموم أو أنه سمى أرذل العمر لما يلاقية الفرد منا من إهمال من ذويه وأمراض لم تكن فى الحسبان وما يعانيه كبار السن من جحود الأبناء والوحدة وعدم تحمل الناس لمشاعرهم وآرائهم القديمة, واستغفر الله مرة أخرى وأرجو أن يسامحنى ويغفر لى لأن ذلك جاء فى القرآن الكريم !

واستطردت السيدة مفيدة.. تخرجت فى كلية الألسن وكنت أكثر من خبيرة فى الترجمة من الإنجليزية إلى العربية والعكس, وبدأت العمل فى إحدى المؤسسات الأجنبية وذاع صيتى فى عملى فأسندوا إلي الترجمة الفورية فى كثير من المؤتمرات المحلية والدولية, وسافرت إلى بلاد كثيرة فى العالم وصرت نجمة من نجوم الترجمة فى مصر, وعندما وصلت إلى سن الثامنة والعشرين لطمت أمى خديها وقالت إننى أصبحت عانسا ولن أجد من يتزوجنى رغم أنه كان قد تقدم لى عدة خاطبين ولكن لم أشعر  بأى ميل إلى أحد منهم, وقالت أمى إنه مهما بلغت من نجاح فى عملى لكن لابد أن أتزوج ويكون لى بيت وأولاد وكيان عائلى, مر عام بعد ذلك وتقدم لى زميل لى بالعمل بالإدارة المالية بمؤسسة يتضح بحسن السمعة والصلاح فلم أرفضه وتزوجنا وعشنا حياة هادئة مرضية وأنجبنا ولدا واحدا كان هو مقلة العين وفلذة الكبد وموضع الرعاية من كل أفراد الأسرة, وحاولت الإنجاب مرة ثانية فأصابنى الإجهاض المتكرر ولم يبق جنين واحد فى رحمى بعد أن أنجبت ابنى الوحيد أشرف, وبعد أن كبر أشرف والتحق بالمدرسة الألمانية عدت إلى عملى وترقبت فيه حتى وصلت إلى درجة مدير عام وكان زوجى يعمل فى الإدارة المالية للشركة كما أسلفت بدرجة مدير عام أيضا, فمضت حياتنا هادئة بدون مشاكل جوهرية والتحق أشرف بعد ذلك بالجامعة الأمريكية وتخرج منها بامتياز ثم سافر للحصول على الدبلومة من ألمانيا واشترطت عليه أن تكون فترة سفره قليلة إذ كانت صحة والده ليست على ما يرام, وعاد ابنى كما وعدنى, وبعد ثلاث سنوات نال فيها شهادة الدبلوم فى التسويق التجارى والتحق بالعمل فى إحدى الشركات الكبرى واختار فتاة جميلة من أسرة كبيرة ورحبوا به كثيرا وتزوج وأنجب طفلة جميلة كانت الفاجعة بأن توفى والده بعد معاناة طويلة من المرض وأصحبت وحيدة فى المنزل, إذ رفضت زوجته منذ البداية أن تعيش معى بل آثرت أن تعيش فيما يسمونه بالتجمع الخامس بعيدا عن سكنى فى حى المهندسين بكثير, وزاد الطين بلة أننى خرجت على المعاش لبلوغ السن القانونية ثم كانت المفاجأة العجيبة فى حياتى.. الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية !

المصدر: بقلم : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 433 مشاهدة
نشرت فى 22 نوفمبر 2019 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,696,170

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز