أزواج الصعيـــــــــــــد

بين «طعام» الأمهات و«دليفرى» الزوجات

سوهاج: حميدة سيف النصر

يمثل الزواج بداية مرحلة جديدة في حياة الإنسان.. ورغم ذلك يقارن فيه الزوج بين تفاصيل حياته المتعلقة بأمه وبين زوجته التي يحلم أن تواصل معه الحياة علي نفس الوتيرة الخاصة بالأم فيما يتعلق بدائرة إعداد الطعام والأكلات التقليدية التي نشأ عليها و«النَفَس» المميز الذي يجعله لا يتقبل بسهولة أي رياح للتغيير تأتي بها الزوجة .

من هنا جاءت الفكرة لمناقشة أزواج وزوجات يتفقون أو يختلفون حول أسلوب الحياة وثقافة الطهي الحديث.

فى البداية تقول «سامية سليمان» محامية غالبا ما يريد الزوج أن تكون زوجته نسخة مكررة من لوالدته وصورة طبق الأصل لكل تصرفاتها خاصة فيما يختص بطريقة وأسلوب الطعام ومحاولة الرجوع للطرق الكلاسيكية التى نشأت عليها ومن الصعب أن تتغير أو يقبل غيرها من الصور التى تأتى بها الزوجة من بيت والدها ناقلة ثقافة أسرة أخرى ترعرت على مبادئها، من هنا يتولد صوت الاختلاف بين الزوجين.

أما «تغريد محمد» دبلوم تجارة فتقول: حلمت طويلاً بالبيت السعيد والحياة الأسرية الناجحة لكننى فوجئت بزوجى مع كل أكلة أقدمها له يعلق دائماً أنه يفتقد نفس والدته فى صنع الطعام المفضل له.

وتثير د. هند الشمندى باحثة اجتماعية نقطة مهمة جداً وهى أن الزوجة المطالبة بتنفيذ حلم الزوج فى أن تكون صورة طبق الأصل من والدته وأن يتناول من يديها نفس الأكلات بنفس الطقوس دون تغيير حتى لا يشعر بأنه ترك بيت الأسرة متناسياً تماماً بأن الفتاة التى ارتبط بها تأتى هى الأخرى من أسرة مختلفة محملة بثقافة مختلفة تماماً وترتبط هى الأخرى بنفس الأكل لأمها لكنها لا تصرح بهذا لأنها هى المسئولة عن الأسرة والتنظيم اليومى للطعام وطريقة إعداده.

المطبخ ثقافة وفن

تضيف أسماء حسن مدرسة بمحافظة سوهاج أن معظم الزوجات يميلن إلى إعداد وجبات جديدة على المطبخ المصرى وذلك من خلال الإعلام المرئى والفضائيات وأصبحت الزوجة تميل فى اختيارها للأكلات البعيدة عن المسبكات والمحملة بالدهون وهو ما لا يجد استحساناً لدى أزواج الصعيد الذين اعتادوا على نظام الأكل الدسم وبدون هذا يصبح لا معنى للطعام.

زوجات دليفري

كان لابد للأزواج من ردود يواجهون بها فكر الزوجات يقول «أحمد عبدالحميد» محاسب: تفتقد معظم الزوجات إلى الحنكة والخبرة فى التعامل مع إدارة المنزل مثلما كان يحدث مع الأم التى تجيد فن الطهى وتمتلك «نفساً» مميزا فى إعداد أجمل الولائم مما يجعل الزوج دائماً فى حالة حنين لهذه الأيام.

أما «سعد الدين عبدالرحيم» موظف فيري: أن زوجات الوقت الحالى ينتمين لجيل مختلف نشأ مدللاً لا يقدر مسئولية الزواج ولذلك نرى ارتفاع نسب الطلاق وأن هناك فجوة مستمرة بين الزوجين تبدأ بأن الزوج لا يرى فى زوجته ما كان يجده من أمه فيما يختص برعايته وتنظيم أكلاته خاصة بعدما أصبح المعتاد أن يتناول الوجبات السريعة البعيدة كل البعد عن «نَفَس» الأم.

ويشكو «أيمن محمد» من محافظة قنا قائلاً: من خلال تجربتى الزوجية كنت أتمنى أن أتذوق الطعام من صنعها كأى زوج يجد ما يطلبه كما نشأنا فى بيت والدى إلا أننى لا أجد أمامى سوى أكلات هفيفة جداً تشبه الشوربة الباردة لا روح فيها ولا مذاق، أعوض كل هذا فى أجازتى الأسبوعية بتناول ما أشتهى من يدى والدتي.

رؤية خاصة

يناقش «د. عمرو شلتوت» مدرس علم الاجتماع بالمعهد العالى للخدمة الاجتماعية بسوهاج من خلال رؤية اجتماعية هذه القضية مستهلاً حديثه قائلاً: لم تعد مقولة الوصول لقلب الرجل معدته صحيحة بأى شكل من الأشكال لأن الرجل حالياً لم تعد قضيته الأساسية الأكل بل امتدت إلى فكر ورؤية خاصة فى طريقة اختياره لشريكة الحياة لذلك نادراً ما يتساءل عند اختياره للفتاة : هل تجيد الطهى أم لا لكن المسألة تكون لدى الأزواج من خلال عقد مقارنة مستمرة بين الأم والزوجة بعد الزواج والانتقال لبيت الزوجية، ولا تأتى نتيجة المقارنة فى معظم الأحيان فى صالح الزوجة وإنما يريد الزوج أن يجد ما تعود عليه فى بيت أسرته نفس الطقوس فى إعداد الولائم والمأكولات المفضلة كما أنه لا يوجد ما يسمى بالنفس المميز فى الطعام وإنما هناك إتقان فى صنع الشيء لأن الأم تقدمه بمشاعر الحب لأولادها فالجمال فى الأكل مرتبط بإجادته وليس بأشخاص معينين، كما نجد أن ثقافة الأكل تغيرت نظراً لاختلاف الأجيال وهو ما يجب أن نسلم به أن الزوج لابد أن يفسح مجالاً أمام الزوجة لتحقيق ذاتها فى بيتها مملكتها الخاصة وأن تضع لنفسها طقوساً مميزة.