هل يعتبر شهر رمضان فرصة حقيقية للراغبين والجادين فى الإقلاع عن التدخين؟!

نعم هذا ما تؤكده الدراسات والأبحاث التى أجريت على مجموعة كبيرة من المدخنين خاصة وأن عدد ساعات الصيام تزيد على 15 ساعة يوميا، أى ما يقرب من ثلثى النهار، وأن معظم المدخنين يقلعون عن التدخين خلال تلك الساعات، ويمارسون حياتهم العادية طوال النهار، وإن كان بشىء من الصعوبة، لكنها فرصة حقيقية كما يؤكد الأطباء لانسحاب الآثار السلبية للنيكوتين من الجسم مع نهاية شهر رمضان.

فالتدخين ما هو إلا عادة وفيه يتم حرق مادة، وغالبا ما تكون هذه المادة هى التبغ، حيث يتم تذوق الدخان أو استنشاقه من خلال السجائر والشيشة، وهى آفة حضارية كريهة أنزلت بالإنسان العلل والأمراض المختلفة لتأثيرها السيىء على الغدد الليمفاوية، والنخامية، والمراكز العصبية، وتأثيرها الضار على القلب، وضغط الدم والجهاز التنفسى والمعدة وغيرها.

يرجع العلماء آفة التدخين التى أصابت البشرية إلى عام 5000 عام قبل الميلاد، حيث وجد فى العديد من الثقافات المختلفة حول العالم، وقد لازم التدخين قديما الاحتفالات الدينية، ثم جاء الاستكشاف الأوروبى للأمريكيتين لينتشر تدخين التبغ فى كل أنحاء العالم انتشارا سريعا، خاصة فى الهند وجنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا، حيث انتشر تدخين التبغ بسرعة كبيرة مع عمليات التدخين التى كانت شائعة فى هذه الدول، والتى يعد الحشيش اكثرها شيوعا فى أوروبا حيث اتخذ التدخين شكلا من أشكال الحياة الاجتماعية اليومية.

يقول المتخصصون إن السيجارة التى يعرفها الناس بشكلها الحالى ظهرت فى البرازيل عام 1870م، وأن أول إحصائية عن التدخين فى العالم كله ظهرت فى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1880، وكان تعداد السكان 50 مليونا فقط، ثبت أنهم يدخنون 1.3 بليون سيجارة سنويا، وحينما ارتفع عدد السكان إلى 204 ملايين ارتفع عدد السجائر المدخنة إلى 536 بليون سيجارة سنويا، من هنا يتضح أن السكان زادوا بنسبة 300%، فى حين أن زيادة السجائر أكثر من زيادة السكان 133 مرة.

تعتبر مصر من أكبر مستهلكى السجائر فى العالم العربى، حيث تقول الاحصائيات إن عدد المدخنين حوالى 13 مليون مدخن منهم 500 ألف تحت عمره 15 سنة، 730 ألف تحت عمر 10 سنوات، وأنه تم استهلاك 80 مليار سيجارة سنويا (4 مليارات علبة سجائر)، ويبلغ حجم الانفاق القومى سنويا على التدخين نحو 5 مليارات جنيه سنويا، أى يمتص حوالى 22% من دخل الفرد المدخن شهريا، وأن الأسرة المصرية تصرف 5% من دخلها فى التدخين، 2% فى العلاج، 1.5% على الترفيه، ويقدر المبلغ المنصرف لعلاج الأمراض المتعلقة بالتدخين حوالى 3 مليارات جنيه مصرى سنويا، وتشير الاحصائيات الصادرة عن قطاع الشئون الوقائية وإدارة مكافحة التدخين أن 500 مليون من المدخنين سوف يقتلهم التبغ بحلول عام 2030، وسوف يكون نصف هؤلاء فى أعمار صغيرة يحرمهم التدخين من 20 إلى 25% من أعمارهم.

الغريب حقا أن المصريين فى السنوات الأخيرة بدأوا يقبلون بشغف على تدخين الشيشة، وليس السجائر فقط اعتقادا منهم أنها أقل ضررا من السجائر على الرغم من تأكيدات منظمة الصحة العالمية أن كمية النيكوتين التى تنتج عن الشيشة فى جلسة واحدة تعادل تدخين أكثر من علبة سجائر كاملة، وأن بها كل مسببات السرطان الناتجة عن تدخين السجائر، ويزيد من ذلك إضافة مزيد أحادى أكسيد الكربون، وهذا الاعتقاد الخاطىء، بأنها أقل خطرا دفع العديد من السيدات للإقبال على تدخين الشيشة بشكل كبير على سبيل مسايرة ما هو مستحدث وآمن، حيث صار من المعتاد رؤية النساء يدخن الشيشة بشراهة وعلنا فى الأماكن العامة.

الطريف أن هناك قانونا فى مصر يحظر التدخين فى الدوائر الرسمية والأماكن العامة، وعلى الرغم من ذلك لا يتم تنفيذه، فقد ثبت بالتجربة أن القوانين التى تتعلق بسلوكيات الناس من الصعب تنفيذها، دون الاستعانة بحملة توعية كبيرة لخلق ثقافة جديدة، خاصة بين الشباب وكبار المدخنين الذين لم يستطع شهر رمضان بساعات صومه الطويلة، وروحانيته فى إقناعهم بالاقلاع عن التدخين، أو حتى التقليل منه.

الغريب أن الحكومة المصرية تسعى جاهدة لمنع التدخين بين المواطنين، وتصدر القوانين فى ذات الوقت الذى تمنع تصاريح المصانع لانتاج السجائر، والتى تعتبر من أكبر المصانع تربحا فى مصر، وهنا نتساءل، إذا كان المسئولون جادين فى محاربة التدخين.

المصدر: تهانى الصوابى - مجلة حواء
  • Currently 66/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
22 تصويتات / 673 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,844,273

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز