سمر عيد

تساؤلات عديدة تطرحها المرأة حول أحكام الصيام ومبطلاته خاصة مع فيض الفتاوى المعروضة عبر شاشات الفضائيات والتى تجعلها فى حيرة من أمرها، لذا نقلت "حواء" مجموعة من الأسئلة التى تراود النساء فى رمضان إلى كوكبة من الفقهاء لتقديم إجابة وسطية معتدلة لها تسترشد بها خلال الشهر الكريم..

 

البداية مع حكم وضع المكياج في نهار رمضان، حيث أكدت د. مهجة غالب، عميد كلية الدراسات الإسلامية سابقا بجامعة الأزهر وعضو مجلس النواب أن وضع المكياج للمرأة عموما خارج منزلها حرام، بينما رغب الشرع فى وضعه في بيتها لزوجها، ويمكن القول وضعه في الشهر الكريم مكروه، ولا يجوز لها التعطر خارج المنزل ويستحب داخله، وفى العموم فإن وضع المكياج واستخدام العطر لا يبطل الصيام لكنه مكروه، كما لا يجوز لها وضع طلاء الأظافر لأنه يمنع وصول الماء إلى الأظافر أثناء الوضوء لكنه ليس من مبطلات الصيام، فمن استعملته خلال نهار رمضان صح صيامها مع استكراه الفعل وهو طلاء الأظافر.

وقت القضاء وكيفيته

متى تقضي المرأة ما عليها من صيام؟ سؤال طرحناه على د. عبدالحليم منصور، أستاذ الفقه المقارن وعميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالجامعة القاسمية بإمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة فأجاب قائلا: أعطى الشعر رخصة الإفطار للحامل والمرضع مع تكليفهما بقضاء ما أفطراه من أيام بعد رمضان، وأجاز بعض الفقهاء لهما الفدية وهى إطعام مساكينا عن كل يوم، وقال  بعض الصحابة كابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما: لا قضاء عليها وليس عليها إلا الإطعام، ومما يدل على ذلك ما رواه أنس بن مالك الكعبى عن النبي "صلى الله عليه وسلم" أنه قال  "إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع"، فإذا تكرر الحمل والإرضاع لعدة سنوات متتالية فعليها الإطعام ولا قضاء عليها.

ويتابع: نهى الشارع المرأة عن الصيام أثناء فترة الحيض، وألزمها بالقضاء بعد رمضان، لكن حتى لا يختلط الأمر على البعض يجب على المرأة الفطر فور نزول الدم وليس بظهور الأعراض المتقدمة على نزوله، ومن دخل عليها رمضان وكان عليها قضاء من العام الفائت فقد اختلف الفقهاء في ذلك إن كانت تقضي ما عليها من إفطار الرمضانين أم تطعم؛ حيث ذهب الأحناف والظاهرية والحسن البصري والنخعي إلى أنه يجب عليها قضاء الصيامين معا بعد انتهاء رمضان الثاني، بينما رأي آخرون كمالك والثوري والشافعي والحسن ابن صالح والأوزاعي أنه وجب عليها الإطعام مع القضاء عما أفطرته من رمضان الأول، والقضاء عن الثانى، لكن الراجح هو القضاء فقط .

 

قد تتناول المرأة أدوية تأخر فترة الحيض قياسا على ما تفعله خلال أيام الحج، فما مشروعية ذلك؟

يقول د. علي سيد إسماعيل، أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الأداب بجامعة المنيا والحاصل على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم القانونية والاقتصادية: يجوز للمرأة تناول بعض الحبوب لتأخير الحيض لما بعد رمضان، وإن تناولتها فصيامها صحيح ما لم يترتب على تناولها أضرار صحية فيما بعد وفقا للقاعدة الشرعية "لا ضرر ولا ضرار" فإن ترتب عليها ضرر صحي فيكره تناولها.

 

الحجاب المؤقت

 

تستنكر د. مهجة غالب ارتداء بعض النساء الحجاب بالشهر الفضيل وخلعه فور انقضائه، وتقول: ارتداء الحجاب فريضة على كل المسلمات سواء في رمضان أو غيره، وتركه في رمضان لا يفسد الصيام، لكن يحرم أن تخرج النساء دون حجاب حتى لا ينظر إليهن الرجال في الشوارع فيترتب على ذلك ذنب آخر ألا وهو الفتنة.

ويشدد د. عبد الحليم منصور على ضرورة ارتداء الحجاب في جميع أشهر السنة وليس بشهر رمضان الكريم وحده، ويقول: المجتمع الإسلامي عامة يدعو إلى الحشمة والوقار وعدم  الفتنة وفقا لما جاء فى سورة النور حيث قال تعالى في كتابه الكريم " وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ..." لذا من الواجب ارتداؤه في رمضان وغيره وتركه لا يبطل الصيام.

 

التراويح والاعتكاف

حول خروج المرأة لصلاة التراويح والاعتكاف بالمساجد يقول د. د. عبدالحليم منصور: لا مانع من خروج المرأة لأداء التراويح في المساجد إذا توفر مكان خاص للنساء، وإذا التزمت المرأة بالزي الإسلامي والحجاب، وإذا لم يترتب على ذلك التقصير في الواجبات الأخرى نحو الزوج والأبناء، لقوله "صلى الله عليه وسلم": "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله".

ويرى د. أحمد علي موافي، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة أن صلاة المرأة للتراويح في منزلها أفضل مستدلا بقول الرسول "صلى الله عليه وسلم": "لاتَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ"، أما الاعتكاف بالعشر الأواخر من رمضان فهي مسألة صعبة جدا نظرا لتضرر الزوج والأبناء من غياب المرأة التى هى عمود المنزل، لذا يمكنها القيام ليلا والذكر وتلاوة القران بمفردها في منزلها، وتستطيع تخصيص غرفة للاعتكاف في منزلها ولصلاة القيام ولا بأس في ذلك.

 

وتقول د. مهجة غالب: أجاز الأحناف للمرأة الاعتكاف في بيتها، كما أجمع العلماء على أن للمرأة حق الاعتكاف بالعشر الأواخر من رمضان عدا المالكية الذين يذهبون إلى ضرورة إذن الزوج في ذلك إن كانت متزوجة حيث يرون أن اعتكافها بدون إذن زوجها جائز مع الإثم.

 

أما د. علي سيد إسماعيل فيقول: إن أمهات المؤمنين كن يعتكفن مع الرسول "صلى الله عليه وسلم" في العشر الأواخر من رمضان، فعن عائشة "رضي الله عنها" أن النبي كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده"، واعتكاف المرأة في بيتها أفضل لما روي عن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، فقال: علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي، قال: فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل".

 

زكاة الفطر

يرى د. أحمد علي موافي أن زكاة الفطر تجب على من يعول الأسرة ومن يتكفل بالنفقة عليها، فإذا كانت المرأة من تعول أسرة ومسئولة عن أطفالها أو عن أبوين كبيرين في السن مثلا أو إخوة صغار وجبت عليها زكاة الفطر عنهم.

ويوضح د. علي سيد اسماعيل، أن زكاة الفطر واجبة على الزوج شرعا إن كان هو من يعول الأسرة ولديه دخل حتى ولو محدود فإنه يخرج زكاة الفطر عنه وزوجته وأبنائه، أما في حالة عجزه أو وفاته أو عدم استطاعته، فإن الزوجة هي من تخرج زكاة الفطر عنهم جميعا.

ويعرض د. عبد الحليم منصور رأيين فقهيين في هذا الصدد قائلا: يرى الإمام أبو حنيفة أن الرجل لا يخرج زكاة الفطر عن زوجته سواء كانا جميعا أغنياء أم فقراء وبناء على ذلك يتوجب على المرأة إخراج زكاة الفطر عن نفسها لدى الإمام أبي حنيفة، لكن الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد يذهبون إلى ضرورة إخراج عائل الأسرة عن نفسه وعمن يعولهم جميعا زكاة الفطر، وإن كانت المرأة هي من تعول الأبناء مثل الأرمل والمطلقة والأبناء فقراء فإنها تخرج عن نفسها وأبنائها، أما إن كان للأبناء ميراث مثلا وأغنياء فإنها تخرج زكاة فطرهم من ميراثهم.


المصدر: سمر عيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 206 مشاهدة
نشرت فى 19 مارس 2025 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

24,676,699

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز