بقلم : إقبال بركة
شهد العالم منذ منتصف القرن الماضى ظاهرة تزايد إقبال النساء على العمل السياسى وتوليهن مواقع قيادية، وتنبهت شعوب كثيرة إلى أن النساء يمتلكن رؤية إبداعية وحلولا مبتكرة ظهرت فيمن اعتلين مناصب عليا سياسية وقضائية ودولية، لقد ملت الشعوب صراعات الرجال وفشلهم المتكرر فى إدارة البلاد، فأعطوا أصواتهم للنساء البارزات فى بلادهم، ومنهن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والشيخة حسينة واجد، فى بنجلاديش، وديلما روسيف، فى البرازيل، وشيناواترا فى تايلاند... إلخ، إلى جانب ملكتين و23 وزيرة خارجية فى مختلف قارات العالم، ووزيرات حرب فى كل من جمايكا وتشيلى ولاتفيا وكيب فيدى، ولا يقتصر تعيين النساء على وزارات الشئون الاجتماعية بل أصبحت النساء تتبوأ مناصب مستشار الأمن القومى والدفاع فى ألمانيا والسويد والنرويج وهولاندا وفرنسا ونيوزيلاند والأرجنتين وأروجواى وحتى مالاوى..!
وقد كتبت فى مقال سابق انتقد تهافت المناصب على الرجال، وتفاخر بعضهم بأنه عُرض عليه الوزارة ولكنه رفض، وتعجبت لماذا لا تُعرض الوزارة على أستاذاته فى الجامعة أو زميلاته اللاتى لم يكنّ أقل منه تفوقا إلا قليلا بل نادرا! كان ذلك بعد أن قال الدكتور محلب رئيس الوزراء الأسبق إنه فوجئ بعدد كبير من الشخصيات التى رشحها لتولى حقائب وزارية لا يقدمون رؤية جديدة، وكل هدفهم «الضرب فى زملائهم»، ما جعله يختار من يقدم رؤية مستقبلية بالفعل بعيداً عن الانتقاد، وتساءلت لماذا لم يفكر فى تعيين نساء فى وزارة المفترض أنها وزارة ثورة؟ ألم يشهد نجاح الوزيرات السابقات فى الاقتصاد والبحث العلمى والإعلام وفى المحكمة الدستورية العليا والمجلس القومى للمرأة والأوبرا والدبلوماسية... إلخ؟ يومها سعدنا بتعيين ست وزيرات بالوزارة الجديدة بالمغرب، وتسع وزيرات فى الوزارة اليمنية، وسبع فى الموريتانية، وأربع فى الإماراتية، وثلاث فى السودانية أما فى مصر فقد تم تعيين أربع وزيرات فقط؟! فهل المصرية أقل كفاءة من المغربية أو الموريتانية أو التونسية؟! أم أنها أقل حظا، ولكن عيبها الحقيقى أنها تعطى بسخاء، وتعمل بلا كلل، ولا تنتظر الجزاء ولا حتى الثناء!
لقد كان للمرأة دور كبير فى مصر الفرعونية وفى عهد الخلافة الإسلامية حيث كانت
"نبت" أول وزيرة فى مصر القديمة وأول قاضية فى العالم قبل 7 آلاف عام، وكانت "الشفاء العدوية" أول وزيرة فى الإسلام التى تولت إدارة الأسواق فى عهد خليفة المسلمين الثانى عمر بن الخطاب، لقبت بالشفاء إذ أنها كانت ترقى المرضى قبل الإسلام بمكة فغلب عليها هذا اللقب ولم تعد تعرف إلا به، وفى العصر الحديث عين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر د. حكمت أبو زيد (1922-2011م) أول وزيرة للشئون الاجتماعية، وهى أول سيدة تتقلد منصب وزيرة فى مصر ومن أهم مشروعاتها مشروع الأسر المنتجة، كما وضعت أول خطة لتنمية الأسرة، وأعدت مشروع الرائدات الريفيات تمهيدًا للأسر المنتجة، وعملت لصالح مشروع تهجير النوبة، ووضعت قانون تنظيم الجمعيات الأهلية، ونظمت جمع الزكاة، وقد استمرت في الوزارة ثلاث سنوات.
وأخيرا تنبهت الحكومة المصرية إلى ذلك الخطأ غير المبرر، وقام الرئيس عبد الفتاح السيسي
في ولايته الثانية بالتأكيد على تولي المرأة عدد من الحقائب الوزارية، حيث قام المهندس مصطفى مدبولى بتعيين 8 وزيرات من السيدات، كما تم تعيين عدد كبير من نواب المحافظين من النساء ذوات الخبرة فى الإدارة المحلية، تمهيدا لارتقاء من تتفوق منهن إلى منصب المحافظ والبقية تأتى ..
ساحة النقاش