كتبت : سماح موسى

 

ربات البيوت قوة لا يستهان بها فهن عنصر أساسي في بناء المجتمعات، لديهن قدرة على الريادة والقيادة واتخاذ القرارات التي تخص المنزل، يراقبن ويتابعن أبناءهن ويكتشفن مهاراتهم ويعملن على تنميتها، فهن مربيات العالم والطبيب والمهندس والمعلم والكاتب وكذا الحرفي، ولأن الاختلاف سنة كونية كان لكل ربة منزل شعار في التنشئة الاجتماعية وطرق لخلق جيل قوي يبني وطنه ويدافع عنه، فما هي تلك الطرق،  وما هى القيم والأساليب التي تربي المرأة أبناءها عليها حتى تخلق جيلا سويا وصالحا؟

فى البداية تقول السيدة الخمسينية ثريا أحمد، بنت محافظة الغربية: حرصت منذ ولادة ابني الوحيد أن أعلمه احترام ذاته لأنه بمثابة اللبنة لاحترام أهله ووطنه، والحمد لله ربيت طبيبا مجتهدا محبوبا يفيد مجتمعه بكل ما يمتلكه.

وتقول نجلاء السيد، ربة منزل في إحدى قرى محافظة الدقهلية: اعتدت اصطحاب أبنائي أثناء إخراج الزكاة والصدقات لفقراء القرية لأعلمهم حب الناس خاصة مساعدة الفقراء والرحمة بهم، وعندما كبروا والتحقوا بعملهم قرروا تخصيص ربع راتبهم لمساعدة الفقراء شهريا.

بسببي التحق ابني بكلية الشرطة، هذا مابدأت به منيرة راضي 55 عاما ربة منزل من مدينة ميت غمر محافظة الدقهلية حديثها وتقول: تفرغت لابني بعد وفاة والده فكان شغلي الشاغل،  عودته منذ الصغر على قراءة قصص تاريخية ودينية ومشاهدة الأعمال الدرامية التي تعرض مذكرات الرموز السياسيين، فطلب مني الالتحاق بكلية الشرطة وقال إنه فداء للوطن.

أما رقية أحمد، 44عاما ربة منزل وأم لثلاثة أولاد فقد عودت أبناءها على الأمانة والصدق وحب البلد من خلال الزيارة الأسبوعية للأماكن السياحية والأثرية وشراء المنتج المحلى لتشجيع الصناعة المصرية.

 

أساليب علمية

يعلق د. حسن شحاته، أستاذ المناهج بكلية التربية جامعة عين شمس والخبير التربوي على أساليب تنشئة الأم لأبنائها قائلا: تحتاج التربية في الصغر وبناء الإنسان إلى أساليب عديدة منها القصة أو الحكاية لتعليم قيم أخلاقية كالحرية والتسامح واحترام الرأي الآخر، وكذا إرساء قيمة العمل الجماعي من خلال اللعب الجماعي، بجانب أسلوب "النمذجة" وهو تقديم قدوة في جانب معين، وتعليمه عن طريق الأحداث الجارية بمعنى أن نعطيه مساحة للمعرفة ونقد ما يحدث حوله واحترم رأية بشرط أن يكون تفكيره قائما على الأدلة والأسباب وإعطاؤه حق الاختيار، بجانب تشجيعه على القراءة وسماع الموسيقى التى تساعد على نمو الوجدان، بالإضافة إلى تعويده على ممارسة الرياضة التى هى أساس بناء الجسد.

ويضيف: في ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي على الأم مسئولية أكبر تجاه ابنائها من خلال تبصيرهم وتوجيههم بعيدا عن إصدار الأوامر مع مراقبتهم بطريقة غير مباشرة.

 

دور متكامل

يقول د. وائل إبراهيم الكميلي، خبير التنمية البشرية: الأم هي العامل الأساسي فى التنشئة الاجتماعية لأبنائها تحديدا، فلابد أن تعي هذا الدور بشكل كبير فليس دورها في توفير الغذاء والملبس فقط فقد أخذت دور المدرسة أيضا في التعليم بنظامه الجديد الذى فرضته جائحة كورونا، وكي تقوم الأم بدورها في التنشئة عليها أن تلعب دور مدير نادي ثقافي تختار موضوعا ما يوميا وتحدثهم عنه لتقدم قيمة أو مهارة سواء من خبرتها أو عن طريق السوشيال ميديا أو من الكتب، ففي كل الأحوال الطفل كالوعاء الفارغ يمتلأ بما تقدمه له العوامل المحيطة به "الأسرة والإعلام والمدرسة والبيئة" فدور الأم أن تنتقي كل تلك العناصر بعد عمل مونتاج لكل ما يقدم له حتى تقدم لطفلها ثمرة تساعده على النضج كي يكون عضوا نافعا لنفسه ولأسرته ولمجتمعه ككل.

ويتابع: على الأم أن تقدم نماذج ناجحة لأولادها وتشجعهم على تحقيق النجاحات والإنجازات، فوالدة صلاح الدين الأيوبي كانت تزرع بداخله أفكارا حماسية وتردد له باستمرار هذه الجملة منذ صغره "لابد أن تكون صبيا ناجحا، تشب شابا فالح، تكون قائدا قويا يعيد الله على يدك بيت المقدس"، وكذا توماس أديسون مخترع المصباح الكهربائي له مقولة شهيرة "والدتي  من صنعتني كانت واثقة بي".

 

ناقل الموروثات

"معرفة دينه وأصول مجتمعه من أهم القيم" هذا ما بدأت به د. منار عبدالفتاح حديثها وتقول: ليس شرطا أن تكون ربة المنزل متعلمة كي تعلم أبناءها تعاليم دينهم وأصول مجتمعهم التي على أساسها ينشأ شابا محافظا على أسرته ووطنه، فعلى الرغم من أن الأمهات قديما غير متعلمات لكنهن خرجن نخبة المجتمع من "أطباء ومهندسين ومعلمين وعلماء وغيرهم"، فالأم الصالحة تحبب أبناءها في القراءة من خلال قراءة القرآن ومذاكرة دروسه وترسخ لديهم معنى التضحية بنفسها من أجل أن يعيش حياة كريمة فيتعلم فيما بعد أن يضحي بنفسه فداء لأهله ولوطنه، لكن الآن مع نظام حياتنا السريع فقدنا التواصل المستمر مع أولادنا رغم أن تواصل الأم مع أبنائها يعطيهم الأمان والثقة بأنفسهم واحترام الذات باعتبارها العنصر الرئيسي لنقل الموروثات المجتمعية الأصيلة لأبنائها بسرد الرموز السياسية لبلدهم بفخر وتعويدهم زيارة الأماكن الأثرية والسياحية وتعليمهم  احترام القانون.

 

نواة الأسرة والمجتمع

أما د. آية صلاح، أستاذة علم الاجتماع فتقول: الأسرة هي النواة الأولى للطفل في التنشئة بغض النظر عن ثقافتها ومستواها التعليمي، فمن الممكن أن يكون التوجيه بناء على خبرات حياتية ما يجعل لديها وعي بدورها في تسطير الخطوط العريضة داخل ذهن الطفل تعلمه الصدق والأمانة والإصرار على النجاح ونقله من مرحلة دراسية لأخرى، وقد أدركت الدولة أهمية دور المرأة في بناء الوطن وهذا واضح من خلال المبادرات الكثيرة لدعمها صحيا واقتصاديا.

وأخيرا تقول د. سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بكلية تربية جامعة عين شمس: المرأة هي قبطان السفينة عليها أن تتحلى بسعة الصدر والصبر وأن تعي ثقل مسئولياتها وأن تكون مثلا أعلى وقدوة لأبنائها وأن تتفرغ لهم خاصة في مراحلهم العمرية الأولى، فالتعليم في الصغر كالنقش على الحجر، عليها أن تكتف بإنجاب طفل أو طفلين حتى تستطيع تربيتهم تربية سوية.

المصدر: كتبت : سماح موسى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 560 مشاهدة
نشرت فى 11 مارس 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,467,310

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز