كتبت: شيماء أبو النصر
أكدت د. سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن الشائعات ونشر الأكاذيب وحملات التضليل أهم أدوات حروب الجيل الرابع والتى تستهدف إضعاف الروح المعنوية للمواطن، وتستهدف أيضا تماسك الأسرة والمجتمع، وترى أن الشائعات تعتمد على نشر معلومات زائفة ومشاركتها على نطاق واسع، وأن مواقع التواصل الاجتماعى تمثل أرضا خصبة لنشر الأكاذيب، وأن مواجهة الشائعات يكون بنشر الحقائق من مصادرها، داعية المواطن خلال حوارها مع "حواء" إلى التأكد من أى خبر أو معلومة قبل نشرها عبر حساباته الشخصية.
فى البداية ما المقصود بالشائعة؟
الشائعات أحد أبرز أدوات حروب الجيل الرابع وتسمى أيضا بالدعاية السوداء، وتقوم على فبركة معلومات غير حقيقية وتقديمها كحقائق، أو تقديم معلومة بعد تشويهها وتغييرها بغرض ضرب الثقة بين المواطن ودولته أو التشكيك فى المؤسسات الوطنية، والشائعات إحدى أدوات حروب الجيل الرابع حيث تطورت أنواع الحروب لتلائم أهدافها المتغيرة، خاصة مع التطور التكنولوجي الرهيب الذي نعيشه، والذي أدي لتطوير تقنيات في الواقع الافتراضي لتتحول الحرب إلى معلومات زائفة بغرض التضليل بدلاً من حروب المدافع، وتعتمد حروب الجيل الرابع على الحرب النفسية، ومن أدواتها وسائل التواصل الاجتماعى وتصدير الأزمات وهو ما نراه فى جزء كبير من أزمة ارتفاع الأسعار جاء بناء على شائعات باختفاء أنواع من بعض السلع أو تصدير كميات كبيرة من المنتجات فيحدث تكالب من الناس على شراء وتخزين السلع بشكل غير مبرر ما يؤدى إلى ارتفاعات متلاحقة وغير مبررة فى الأسعار، ومن الملاحظ أنه أصبح هناك متخصصون فى نشر الأكاذيب.
وكيف أصبحت مواقع التواصل الاجتماعى أرضا خصبة لنشر الشائعات؟
تلعب مواقع التواصل الاجتماعى دورا كبيرا فى نشر الشائعات حيث أصبحت تمثل أرضا خصبة لتقديم ونشر الشائعات خاصة مع التطور التكنولوجى والواقع الافتراضى، فأصبحت الشائعة يتم انتاجها ودعمها بالمعلومات الملفقة والصور المفبركة ونشرها كحقيقة على مواقع التواصل الاجتماعى دون تدقيق أو محاولة البحث عن مدى صحتها، ثم يأتى هوس الشير وعمل التريند حيث لا يستغرق الأمر أكثر من دقائق وتنتشر الشائعة على نطاق واسع.
وما هى أدوات نشر الشائعات؟
ارتبطت الشائعات فى الماضى بالإذاعات فى البداية ثم القنوات الموجهة والأن أصبحت مواقع التواصل الاجتماعى ساحة خصبة جدا لانتشار الشائعة خاصة مع خاصية "الشير" التى تتيح نشر ومشاركة الشائعة مع آلاف المشاركين فى نفس اللحظة، كذلك التطبيقات المرتبطة بمواقع التواصل الاجتماعى التى تعتمد على فبركة الصور والفيديوهات ونشرها على أنها حقائق.
وما تأثير الشائعة على الفرد والمجتمع؟
الشائعة سلاح غير شريف يستخدم ضد الأفراد بهدف التقليل منهم ومحاولة إظهارها بشكل غير جيد بين المحيطين بهم وتستخدم فى بعض المواقف مثل الانتخابات للتقليل من فرص فوز الشخص المستهدف، كما تؤثر على الأسرة فالشائعة لا تمس الفرد المستهدف وحده لكنها تهدد أسرته وتجعلها تحاول الدفاع عن الشائعة التى لحقت بأحد أفرادها.
هل مصر مستهدفة بالشائعات داخليا وخارجيا؟
بالفعل فمصر تتعرض لهجمات شرسة من المضللين وأعداء الوطن من الجماعة الإرهابية وحلفائها بغرض إضعاف الروح المعنوية للمواطن خاصة مع الإنجازات الكبيرة التى تحققها القيادة السياسية فى بناء الجمهورية الجديدة، ويجب أن ندرك حجم المؤامرة التى تحاك ضدنا، وأن يكون لدينا الوعى الكافى لمواجهة أعداء الوطن الذين يروجون الشائعات ويحاولون التقليل من أهمية الإنجازات التى تحققت فى جميع الملفات بل والنيل من كل الجهود، لذا يجب أن ننظر للدول المحيطة بنا ونرى كم الدمار والفوضى الذى لحق بها.
كيف يمكن التصدى للشائعات وما دور الدولة فى ذلك؟
تقوم الدولة بدور كبير من خلال الحرص على رصد الشائعات وتوضيح ونشر المعلومات الحقيقية من خلال الجهات المعنية ومنها ما يقوم به مجلس الوزراء من خلال مركزه الإعلامى برصد الشائعات، وتحليل الشائعات بشكل علمى وإصدار تقارير رسمية توضح أهم المجالات التى تستهدفها الشائعات والتى وجد فى آخر تقرير أن الملف الإقتصادى من أكثر الملفات التى يحرص المغرضون على إطلاق الشائعات حوله، ويقوم المركز أيضا بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية لعمل تدفق للمعلومات الصحيحة من مصادرها الرسمية بشكل مستمر للحد من انتشار الشائعات، وسرعة توضيح الحقيقة الخاصة بها بالمعلومات والأرقام، ونشرها من خلال وسائل الإعلام المختلفة.
وما دور المواطن فى مواجهة الشائعات؟
على المواطن دور كبير فى مواجهة الشائعات من خلال استقبال المعلومة بشكل نقدى والبحث فى صحتها من خلال إعمال العقل فهناك شائعات غير منطقية من الأساس، وأيضا عدم الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعى فى الحصول على المعلومات والأخبار، فمواقع التواصل الاجتماعى ليست وسيلة للحصول على المعلومة، والتفكير عند استقبال الشائعة والامتناع عن مشاركتها، وتصديق الواقع الذى يراه بعينه، ويلمسه وعدم الجرى وراء العالم الافتراضى الذى يقوم على الفبركة والأكاذيب.
وما أهمية الوعى فى مواجهة الشائعات؟
بالتأكيد الوعى هو أفضل سلاح لمحاربة الأكاذيب والشائعات، وعلينا إدراك أهمية الوعي وبنائه، فالمشاركة الفعلية فى بناء المجتمع والجمهورية الجديدة تبدأ من الاهتمام ببناء الوعي وهو الفهم والإدراك السليم، ويأتي هذا من نشر المعرفة والخبرات الحياتية، وبالتالي نجد أننا أمام عملية عقلية يستطيع خلالها الإنسان أن يفهم ويدرك بشكل سليم ليحلل ويقارن لاتخاذ القرار السليم، فنحن بحاجة إلى أن نقوم ببناء الوعي لدى المرأة من كافة الجوانب الحياتية، وكذلك بناء الوعي لدى الطفل من ناحية الإرشاد والتعليم، وأيضا توعية الشباب كيف يفكر ويتخذ قرارا سليما، والوعي يشمل كافة جوانب حياتنا، فإذا أردنا التغيير والتطوير وانتظار غد أفضل علينا ببناء الوعي، وهو مرتبط ببناء الإنسان من خلال العديد من المؤسسات ومنها الدينية والثقافية والتعليمية والشباب والرياضة والإعلام والذي له دور مهم من خلال نشر المعرفة والحقائق والاهتمام بتغذية العقل لما يتيح للإنسان أن يقارن ويحلل ويفهم ويتخذ القرار الصحيح، فالوعى هو حائط الصد ضد الشائعات كما يجب تعميق الشعور بالهوية الوطنية واحترام العقل.
ساحة النقاش