<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->

أجتمع بدار جمعية المرأة الجديدة لفيف كبير من السيدات. والرجال، والاستماع إلى محاضرة الأستاذ فكري أباظة عن المرأة الجديدة، والمرأة القديمة... و" حواء الجديدة"، إذ تنشر موجزا وافيا لهذا الحديث القيم. تسجل بالفخر أنها غزت عقل فكري أباظة، كما غزت من قبل عواطفه...

قبل أن أتكلم عن " مصنع المراة الجديدة" يجب أن أوجه التحية" للمراة الجديدة"...

وقبل أن أوجه التحية " للمرأة الجديدة" يجب أن أوجه التحية " للمرأة غير الجديدة": " المرأة القديمة"... المرأة التي أنجبتنا نحن الرجال، وأنجبتكن، والتي نشأتنا ونشأتكن، والتي كونتنا وكونتكن، والتي- لولاها- ما كنا ولا كنتن!...

تلك المرأة " الأصيلة" في معونها " المنيعة" في حصنها، " العجيبة" في صبرها، " الوفية الأمينة" المطيعة لزوجها، " المضحية" لأبيها وأخيها وذويها وأقربائها، تلك المرأة " المصلية المزكبة الصائمة الراكعة الساجدة" لربها!!

إلى تلك " المراة غير الجديدة" أوجه التحية... أوجه التحية إلى " جمالها" الهابط من عند الخلاق، لا من عند " الحلاق"!

إلى صفحة " وجهها" الصبوح الخام، لا الملغم بالألغام.... إلى " بشرتها" الناعمة الطرية النقية التي لم يلمسها " ماكس فاكتور" ولا " اليزابيث آردن" ولا الأساليب اللولبية الكهربائية... إلى شعرها الطويل الجميل المسجي، المنساب، الأخاذ بالألباب، البرئ من البريانتين والأصباغ من كل لون مهما شاخ وشاب.... إلى " حبها" المعمر المدمر.... إلى وفائها السرمدي الأبدي لا الذري الهيدروجيني الصاروخي....

إلى " المرأة غير الجديدة" الروحية العلوية لا المادية الأنانية..... إلى التي ما نبست ببنت شفة، والتي ما همست مرة في أذن زوجها مصدرة تعليماتها قائلة له:  إلى حزب " اليمين" أنضم.... إلى حزب " اليسار" أتلم.... عند حزب " الوسط"  قف!... حول" القصر" لف! حول أبهة " الحكم" هف! كن كبيرا لأكون كبيرة!.. كن شهيرا لأكون شهيرة، كن وزيرا لأكون وزيرة!.. وليكن ما يكون!...

ولكنهم....

ولكنهم قالوا قولهم المأثور:

- لكل زمن دولة ورجال!..

كان ذلك قبل سنة 1919...

ولكن- بعد سنة 1919- وجب أن يتغير القول المأثور لكل زمن دولة ورجال" فيضاف إليه القول الجديد:

- لكل زمن دولة، ورجال، ونساء!

نعم! نشبت " الثورة المصرية" في سنة 1919 ولسان حالها يقول:

 الحرية!

الاستقلال!

وإذا بشريط السكة الحديدية ينزع في " تلا" من مجهول... مجهول حتى الآن.... فتنطلق الشرارة الأولى. وتندلع إلى جميع أنحاء القطر من الإسكندرية حتى أسوان! وإذا بوافد جديد يفد في ميدان التضحية والفداء والدماء. وهو " المرأة" !! حطمت " الوطنية الثائرة" سجنها، وسورها، وعزلتها، فإذا بها تتقدم الصفوف، وتستقبل الرصاص، وتهتف مع الهاتفين " وطني! مصر! نحن فداؤك يا مصر"! !

كانت سنة 1919 مولد " المرأة الجديدة": دفعت الثمن الغالي وأمتحنتها " الثورة" فأجتازت الأمتحان بنجاح، وكبرياء، وشجاعة، وتزعمت " هدى الشعراوي" كتائب التحرير ومزقت " البرقع" وأثبتت هي وزميلاتها أن النساء والرجال في ميدان الكفاح سواء!!

نعم : كانت سنة 1919 مولد " المرأة الجديدة" وما استطاع " الرجال" ولا استطاعت " التقاليد" بعد ذلك إلا أن تحني الرأي أمام ذلك الجمال بل أمام ذلك الجلال...

وزحفت " المرأة الجديدة" فغزت وأفتتحت، وحطمت القلاع والحصون، وأقتلعت العقبات، والحوائل، وأحتلت مقعدها في الجامعة طالبة، وفي ساحة العدالة محامية، وفي التعليم معلمة، وفي دنيا الطب طبيبة. ثم إذا بها تزحف وتزحف إلى الشركات والمؤسسات والوظائف الكبرى فتبرهن على كفايتها وأهليتها وأمانتها. ثم إذا بها تعلن عن وجودها في " المؤتمرات الدولية" وتصول وتجول خير سفيرة للبلاد!..

وفجأة تتفجر ينابيع الخير والإنسانية عن " المرأة الجديدة" في دنيا الرحمة، والحنان، والبر، والإحسان، وهنا نصل إلى موضوعنا...

من ثلاثين عاما كنت عدو المرأة الأول! كنت عدو " المرأة الجديدة" بعد ميلادها بسنين، وكنت أحاربها على صفحات الجرائد كاتبا، وعلى أعواد المنابرخطيبا، وفي الصالونات مشنعا، مجرحا، غمازا، لمازا بكل ما وهبني الله من لسان، وجنان! ولكن " المراة الجديدة" استدرجتني عاما بعد عام إلى مخابئها، ومغاورها، وكهوفها، وأزقتها، وصوامعها، فرأيت كيف أن " الخير" ملك كل مشاعرها، وكيف أن " الرحمة" سيطرت على وجدانها، كيف أن فوارق الطبقات لم تحل بين الغنى والفقر، واليسر والعصر، والهناء والشفاء، والشبع والجوع، والري والظمأ، والقمة وسفح الجبل: رأيت " المراة الجديدة" تأخذ من مالها لتعطي، ومن وقتها لتعلم وتربي وتعد، ومن صحتها لتشفي، ومن سعادتها لآلام المواطنين، وأوجاع المعذبين، وحاجة المحتاجين والمعوزين....

وتضخمت دولة " المرأة الجديدة" واستفحلت، وأندلعت وأصبحت ملء السمع، والقلب، والبصر!

وعند ذاك طأطأت رأس العداوة، وأعترفت بالهزيمة، وعملت في " جيش المرأة" جنديا غير عامل وراء الصفوف!!

لايزال في البلد بعض المتشدقين الذين يشقون حناجرهم بالرجعية! والذين يطالبون بعودة " المرأة الجديدة" إلى سجنها وبرقعها، ويتحكمون بأسم " الدين" وهو منهم براء! لقد منح الدين الإسلامي المرأة كل حقوق الرجل، ولكن هؤلاء " الإقطاعيين الدنيويين" يقاومون الدين باسم الدين، والشرع باسم الشرع، ومع كل ذلك فكيف يتصورون أن يتقرر " الجلاء"- أي جلاء المراة عن مواقعها الاستراتيجية في جميع أنحاء الدولة- بعد هذا " الإحتلال" الشامل الكامل من جميع نواحيه؟!

لقد زرت " مصانع المراة الجديدة" ورأيتها رأي العين، كما شاهدت قبل ذلك مصانع الجمعيات النسوية كالإتحاد النسائي والهلال الأحمر، ومبرة محمد على، وتحسين الصحة، وإتحاد بنت النيل، وأضدقاء الشعب، والتحرر الاقتصادي، إلى آخره، فكيف يمكن أن " تجدو" هذه الدولة البارة الخيرية عن دنيا الإحسان والحنان؟!

زرت " ملجأ أبناء السبيل" الذي تنازلت عنه الحكومة للمراة الجديدة مختارة، مضطرة، بعد أن فشلت في إدارته. واليوم يتعلم الأيتام، وأبناء الشارع، وأبناء الشقاء، النجارة والحدادة، وصنع السجاد، والموسيقى، فتصنع منهم " المرأة الجديدة" شبابا ورجالا لهم شخصيتهم واعتبارهم

وفي ناحية أخرى زرت " مدرسة البنات" الصغيرات اللواتي يقع عليهن الإختيار بعد إجراء أبحاث إجتماعية، فتكفلهن "المرأة الجديدة" مأكلا، وملبسا، وسكنا، وعلاجا، ولباسا، وتعلمهن القراءة والكتابة، وتعدهن للمصانع الأخرى ليقمن بدورهن الكامل في الحياة العملية.

وفي مصانع الحياكة والتطريز والتفصيل رأيت سيدات وآنسات من الطبقة القادرة يتلقين دروسهن على يد أستاذ من خريجي معاهد باريس. وفي خلال سبعة شهور تستطيع هذه السيدات والآنسات أن تصنع كل واحدة منهن ملابسها الفاخرة بوفر لا يقل عن ثلثمائة جنية في العام. وهذه مساهمة كبرى في " الاقتصاد القومي" لهذا البلد لو شاء النساء! ثم هو علاج حاسم لمشكلة " وقت الفراغ" لو شاء النساء.

وفي ناحية أخرى شاهدت نفس الدروس تلقى على عدد كبير من فتيات المرأة الجديدة وقد تخرج عدد كبير منهن يربحن في الشهر الواحد ما بين ثلاثين وأربعين جنيها!..

وزرت " مصانع المربيات" وهو أول مصع من نوعه في مصر. فقد كان النقص محسوسا في دنيا المربيات فسد هذا المصنع النقص. وجلت المربية الأجنبية وحلت محلها المربية المصرية المزودة بدراسة مدتها سنتان. وبمبادئ علم النفس، علم الصحة، وفن التغذية، وهذا المعهد يورد كل عام أربعين مربية....

وقد كانت مشكلة " الممرضة المصرية" مشكلة عاتية في عالم الطب ولكن مصنع " المرأة الجديدة" ذللها. وقد تخرجت مائة وعشرون ممرضة في هذا المعهد، بعد دراسة سنوات ثلاث، وفق برنامج مستشفى القصر العيني، وألتحقن بالمؤسسات والمستشفيات، وأدين رسالتهن الإنسانية أجمل الأداء!

في جانب وحشي من أنحاء العالم يصنع " الرجال" القنابل الذرية والهيندروجينية، وفي جانب آخر يصنع " النساء" النقيض على خط مستقيم!!

في جانب من العالم شر وفي جانب خير: هنا ندعم الإنسانية والآدمية، هناك يدمرونها!..

هنا نحيي الآمية وهناك يميتونها!...

هنا نصنع الحياة وهناك يصنعون الموت!..

أمام هذا الجلال أحني الرأس مرة أخرى

- للمرأة القديمة...

- وللمرأة الجديدة...   

 

 

 

 يت " المراة الجيدة" تأخذ من مالها لتعطي، ومت وقتها لتعلم وتربي تعد، ومن صحتها لتشفي، ومنس

 

المصدر: أمينة السعيد - مجلة حواء
  • Currently 53/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
17 تصويتات / 833 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,458,144

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز