تعد رقصة التنورة رقصة مصرية ذات أصول صوفية.. وهى تعتمد على الحركة الدائرية .. وذلك لاعتمادها على المفهوم القائل بأن الحركات فى الكون تبدأ من نقطة وتنتهى عند أخرى بشكل دائرى ويمتد الغناء المصاحب لها بالدعاء إلى الله ومدح الرسول مع بعض الأغانى والمواويل المستوحاة من الأصول الشعبية والتى تدور حول الصداقة والسلام والمحبة.. وتعتبر الطريقة المولاوية لجلال الدين الرومى إحدى أشهر الطرق الصوفية التى اعتمدت على الرقـــص الايقـــاعى لرقصـــة التـــــنورة .

والفنان طاهر عبدالعظيم.. جاء معرضه بعنوان «حركة ولون» وأقيم بقاعة «دروب» بجاردن سيتى .. من وحى الحركات الايقاعية لرقصة التنورة .. وقدم 25 لوحة تنوعت فى مقاساتها .. وكان قد صاحب الفرقة أياماً وليالى فى تدريباتها وعروضها.. ونقل هذا الايقاع الدائرى السريع والذى اعتمد فيه على حيوية اللون واختزال المساحات .. وتلك الحركة الوامضة والتى تبدو كالنبض والهمس والصحو .. كل هذا فى تنوع وثراء فى اللون الذى غلب عليه الأحمر النارى والأزرق البحرى والأخضر الداكن مع سيادة الأبيض البرىء وهى نفس المجاميع اللونية نفسها لأعضاء التنورة .

وقد تنوعت اللمسات بين الايقاع الهندسى الذى يمتد فى مسطحات لونية .. مع تلك الشخوص التى تهتز وتميل .. وتنتفض وتتوهج وتسمو من فرط الحركة الدائرية السريعة .. وهنا تألقت الأعمال بين المجاميع الراقصة وبين الرقصات الفردية والثنائية.. كما نقل فى بعض لوحاته أعضاء الفرقة الموسيقية من ضاربى الدفوف والنقر على الطبول.

فى أحد الأعمال يطل راقص التنورة غارقاً فى سحر اللون وسحر الحركة فى موجات دائرية .. لا تهدأ ولا تنتهى مجسدة على السطح التصويرى وبلمسات فرشاة سريعة يقدم الفنان فى لوحة أخرى تلك الحركة الجماعية والتى تنتظم فى ايقاع واحد .. لمجموعة من الراقصين.. وتتحاور الحركات الدائرية على الخلفية التى بدت فى سطوح هندسية متنوعة .. من المسطحات المستطيلة والمكعبة إلى تلك الأبواب والبوابات القوسية.. مع تعدد مستويات الدخول والخروج.. والايحاء بالبعد الرابع أو البعد الروحى الذى ينساب بلا انتهاء .

وتلتقى أعمال الفنان طاهر عبدالعظيم مع مفهوم المدرسة المستبقلية والتى ظهرت بإيطاليا وانتقلت من ميلانو إلى باريس بفرنسا وجزء كبير من الدول الأوربية واعتمدت على الحركة الديناميكية السريعة ارتباطا بحركة التكنولوجيا والحركة التى تميز الحضارة الحديثة من بدايات القرن العشرين ومن بين افكار المستقبلية اشارات عديدة إلى أن الحركة والنور يقضيان على مادية الاجسام.. ولاشك أن هذا نلاحظه فى كل اعمال الفنان عبدالعظيم.. فقد خفت كثافة الشخوص .. وأخذت فى الانطلاق من فرط اللمسات السريعة.. وكأنها قد تخلصت من أسر الجاذبية الأرضية.. منطلقة إلى آفاق جديدة.. آفاق روحية تحلق فى الأفق .. وهنا جسد الفنان بصدق شديد .. تلك التجليات والاشراقات الصوفية .. جسدها بصريا بألوانه ومساحاته شديدة الحيوية .

ومع أعمال الفنان طاهر عبدالعظيم قدم مجموعة لوحات جسد فيها سحر الحارات والدروب.. بالقاهرة الفاطمية.. ونقلها من ايقاعها الواقعى إلى إيقاع آخر جديد يمتد فى مجموعة من المسطحات توحى بالقريب والبعيد وجمال المسافات والمساحات والمنظور الروحى .

وطاهر عبدالعظيم حاصل على دكتوراه الفلسفة فى الفنون الجميلة 2001 «فنون تعبيرية» وهو أستاذ مساعد بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة.. أقام أكثر من عشرة معارض بمصر وخارجها .

تحية إلى الروح والصورة .. وجمال التشكيل والتعبير .

المصدر: صلاح بيصار - مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,862,281

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز