كتبت : هدى إسماعيل

"الدين لله والوطن للجميع" لم يكن يوماً مجرد شعارايتصدر عناوين الصحف أووسائل الإعلام بل حياة وواقع يتعامل به جميع المصريين الفقير والغني المسلم والمسيحي دون النظر إلى عقيدةالآخربل يكفيهم أن يكون مصري فحب الوطن يولد معنا، ولأنهم شركاء في الوطن العزيز تبادلوا التهانىفى الأفراح والأعياد والمواساة فى الأطراح والأحزان.

ومع اقتراب احتفالات أعياد الميلاد تسود مشاعر الأخوة والمحبة بين قطبى الوطن ليعكسا صورة مشرفة ورمزا للوحدة والتماسك، "فنعيد مع بعض" كان شعار المصريين فى العام الجديد..

فى البداية يقول أبانوب فكري" مصور: من وجهة نظري لا يوجد فرق بين أعياد المسلمين والمسيحيين فهي مسميات فقط، فعلى سبيل المثال في عيد الأضحى أتناول الفتة واللحمة مع أصدقائي المسلمين، وفي رمضان أمتنع عن تناول الطعام أمامهم حفاظاً على مشاعرهم ونفطر سويا بعد المغرب، وفي أعيادنا يحدث الأمر نفسه لذا فهو عيد في مصر وللمصريين لافرق بين مسلم ومسيحي، لم نشعر يوماً بأي فروق بيننا حتى المحاولات الكثيرة من أجل التفرقة لم تنجح بفضل الله.

أما جنة محمود، مترجمة فتقول: نحن المصريون نبحث عن أي فرح أو مناسبة أو عيد باختصار نبحث عن السعادة، والمناسبات الخاصة بأهلنا المسيحيين هي فرصة لذلك، من منا ليس لديه صديق أو جار مسيحي مصر كلها كذلك نحتفل معهم ويحتفلون معنا هكذا الحياة في مصر طيبة.

وتقول جومانا نبيل، طالبة: كلنا بنعلق زينة رمضان في الشارع مع بعض وفي عيدنا بنتشارك كلنا في الزينة والحلويات، المصريين دائما كده اتولدت في عمارة جارتنا وأقرب أصدقاء ماما مسلمين على الحلوة والمرة مع بعض وفي الأعياد مع بعض ورمضان وعيد الميلاد لازم نحتفل مع بعض، الشوارع في مصر بتنور في الأعياد يبقي نفرح كلنا.

الوطن للجميع

تحرص سفيرات المحبة على تبادل التهانى بالأعياد بين المسلمين وأشقائهم الأقباط لا فرق بينهم فوطنهم واحد وحول هذا تقول ميرفت عزت، أحد أعضاء مبادرة "سفيرات المحبة والسلام": مشاركتنا المناسبات والاحتفال أمر طبيعي جدا فعلى سبيل المثال في مبادرة سفيرات المحبة كانت خطوات الداعيات مع الراهبات نتشارك كل شيء مع بعضنا البعض حتى أغلب محادثتنا ومناقشتنا لا علاقة لها بالدين ولا العقيدة فالوطن هو مايجمعنا.

وعن وجود الواعظة والراهبة على أرض الواقع، توضح أن إدارة وعظ السيدات بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة كان لها حملات فى جميع المحافظات لتوعية السيدة المصرية المدنية والريفية: "الفكرة كانت مش فى الجلوس فى المساجد، بل بناء المجتمع بشكل سليم".

وتضيف:خلال عملنا مع الراهبات تم إلغاء مصطلح "هم ونحن" وحل مكانه "كلنا"وهذا من أجل مصر، فالتواصل والمحبة الذي حدث بين الواعظات والراهبات كان أكثر من رائع، حيث تم تبادل الخبرات والمعلومات، والتواصل الجيد كان هو الدليل والرد على كل من تسول له نفسه على بثروح الفرقة بين الشعب.

عقد المواطنة

يقول د. أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: قال الرسول الكريم "إن لكل قوم عيد، ويكفي أن القرآن الكريم عظم يوم مولد السيد المسيح عليه السلام"، متسائلا: كيف يأتي متنطع وجاهل وينفي الاحتفال والاحتفاء بمولد السيد المسيح عليه السلام؟.

ويقول: لدينا أعياد ترتبط بمناسبات دينية مثل عيدي الأضحى والفطر، ومناسبات أخرى كالهجرة والمولد النبوي، ولدينا مناسبات مجتمعية مثل عيد شم النسيم والأم وغيرها، وقد أقرت الشريعة الناس على أعيادهم لحاجتهم إلى الترويح عن نفوسهم، ونص العلماء على مشروعية استغلال هذه المواسم في فعل الخير وصلة الرحم والمنافع الاقتصادية والمشاركة المجتمعية، فضلًا عن عقد المواطنة الذي تتساوى فيه الحقوق والواجبات، وكلما ازدادت الروابط الإنسانية تأكدت الحقوق الشرعية؛ فالمسلمون مأمورون أن يتعايشوا بحسن الخلق وطيب المعشر وسلامة القصد مع إخوانهم في الدين والوطن والقرابة والجوار والإنسانية ليُشعِروا مَن حولهم بالسلام والأمان، وأن يشاركوا مواطنيهم في أفراحهم ويهنئوهم في احتفالاتهم، ما دام أن ذلك لا يُلزِمهم بطقوسٍ دينيةٍ أو ممارسات عبادية تخالف عقائد الإسلام.

دار الإفتاء ترد

مع اقتراب أعياد الميلاد تتباين الآراء بين المشايخ حول جواز تهنئة الإخوة الأقباط بعيدهم، فما القول الفصلفى ذلك؟

أوردت دار الإفتاء المصريةفىفتواها،إنه لا مانع شرعًا من مجاملة وتهنئة المسيحيين بأعيادهم أو مواساتهم في أي مناسبة تحل بهم، وأن هذا هو التطبيق الأمثل للإسلام، وليس في ذلك خروج عن الدين، أو فيه نوع من الحرمة كما يرى بعض المتشددين، فالدين يُسرٌ لا عُسرٌ، ولما ورد في "صحيح البخاري": "وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ".

ونوهت الإفتاء بأن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قَبِلَ الهدية من غير المسلمين، وزار مرضاهم، وعاملهم، واستعان بهم في سلمه وحربه حيث لم يرَ منهم كيدًا، كل ذلك في ضوء تسامح المسلمين مع مخالفيهم في الاعتقاد، ولم يفرق المولى عز وجل بين من المسلم وغير المسلم في المجاملة وإلقاء التحية وردها؛ قال تعالى: «وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا» [النساء: 86]، والتهنئة في الأعياد والمناسبات ما هي إلا نوع من التحية.

وأوضحت: أما ما استشهد به هؤلاء من قوله تعالى: «وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا» على عدم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم من نصارى ويهود: فإنما هي نظرة قاصرة للنص القرآني؛ حيث لم يرد ذلك صريحًا في الآية، بل هو اجتهاد في تفسيرها، وقد نقل فيه عدة آراء، فما بالهم يأخذون منها ما يوافق أهواءهم ويكفرون بغيرها.

وأكدت فى فتواها أن الاحتفال بليلة رأس السنة الميلادية، المؤرخ بيوم ميلاد سيدنا المسيح عيسى ابن مريم -على نبينا وعليه السلام-، بما يتضمنه من مظاهر احتفالية والتهنئة به جائز شرعًا، ولا حرمة فيه؛ لاشتماله على مقاصد اجتماعية ودينية ووطنية معتدٍّ بها شرعًا وعرفًا، من تذكر نعم الله تعالى في تداول الأزمنة وتجدد الأعوام.

وذيلت الإفتاء بيانها قائلة: أقرت الشريعة الإسلامية الناس على أعيادهم لحاجتهم إلى الترويح عن نفوسهم، ونص العلماء على مشروعية استغلال هذه المواسم في فعل الخير وصلة الرحم والمنافع الاقتصادية والمشاركة المجتمعية، وأن صورة المشابهة لا تضر، إذا تعلق بها صالح العباد، ما لم يلزم من ذلك الإقرار على عقائد مخالفة للإسلام، فضلًا عن موافقة ذلك للمولد المعجز لسيدنا المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، الذي خلّده القرآن الكريم وأمر بالتذكير به على جهة العموم بوصفه من أيام الله، وعلى جهة الخصوص بوصفه يوم سلام على البشرية.

 

المصدر: كتبت : هدى إسماعيل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 376 مشاهدة
نشرت فى 6 يناير 2022 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,688,356

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز