الثورة على النفس !!

كتبت :نبيلة حافظ

25 يناير .. ثورة شعب على الفساد وعلى الأوضاع المتردية وعلى النظام الذى يحكمه وعلى القيود التى تكبل حريته .. فى هذا التاريخ ثارت جموع الشعب المصرى وكانت ثورة يناير المجيدة التى مازلنا نتطلع إلى اشراقة شمسها كاملة حتى الآن .. ولكن من فكر فى احتياج كل منا إلى ثورة على النفس .. نعم نحن نريد ثورة على النفس من أجل بناء الإنسان المصرى من جديد .. فبدون هذا الإنسان الجديد لن تكتمل ثورة يناير .

والثورة على النفس هى تحرير لطاقات وارادة الإنسان الكامنة هى تفجير لقدراته من أجل حياة كريمة .. هى تهذيب لاخلاقه وسلوكه وتطهير لافكاره ومعتقداته .. هى ارتفاع بعواطفه ووجدانه إلى مستوى من السمو والرقى .. هى باختصار عبور من الماضى بكل ما فيه من أخطاء وسلوكيات مشينة إلى حاضر ومستقبل كله أفعال وعواطف راقية تجعله يكون أهلاً لمستقبل أكثر اشراقاً وازدهاراً .

والثورة على النفس هى مسئولية كل فرد ولا تحتاج إلى إعداد وتجهيز وكل ما تحتاجه من الإنسان أن يقف أمام نفسه على جوانب العجز والتقصير داخله .. وأن يعى تماما قدراته الكامنة فى أعماقه وأن يعرف جيدا أن الحياة مسيرة لا تتوقف وتيار جارف لا يبقى فيها إلا كل ما هو كفء ولا يصح معها إلا الصحيح .

والثورة على النفس ضرورة حتمية لمراجعة كل إنسان لنفسه وبحث سلبياته واخطائه للتخلص منها .. وهذه الثورة لا رقيب عليها سوى الله سبحانه وتعالى ويأتى بعد ذلك الضمير إلى لكل إنسان .

وأولى خطوات الثورة النفسية هى الصدق .. الصدق مع النفس فلكى تنجح ثورة النفس وتأتى بثمارها للإنسان لابد لهذا الإنسان أن يكون أولاً صادقاً مع نفسه .. أن يحاسب نفسه بكل أمانة عن أفعاله السابقة .. يقف ويتأمل .. يرصد ويحلل كل ما قام به فى الحياة .. وبحيادية تامة يفند اخطاءه ويقرر وقتها ألا يقع فيها مرة ثانية .. عليه أن يأخذ عهداً على نفسه بأن تكون هذه الثورة هى مرحلة ميلاد جديدة بالنسبة له .. ولمَ لا ؟! ليس هناك ما يمنعه من أن يشعر بأنه يولد من جديد .. يعاهد الله سبحانه وتعالى ألا يقترف ذنباً بعد ذلك ابداً .. يحاول ويكون صادقاً فى محاولته .. والله لن يخزله مادام كان أميناً وصادقاً فى نواياه .. !!

يعاهد نفسه أن يعامل الناس بالحسنى وأن يحب لهم ما يحبه لنفسه وألا يحمل بداخله شراً لأحد .. والا يغتاب أحداً.. ولا يحقد على أحد .. وأن يقنع ويرضى بما قسمه له الله .

لا ليس هذا فحسب .. ولكن عليه أن يختار الطريق القويم فى خطواته فى الحياة .. وألا يحاول أن يأخذ حقاً ليس له أو ملك لغيره .. وأن يقوِّم الخطأ حينما يجده .. وألا يغش ولا يرتشى تحت أى مسمى .. وأن يشعر فى كل لحظة من عمره أن الله يراقبه قبل أن يكون هناك بشر يراقبونه .

هذه هى الثورة التى اقصدها .. فهل نحن مستعدون لها .. ؟

هل كل منا لديه الاستعداد والقدرة على القيام بهذه الثورة ؟

ولكن قبل أن نجيب على هذه التساؤلات علينا أن نعى تماماً أن نجاح ثورتنا العظيمة - ثورة 25 يناير - مرتبط ارتباطاً كبيراً بنجاح كلامنا فى ثورته على نفسه .. فالثورة على النفس هى أساس الثورة الشعبية التى قمنا بها ..

فلنبدأها ومن الآن .. ولنعلنها ونثبت فيها حسن النويا .. ولنكون ثورة من داخل كل فرد منا فى وقت واحد نصحح فيها المسار ونرضى بها أنفسنا وبلدنا حتى يرضى عنا الله .

 

المصدر: مجلة حواء -نبيلة حافظ
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1240 مشاهدة
نشرت فى 25 نوفمبر 2011 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,100,279

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز