كتبت : سكينة السادات

يا بنت بلدى  حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئتى السيدة أحلام (64 سنة)، التى حكيت فيها كيف أن والدها كان بالغ الثراء يمتلك تجارة كبيرة عبارة عن عدة وكالات تجارية فى مختلف أحياء القاهرة، وكيف كانت زوجته الأولى فى ريعان شبابها وتركت له ثلاثة أبناء تولت أمى تربيتهم بعد زواجها من أبى وكانت تحبهم وتفضلهم على أولادها الذين أنجبتهم! وحكت كيف تدهورت التجارة لظروف ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وغيرها بعد وفاة والدها، وكيف بيعت الوكالات والبيت الكبير الجميل الذى كان فى حى الجمالية، وكيف انتقلت الأسرة إلى فيلا فى منطقة العجوزة وتخرج كل إخوتها وتزوجوا وكانت هى الصغيرة بينهم، وبعد أن تخرجت فى كلية التجارة أقبل عليها العرسان أى الخطاب وذلك لجمالها وأناقتها وثرائها فقد كانوا يعيشون فى رغد من إرث والدها، ورغم ذلك فقد أصرت السيدة أحلام أن تلتحق بعمل محترم وتجمع إخوتها مع أمها واختاروا لها عريساً شاباً محاسباً قريباً لهم، واشترت لها أمها شقة باسمها من نصيبها فى إرث والدها وأثثتها بأجمل الأثاث، وتزوجت أحلام زواجاً تقليدياً واشترطت على زوج المستقبل أن تظل فى عملها فوافق وتم زواجهما.

***

واستطردت السيدة أحلام.. حقاً يا سيدتى كان عمر أول بختى ذوق وأدب ومحبة تفوق الوصف، فقد جاء إلى شقتى التى اشتريتها من إرث والدى باسمى فقط بحقيبة ملابسه فلم تكن إمكانياته المادية تسمح بغير ذلك، ولم يكن ذلك مهماً فتكفينى محبته وأدبه وتدينه ورعايته لى ولأمى خلال مرضها الأخير ثم بعد انتقالها إلى الرفيق الأعلى، وكانت تربطه بإخوتى أواصر المحبة والاحترام، ولم يعرف الطمع فى مالى ومال أسرتى.. ومر على زواجنا ثلاث سنوات وأنا أنتظر أن يأتينا طفل يبهج حياتنا ولم نجد حلا سوى اللجوء إلى الأطباء! وكانت (دوخة) بين التحاليل ومختلف الأطباء الذين أجمعوا للأسف على أن لدى (رحماً طفولياً) لا يحتمل أن يكتمل فيه أى طفل، ولم أصدق أقوالهم بل سافرت إلى الخارج إلى لندن وفرنسا وألمانيا وقالوا كلاما نهائيا: انسى الحمل والولادة تماماً واشطبيهم من حياتك فلا فائدة! وما كانت المصائب لا تأتى فرادى فقد كانت صحة زوجى معتلة دائماً وانتهزت فرصة سفرى إلى الخارج لفحص حالتى الإنجابية وأجريت التحاليل لزوجى فتبين أنه مصاب بمرض فى الدم لا شفاء منه! واسودت الدنيا فى عينى وباختصار عاش زوجى معى بعد عودتنا من الخارج أربعة سنوات كنت خلالها أرعاه وأبذل له كل العطاء وأتصل بالأطباء فى الخارج من أجل علاجه حتى لقى وجه ربه الكريم راضياً مرضياً داعياً لى بالستر والسعادة على حسن رعايتى له وحزنت على زوجى (أول بختى) حزناً شديداً فقد كان كل شىء فى حياتى.

***

واستطردت السيدة أحلام.. وكنت أيام وفاة زوجى فى الثانية والثلاثين من عمرى وتقدم لى الكثير من العرسان منهم الطامع فى ثروتى أو جمالى أو وظيفتى وبصراحة كنت فى حالة بائسة وأوشكت على الإصابة بالاكتئاب حتى نصحنى إخوتى أن أتزوج، وفعلا اخترت رجلا كنت أظن أنه إنسان محترم لأتبين أن أول طلب له بعد زواجنا بشهرين أن أكتب له توكيلا عاما بكل أملاكى ورفضت بالطبع، وطلقنى بعد ستة شهور من زواجنا ولم تكن صدمة شديدة لى فقد بانت بوادره وطمعه ورأيت فرقاً شاسعاً بينه وبين زوجى أول بختى وعشت حياتى يا سيدتى وعقدتى هى أن أقارن بين من يتقدموا للزواج منى وبين زوجى عمر عليه رحمة الله، ولم أجد أحداً مثله، وللأسف كان الدرس قاسياً فقد تزوجت عدة مرات كنت فى كل مرة أعتقد أننى عثرت على ضالتى المنشودة حتى أن بعض الناس الذين لا يعرفون طبيعتى أسمونى «خطافة الرجالة»، فقد كان بعضهم يفهمنى أنه منفصل عن زوجته قبل أن يعرفنى ولما كنت غير ذات خبرة فقد كنت أصدقه وأكتشف بعد فوات الوقت أن زوجته ما زالت فى عصمته، ومن هنا كانوا يعتقدون أننى خطفت الرجل من زوجته! أقسم لك يا سيدتى أننى لم أتزوج أحداً من أزواجى الأربعة الذين تزوجتهم إلا بعد إصرار وتصميم من الرجل نفسه على الزواج منى، وأننى لم أخطف أحدا من زوجته فقد كان أحدهم يبكى بالدموع من سوء معاملة زوجته له وكنت أنا وحيدة بائسة محتاجة للونس، وها أنا الآن وحيدة أيضاً لكننى أعدك بأننى لن أتزوج خلاص وعيت الدرس.

***

أقول لك يا سيدة أحلام أن الله سبحانه وتعالى خلق لنا الدنيا بكل ما فيها من براح ونعم كثيرة! أرجوك أن تعاودى نشاطك فى جمعيات رعاية الطفولة والأيتام، وأن تشاركى فى مبادرة (حياة كريمة) بالعمل والمال إذا استطعت، وأن تشغلى حياتك بأداء الخدمات والخير للفقراء والمحتاجين، وأعلم أنك كريمة ومقدامة والله يعوضك خيراً عما عانيته فى حياتك ويضعه فى ميزان حسناتك.

المصدر: كتبت : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 644 مشاهدة
نشرت فى 26 أغسطس 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,895,523

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز