هايدى زكى
يواجه الآباء والأمهات العديد من المشكلات والصعوبات فى تربية أطفالهم وغرس القيم الإيجابية والأخلاق الحميدة فى نفوسهم، والبعد عن العادات والأخلاق السلبية، ومحاربة السلبيات التى تدور حول أطفالنا، فاليوم عبر وسائل التواصل المختلفة أصبحنا نواجه العديد من المخاوف والصعوبات فى التربية نتيجة ما يشاهده أطفالنا ممن حولهم سواء فى المدرسة أو الشارع أو النادى أو الشاشات الصغيرة، فكيف نربى أبناءنا على القيم الإيجابية والأخلاق الحميدة ونحمى أطفالنا من المخاطر التى تؤثر على سلوكياتهم؟
البداية مع هبة محمد، ربة منزل وأم لطفلين تقول: المشكلة أن الأسرة لم تعد الوحيدة التى تربى بل بات المجتمع شريكا فى التربية وكذا وسائل التكنولوجيا والتواصل وغيرها من المؤثرات الخارجية التى توثر على أسلوب الطفل وسلوكياته، لذا أحاول قدر الإمكان إبعاد طفلاي عن القيم والعادات المغلوطة والسلبية المنتشرة فى هذه الوسائل وتحديد استخدامهما لها ومراقبتهما باستمرار وتعريفهما الصواب من الخطأ.
رغم حرص ابتهال الحسينى، مهندسة كهرباء على تعليم أطفالها القيم السليمة إلا ما يشاهدونه من أفلام ومسلسلات ومحتوى إلكتروني يفسد ما تحاول غرسه بداخلهم، لذا تحاول تقنين تعرضهم لشبكة الإنترنت وتحديد المحتوى الذى يتعرضون له.
ويهتم محمد الزينى، موظف بغرس القناعة والرضا فى أبنائه وعدم النظر إلى الغير، ويرى أن سر نجاح الأسرة فى تربية الأطفال الأم باعتبارها المعلم الأول، لذا يوجه بضرورة حسن تربية البنات اللائى هن أمهات المستقبل.
أطفال اليوم آباء وأمهات المستقبل
لأن الأسرة هى الأساس فى زرع المفاهيم السليمة بأولادها ترى د. صفاء المعداوى، الخبيرة التربوية أنه على مؤسسات الدولة تقديم دورات توعوية للآباء لتعليمهم كيفية تربية أولادهم على الأخلاق والقيم التربوية السليمة لأنهم هم من يضعون حجر الأساس فى التربية، فإذا كان الأهل والأسرة على قدر كبير من الوعى استطاعوا تسليح أبنائهم بالقيم والأخلاق والعادات السليمة، فإذا كانت الأم على وعى بأهمية تعليم البنت وأن لها مكانة فى المجتمع ودور كبير فإن ذلك سينعكس على تربيتها لبناتها والاهتمام بتعليمهن.
وتقول د. صفاء: أطفال اليوم هم آباء وأمهات غدا، فلابد أن نزرع فيهم القيم الصحيحة، لكن مع الأسف هناك بعض الأهل يسعون لزرع قيم مغلوطة فى أبنائهم مثل الزواج المبكر للفتاة سترة، وأن الولد أهم من البنت، وغيرها من العادات والموروثات القديمة غير السليمة والتى ينشأ على أساسها أجيال لا تعرف حقوقها ولا تهتم بحقوق الآخر.
وتضيف: يتشكل جزء من شخصية أطفالنا ممن حولهم، وهناك بعض الأولاد تحاول التقليد الأعمى لشخصيات خيالية أو واقعية سواء كرتون، وهناك من يتخذ أبطال هذه النوعية قدوة سواء فى طريقة الكلام أو الأفعال أيضا ومن هنا علينا مراقبة أطفالنا وترشيدهم لكل ما هو مغلوط وسليم والجلوس معهم ومناقشتهم وتوضيح الصواب والخطأ، وأن يكون لأطفالنا جزء كبير من وقتنا للحديث معهم والنقاش ومعرفة ميولهم وقدراتهم وزرع الصدق والأمانة وخلق جسور من الثقة بين الأهل والأبناء، وأن يكون الأهل هم قدوة للأبناء.
وسائل التواصل والتربية
ترى د. ماجى الحلوانى، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة سابقا بضرورة رقابة وسائل التواصل الاجتماعى والإنترنت ووسائل الاتصال المرئية والمسموعة كالأفلام والمسلسلات لأنها جزء من تشكيل وعى أطفالنا وشبابنا.
وتقول: على الأسرة الاهتمام بالمحتوى المعروض على أبنائهم واختيار ما يعبر عن المفاهيم والأخلاقيات السليمة لأولادنا، فمع الأسف اليوم هناك العديد من المفاهيم والقيم التى يتم عرضها ونشرها عبر وسائل الاتصال التى لا تتفق مع مجتمعنا ولا عاداتنا ولا تمثل المجتمع المصرى، كما تهتم بعض وسائل الاتصال بعرض وبث بعض النماذج السيئة والمفاهيم التى لا تتفق مع مجتمعنا ويتم التركيز عليها بصورة كبيرة بهدف إظهار وتشجيع قيم لا تتفق مع الذوق العام، ولا تمثل المجتمع المصرى بشكل كبير، وما هى إلا فئة قليلة يتم التعبير عنها ولا يجب التركيز عليها بهذا الشكل بل بالعكس علينا التركيز عل الجانب الأفضل وإظهاره حتى يكون قدوة لأطفالنا فى المستقبل، وليس ما يظهر عبر بعض الشاشات الكبيرة والصغيرة من أنواع من العنف والبلطجة، فكلها نماذج علينا إبعاد أطفالنا عنها لأنها بشكل غير مباشر تؤثر على التربية وتنشئ أجيالا عنيفة.
ويقول د. حسن شحاتة، أستاذ المناهج بكلية التربية بجامعة عين شمس: من القيم التي نحتاج إليها الرفق واللين حتى فى المطالبة بالحقوق، وأن من حق كل إنسان في الأسرة أن يعبر عن رأيه وينقد، وعليه أن يستوعب قبل أن يتحدث، لابد من وجود قدوة حسنة في الأسرة والمجتمع، فغياب القيم يسبب غياب الحضن الاجتماعي والدفء الأسري وعدم احترام رب الأسرة، فالطفل يتعلم من التصرفات وليس من الكلام اللفظى المباشر، لابد أن نتعلم أن اختيار الكلمة قيمة ومعنى لأنها تعبر عن الإنسان، والقيم والأخلاق مهمة حياتية لعيش الفرد حياة مستقرة تتحقق فيها السعادة، ونحن الآن فى حاجة إلى قيم التعاون والتراحم والأخوة والتعاطف، وحتى يعود المجتمع المصري كجسد واحد يجب أن نرجع إلى قيم التواد والتراحم واحترام رموز وقيادات المجتمع في كل المناصب، وإبراز القدوة الحسنة لنتعلم منها، وتعليم أبنائنا الترابط الأسرى والبعد عن الخلافات الأسرية والحد من العنف ضد الأطفال وتعليمهم التسامح والقناعة.
ساحة النقاش