حوار : منار السيد

رغم اتخاذ الدولة العديد من الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا وإعلان حالة الاستنفار فى القطاع الصحى والغذائى لتوفير الخدمة العلاجية والمواد الغذائية، إلا أن الشائعات ظلت العدو الأول لمساعى الدولة فى احتواء الأزمة وتجنيب المصريين السيناريوهات التى شهدتها العديد من دول العالم، ما دفعنا للتساؤل حول العلاقة الطردية بين الشائعات والأزمات، وما آليات التصدى لها، وكيف يمكن تحويلها من معول هدم إلى أداة بناء..

هذه التساؤلات وغيرها الكثير تجيب عنها د. داليا نبيل، خبير الموارد والتنمية البشرية فى هذا الحوار..

فى البداية كيف أثرت الشائعات على المجتمع المصرى خلال أزمة كورونا؟

الشائعة ما هي إلا تصدير لآراء وأخبار مغلوطة تنتشر بسرعة البرق بشكل مباشر من شخص لآخر أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت أرضا خصبة لمروجي الشائعات بالإضافة إلى كونها طاقة سلبية نستقبلها ونصدرها لغيرنا، ويعد أول شخص متضرر من الشائعة هو ناقلها، لذا فالشائعة خطر على الأمن المجتمعي أشد ضراوة من الفيروس.

ما أكثر الفئات تأثرا بالشائعات التى تداولها المواطنون خلال الفترة الأخيرة؟

يعد كبار السن والنساء أكثر الفئات تأثرا بالشائعات خاصة في ظل أزمة كورونا  لما تسببه الشائعات من أضرار نفسية عديدة قد تؤثر بالسلب على صحتهم الجسدية وتعرضهم لأزمات ومشكلات صحية خاصة في ظل إصابتهم بالضغط النفسي والتوتر والإجهاد والهلع الشديد، ما يعرضهم للعديد من الأمراض المزمنة التي قد تودي بحياتهم، وتتأثر المرأة بالشائعات كونها المسئولة عن أفراد الأسرة جميعا فهي الأكثر عرضة للتأثر بها بسبب فزعها على أفراد أسرتها.

كيف يستطيع المواطن التفريق بين الخبر والشائعة؟

الفيصل في هذا الأمر تحري الدقة والرجوع إلى مصدر الخبر حتى لا يتحول إلى شائعة عن طريق التهويل والمبالغة في تداوله مع التحريف في محتواه بقصد قلب الحقائق وإثارة البلبلة وهدم البنيان المجتمعي لبث الرعب والفزع في نفوس المواطنين، وهو خطر أكبر بكثير وتأثيره سلبي على الصحة البدنية والنفسية والعصبية من فيروس كورونا، لذلك يجب الالتزام بمعرفة الخبر من المصادر الرسمية للدولة منعا لتداول الشائعات والأكاذيب، وعلينا أن نستعين بالكمامة كرمز فكما نستخدمها للحماية من العدوى علينا أن نستخدمها كرمز للصمت ومنع نشر الأكاذيب والشائعات وأن نجعلها حجابا حاجزا بيننا ونقل الشائعة، ففي ظل الأزمة علينا جميعا أن نلتزم بـ "فلنقل خيرا أو نصمت".

ما أكثر الشائعات انتشارا خلال أزمة كورونا؟

الشائعات الصحية والمعلومات الطبية المغلوطة حول كيفية التعامل مع الفيروس والأدوية ذات الفعالية فى علاجه ما أدى إلى تفاقم أزمة نقص الأدوية في الصيدليات بسبب تخزينها من قبل بعض المواطنين، كما تناقل المواطنون شائعة حول اتجاه الدولة لفرض حظر شامل ضمن الإجراءات الاحترازية ما تسبب فى تكالب المواطنون على شراء السلع وتخزينها ما أدى إلى نقص السلع الأساسية من الأسواق، أما عن علاقة ارتفاع درجة الحرارة بانتهاء الفيروس ووضع مواعيد زمنية لذلك فأدى إلى رفع سقف التوقعات وإعداد الخطط لاستئناف الحياة.

لماذا تزداد الشائعات وقت الأزمات؟

لأن الشائعات لها أهداف مغرضة وهي إشغال الدولة عن مهامها الرئيسية في مواجهة الخطر الرئيسي الناجم عن المشكلة أو الأزمة وإثارة البلبلة لإضعاف قدرة الدولة في احتواء الوضع بخلق أزمات أخرى، لذا أؤكد أن الشائعة وسيلة خطيرة لنشر الفزع والرعب بين المواطنين وقت الأزمات.

كيف نساعد في وقف الشائعة وعدم تداولها في ظل الأزمة التي نعيشها؟

كل ما نحتاجه العمل بالحديث الشريف "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ" فهو الحل الأمثل للحد من ترويج الشائعة، بالإضافة إلى تحرى المصداقية قبل تداول المعلومة وذلك بالبحث عنها من خلال المصادر الموثوقة والجهات المعتمدة، وهذا يتطلب منا التركيز على زيادة وعي المواطن ونشر الأخبار الصحيحة وتكذيب الشائعات بشكل يومي وهو ما يفعله مجلس الوزراء من رصد الشائعات يوميا ونفيها للحد من رواجها.

لماذا يميل المجتمع المصري لتصديق الشائعة؟

تزداد قوة الشائعة عندما يكون لدى الناس رغبة في تصديقها وهذا يتناسب مع تصنيف مجتمعنا بأنه عاطفي يميل إلى سرعة الحصول على إجابات لإرضاء مخاوفه وإن كانت كاذبة حيث يتجه اللاوعي بداخلنا لتصديق ما يشاع حولنا في محاولة للحصول على تفسير لما يحدث حتى وإن كان خاطئ.

 

ما روشتة السعادة لحواء في مواجهة الأزمة الحالية وما يصاحبها من شائعات؟

أولا يجب عليها حث أسرتها على اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية واتباع النظام الغذائي الصحي والحفاظ على الصحة النفسية بمحاولة التقليل من متابعة الأخبار السلبية والحد من استخدام مواقع التواصل الاجتماعى، بالإضافة إلى الترشيد فى احتياجاتها المادية واتباع ثقافة الاستغناء لمواجهة الأزمة وتوابعها من قلة الموارد، وعليها دائما أن تعلم أبناءها ثقافة "ترويض النفس" لتخطي الأزمة مع البحث دائما عن البدائل لسد الاحتياجات الأساسية، ويمكنها تخفيف الضغط النفسي الواقع عليها بتخصيص ساعة أو أقل يوميا لتتعلم مهارة جديدة أو تمارس هواية أو تستمع لموسيقى أو للتسبيح وقراءة القرآن  لتستعيد طاقتها كاملة لمواصلة دورها الحيوي بأسرتها، كما أن لحواء دورا كبيرا في مساعدة أجهزة الدولة بأن تكون هي وأسرتها إيجابيين في عدم تداول الشائعات وعدم التنمر ومساعدة الغير لنعبر الأزمة بسلام.

وماذا عن مبادرة "مع بعض هنعدي"؟

هي مبادرة أطلقتها لتفعيل دورنا بشكل إيجابي لمساعدة غيرنا، فليست كل المساعدات مادية فيمكن أن تكون تخصيص ساعة يوميا لدعم الآخرين نفسيا أو تقديم الأطباء والمحامين استشارات دون مقابل، فالمساعدة بالوقت لا تقل في أهميتها عن المادية، فكلنا نحتاج لدعم بعضنا الآخر حتى نتخطى الأزمة.

المصدر: حوار : منار السيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 874 مشاهدة
نشرت فى 3 يوليو 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,861,323

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز