بقلم : طاهــر البهــي

ونحن في شهر النصر نتغنى بواحدة من أروع أغاني العبور: "سمينا وعدينا / ورفعنا رايات النصر / سمينا وعدينا ورجعنا ابتسامة مصر"، رائعة شهرزاد عقب العبور العظيم، ترى ماذا قدمت الإذاعة المصرية قبيل العبور، كانت علامات النصر تبدو كشهب مضيئة في سماء الوطن، من يرجع بذاكرة الوثائق إلى الساعات القليلة التي سبقت العبور يدرك أن مصر كانت على موعد مع النصر، وأن هناك علامات وبشائر تشير إلى اقتراب لحظة العبور، من غرائب القدر لمن يعود إلى سجلات الإذاعة المصرية ووثائقها الصوتية، ما حدث عند نقل شعائر صلاة الفجر، كانت الشعائر مقامة بمسجد مولانا الإمام ـ الحسين رضي الله عنه ـ حفيد رسول الله وشقيق الطاهرة السيدة زينب اللذين استقر بهما المقام على أرض مصر مهد الديانات وملاذ أولياء الله الصالحين وآل البيت الكرام، كان قارئ قرآن الفجر المشهود، هو القارئ الشيخ الراحل محمد أحمد شبيب قارئ الإذاعة المصرية، الذي ألهب المصلين ومعهم ملايين المستمعين في ربوع مصر وخارجها، ألهبهم حماسا وخشوعا ـ لا تعارض ـ مازلنا مع نسمات منعشة من فجر يوم السادس من أكتوبر 1973، العاشر من رمضان، كان يقرأ من سورة آل عمران آيات الشهادة في سبيل الله مستدعيا آهات السامعين، كانت الآيات البينات من كتاب الله الكريم التي كان يجودها الشيخ شبيب تتحدث عن الشهادة في سبيل الله وظل يكرر الآيات في صوت خاشع مهيب، قال بعض من حضروا الشعائر في فجر ذلك اليوم  أن هواء باردا منعشا قد غشيهم فانتعشوا وتمايلوا مع تجويد الشيخ، ولكن الأجمل أنهم استشعروا أن نصر الله على الأبواب وأن العبور قادم؛ فلم يكن المصريون دعاة حرب، وإنما كان ثأرهم وبأسهم على من ظلمهم شديدا، وبعد أقل من ثماني ساعات كانت نفس الإذاعة تبث بيان العبور..وتنطلق الأغنيات.. سمينا وعدينا ورفعنا رايات النصر.. سمينا وعدينا ورجعنا ابتسامة مصر.