كتبت : أماني ربيع

الحب كالمفاجأة لا نعلم متى تأتينا أو يغادر القلب ليترك صاحبه فريسة للفراغ والحزن، مخطئ من ظن أن "للأبد" كلمة رومانسية تلائم كل قصص الحب، فحتى يدوم الحب لآخر العمر ولا تكتب لقصته نهاية لابد من مجهود متبادل من الطرفين، فهو كالكائن الحي بحاجة لرعاية وعناية.

"حواء" تعطي المجال للرجال ليفصحوا عما في قلوبهم، وتعرف وجهة نظرهم حول العمر الافتراضي للحب إذا جاز التعبير، عزاب ومخطوبين ومتزوجين وتسألهم متى ينتهي الحب من قلوبهم تجاه الحبيبة والزوجة..

فى البداية يقول كرم فهمي، محاسب: لم أرتبط بعد، لكن ككل رجل أحلم بشريكة لحياتي، وكلمة شريكة تعني أن ما يؤلمني يؤلمها، وما يسعدني يسعدها، وبالطبع أنا بالمثل، لذا أعتقد أنني إذا شعرت أن الإنسانة التي أحببتها أنانية تفكر في سعادتها وحدها ولا تلتفت لما يضايقني، ولا تحاول أن تبحث عن سبب ضيقي وحزني، فالحب وقتها لن يكون له معنى، ففي النهاية الارتباط والزواج أخذ وعطاء، وليس أخذ فقط، ومهما كانت درجة حبي أعتقد أنني لن أستمر مع طرف يأخذ فقط، لأني بمرور الوقت لن أستطيع أن أعطي مشاعر أو حب.

وعن تجربته يحكى عمر سيد، 30 سنة، مصمم جرافيك، قائلا: ارتبطت بزميلتي بالعمل بعد قصة حب استمرت عامين كانت فيها رقيقة ومتفهمة لظروفي، حتى أصبح الارتباط رسميا فبعد الخطبة لاحظت تغييرا ربما كان موجودا ولم ألتفت له وهو حبها للمظاهر أكثر من جوهر العلاقة نفسه، بدأت تنتقد ملابس إخوتي وأهلي وكيف أنها لا تليق بالمناسبة، تفكر دوما قبل اي مناسبة في الهدية التي يجب أن أقدمها، حتى أصبحت قيمة الهدية لديها أهم من معناها، بمرور الوقت شعرت أنني لست مهما في هذه العلاقة كحبيب بل كخطيب وعريس يحقق لها فكرة أنها مرتبطة أمام العائلة والأصدقاء ليس أكثر، وفي لحظة ما لم أعد أحتمل، كانت جميلة جدا وكانت واثقة أنني لن أتركها لهذا السبب، لكنني بجانب الجمال أردت الحب والمشاعروالدفء، لذا فسخت الخطبة.

وفي حكاية سامي فرحات، 35 سنة، مصور فوتوغرافي ومنظم حفلات، كان الشك سببا في طلاقه يقول: تزوجت عن حب، لكن لأن عملي يجعلني أحتك بنساء كثيرات، جعل هذا زوجتي في حالة شك وغيرة دائمة، في البداية كان الأمر يسعدني بعض الشيء لأنها تحبني وتهتم بي وتخشى على حبي لها، لكن بمرور الوقت أصبح الوضع خانقا، البيت مكهرب باستمرار، شجار دائم، لا أنكر أن الشك المستمر جعلني أفكر طالما الشك موجود لماذا لا يكون حول أمر حقيقي، لكن حبي لها ظل حاجزا بيني وبين ذلك، استمر زواجنا خمس سنوات، ظننت أن حرصي على هذا الزواج ووجود طفلة بيننا سيجعل الأمور أفضل وسيجعلها أهدأ وأكثر ثقة في حبي، ولما لم يحدث ذلك اضطررت للطلاق لأجل نفسية ابنتنا لم أرد أن تنشأ وسط جو متوتر، وكذلك لأن رصيد الحب في قلبي انتهى ولم أتمكن من الاستمرار.

ويقول فارس محمد، مهندس: أنا شخص رومانسي بطبيعتي وأردت الارتباط بفتاة أعيش معها علاقة حب رومانسية فوقعت في حب فتاة عرفتها عن طريق أصدقاء مشتركين، كانت جميلة ومحترمة للغاية وبدت اختيارا مناسبا جدا، لكن بعد الخطوبة ومع التعامل شعرت أنها جامدة للغاية وعملية، لا تستطيع التعبير عن مشاعرها مطلقا، في بدايات الحب حيث تكون المشاعر في أقوى صورة شعرت أنها تعاملني ببرود، وكنا نواجه كثيرا من الصمت في المكالمات التليفونية بيننا، بدا الأمر غريبا جدا، فكرت قلت الفتيات عادة متحفظات خوفا من فكرة الرجل عنها، حاولت أعطيها الثقة في شخصي واهتممت بما تحبه، وقدمت لها الهدايا، لكن حتى لحظة تقديم الهدية كانت متحفظة وباردة، شعرت أنها ربما لا تحبني أو ربما هي شخص متحفظ في مشاعره عموما، وبعد فترة لم أحتمل الوضع وتحدثت معها ووعدتني بأنها ستتغير لكن لم يحدث شيء، فاضطررت لأن أتركها كي لا أظلم نفسي أو أظلمها.

الرجل أكثر رومانسية

تعلق د. أمنية عزمي، الاستشارية النفسية على الآراء السابقة قائلة: يرتبط الحب بصورة كبيرة بالتوقعات التي يحملها الطرفان حوله، وتحدث المشكلة إذا اختلف ما يريده الاثنان، فعادة يقع الرجل في الحب بصورة أسرع لأن المرأة أكثر تحفظا، وبعض النساء يعتقدن أن الرجل ليس رومانسيا وأنه يهتم بالمظهر الخارجي أكثر فلا يلتفتن لإشباع رغبة الرجل في الحب، كما تعتقد المرأة دوما أن الرجل يجب أن يكون السند في العلاقة، لكن الرجل أيضا يحتاج أن تكون المرأة سندا له وداعما في المواقف المختلفة، ومن وقت لآخر تعبر عن مشاعرها بشكل أقل تحفظا، كذلك من النقاط المهمة أن الرجل يشعر أن علاقته بمن يحب منطقة محرمة على الآخرين بمعنى أنه لا يحكي عن حبه وزواجه للأصدقاء بعكس المرأة التي تعتبر مشاعرها مشاع وتحكي عنها للأهل والأصدقاء سواء للفضفضة أو طلب المشورة، وهنا يحدث الخلاف، لذا يجب أن تكون هناك حدود لما يقال ولمن يقال حتى لا تحدث مشكلات، لأن أحيانا كلمة تخرج للآخرين تؤدي إلى مشكلة كبيرة، هنا يجب على الحبيبة أو الزوجة أن تعرف الطرف الآخر ماذا يحب وماذا يكره، ويجب أن يتوصل الطرفان إلى صيغة تفاهم مشتركة حتى لو كانا يختلفان عن بعضهما البعض، ومن المهم قبل الارتباط الرسمي أن يكون هناك اتفاق بينهما على أساسيات وطبيعة العلاقة حتى لا تحدث مشكلات بالمستقبل.

حب على المشاع

يرى د. أمجد مصيلحي، أستاذ علم الاجتماع، أن المشكلة الحقيقية اليوم أن كل العلاقات أصبحت على الملأ، فمنذ بداية العلاقة وكل شيء مطروح على السوشيال ميديا حتى نظرة الشباب سواء فتيات أو رجال عن الحب والارتباط والزواج تأتي من بوستات فيسبوك وصور إنستجرام، والشباب يلتفتون إلى المظاهر والابتسامات حتى لو كانت زائفة ويصبح التقليد هو همهم الوحيد وبخاصة الفتيات وهذا يؤثر على العلاقة فيما بعد، فبعد الانتهاء من المظاهر ماذا يتبقى؟ لا شيء، أساسيات الحب نفسها من تفاهم ودعم وود لا تكون موجودة، وتصبح الأمور والعلاقات سطحية أكثر، ومن هنا يموت الحب بشكل أسرع، في الماضي كان الطرفان يميلان للإصلاح، الآن أصبحت فكرة نقطة ومن أول السطر والطلاق والانفصال أسهل، البيئة نفسها أصبحت مشجعة على الارتباط السريع والانفصال السريع وهذا خطأ، العلاقات الصادقة تتأسس على أساس عميق من المحبة والتفاهم وليس المظاهر.

تفاهم متبادل

أما د. فوزية سعد الله، استشارية العلاقات الأسري فترى أن المشكلة تكمن في اختلاف وجهات النظر، وعدم استعداد طرف للتنازل من أجل الآخر، كذلك عدم وجود مساحة للبوح والكلام بين الطرفين، يعني إذا كانت هناك مشكلة بدلا من الصمت الذي يؤدي إلى التراكم ثم الانفجار يجب أن تكون هناك جلسة صراحة يتحدث فيها الاثنان حول ما يقلقهما وما يضايقهما، كذلك يجب أن يكون هناك تصور للعلاقة باعتبارها علاقة بين اثنين أصبحا شخصا واحدا، وأن التنازل من وقت لآخر أمر صحي يؤدي إلى متانة العلاقة، الرجل عادة يبحث عن الحب، عن امرأة تحتويه وتتفهمه، يجب أن تدرك المرأة ذلك، فالرجال مثل الأطفال يمكن كسب النقاش معهم ببعض الذكاء، لا داعي لأن يصبح الصوت العالي هو طريقة التفاهم بل النقاش الهادئ واختيار الوقت المناسب للحديث، وعلى الرجال أن يدركوا أيضا أن المرأة في المجتمع الشرقي أكثر تحفظا، كذلك هناك مناخ عام من عدم الثقة مع انتشار الحديث عن حوادث الطلاق والمشكلات بين الأزواج يجعل المرأة تفكر في حقوقها ومتحفزة دائما في العلاقة، هي أيضا بحاجة إلى ثقة وتفهم، ففي النهاية الحب علاقة متبادلة، ولكي لا يموت الحب يجب أن يسقيه الاثنان بالثقة والتفهم والتسامح.

المصدر: كتبت : أماني ربيع
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 640 مشاهدة
نشرت فى 18 فبراير 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,701,690

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز