الفنانون خائفون

كتبت :منال عثمان

من السادة الإسلاميين علمنا منذ نعومة أظافرنا أن الحياة اختيارات.. وهذا العلم وشم كوشم (التبت) الهندى الذى لا يزول تحت أى عامل سواء طبيعى أو غيره.. ونجومنا نجوم الفن الذين كان اختيارهم الأوحد لا يقبلون عنه بديلا.. عاشوا العمر يعشقونه فوق أية أرض يضعون رايته.. فهو أجمل ما عرفوا فى الحياة فالفن ليس مجرد ميل عاطفى لا..

الروح الفنانة شكل ومضمون أخر.. منذ البداية تظهر عليه الأمارات الخاصة جدا.. يرى ما لا يراه الآخرون... يلتقط (رادار) إحساسه ما لا يفهمه الآخرون روحه فنانة تهيم عشقا بالتمثيل والموسيقى والرسم والنحت و... و... لذا حين يأتى أوان الاختيار يختار الفن حتى فى زمن سابق عندما كانوا يعتبرون الفن سُبة والفنان نكرة ونقطة سوداء فى تاريخ عائلة مثل عائلة يوسف وهبى من الباشوات مثلا.. قفز كل السدود وتحمل كل الصفعات وقبل كل التحديات ولم يجلس يبكى بجوار جبال العراقيل..، بل فعل المستحيل ليمارس فنه.. يوسف وهبى مجرد مثل لكن (عزيزة أمير) نفسها مؤسسة السينما.. أحبت الفن بشكل مجنون وصنعت أول أفلامها على سطوح بيتها. الفن يا سادتى داء.. يجرى مجرى الدم فى العروق.. لا يدانيه شىء داخل نفس تعشقه بل التاريخ يؤكد أن (بيتهوفن) وضع أروع سيمفونياته السيمفونية التاسعة وهو قليل السمع يكاد لايتبين أنغامها لكن نفسه الفنانة تستشعرها... أنا فقط أوضح عشق الفن بالنسبة للفنان لذا الحقيقة الآن أجدهم فى حالة توجس أو هالة ضبابية تجعل الطريق مطموس المعالم.. بعد هذه التشدقات الكلامية الغربية التى ظهرت مع تصاعد الفكر الإسلامى خاصة السلفى ليكونوا نجوم هذه المرحلة فى كل المجالات وعلى أكثر من لسان سلفى جاء ذكر أنهم سيضعون كل الأفلام يعنى السينما المصرية بتاريخها كله - تحت المجهر ويشكلون لجاناً لتفرز الغث من الثمين من هذه الأفلام ليروا من فيها يصلح للعرض من عدمه. أصيب الفنانون بالرعب خاصة النجوم الكبار، فكل منهم يحمل على كاهله تاريخاً رائعاً ما بين 150 و 200 فيلم مثلا ولا يمكن أن يكونوا كلهم حالات إبداع شديدة، مؤكد فيه المتوسط والمتدنى، لكنه فى النهاية تاريخه ولن يقبل أن تمسح به الأرض.. فهل تتصور مثلا نجمة مثل فاتن حمامة يضعون لها لجنة لاختيار أفلامها التى ستعرض فى المرحلة المقبلة!!! أو مثلا رصيد أم كلثوم سيدة الغناء الرائع، قالوا هذه سيكون لها لجانٌ خاصة!! لأن لديهم حساسية شديدة من زمان عندما كانت شرائط (الشيخ كشك) موجودة وكان يهاجمها لأنها تقول وهى كبيرة السن - ياحبيبى تعالى.. هذا عن النجوم أصحاب التاريخ الطويل الذين حملوا على أكتافهم صنع الدُرر والروائع فأنتجوا فنا له مذاق خاص وأصبحت القاهرة هوليوود الشرق فارتحل إليها من بلاده من يعشق الفن ليكون بها تاريخاً رائعاً فهى قبلة كل عاشق للفن.. وأفلامها كانت السبب الرئيسى ليتعلموا اللهجة المصرية المحببة.. أما نجوم هذا الجيل فالأمر قد يكون مختلفا، فبعضهم لديه أرضية خصبة لتقبل هذه الأفكار بعض الشىء فمن شكلت أملا خاصا فى التمثيل حنان ترك مثلا نزعت حلمها الخاص الذى سمعناه كثيرا ورضيت بالأدوار المحدودة التى تفرضها ظروف حجابها وكذلك صابرين وقبلهما كثيرات وبعدهما أيضا.. لكن حتى هذه الأدوار قد لا ترضى الأذواق التى ستحكم.. هكذا يشعرون.. يتخوفون.. يقلقون.. عن الفن الذى عشقوا يتساءلون.. علي التاريخ الذى صنعوا وجلون.. هل يلعنون أجمل اختيار لهم فى حياتهم..؟..! هل يغلقون عليهم أبواب بيوتهم ويجلسون يجترون لحظات النجومية البراقة ويتحسرون؟..! هل سيكون مصيرهم مثل (عباس كوستامى) الإيرانى المخرج العظيم الذى يعيش فى الخارج هربا أو (سميرة مخلفلوف) المبدعة الإيرانية.. أو يقدمون فنا مخنوقا ينفذ تحت وطأة الهراوات!! كما قال لى أحدهم وهو حزين.. هل هناك إبداع بلا حرية ياجماعة؟!

أتمنى أن تنقشع مخاوفهم وأن تعتدل نبرة السادة الإسلاميين بشكل خاص بالنسبة للفن والفنانين فهم بشر فنانون ولم يرتكبوا الخطايا والمعاصى.. وحياتهم ليست فواحش لا سمح الله ولا أتصور أن تجبل نفس مهما كانت على جفاء الفن وركله بعيداَ.. فقد قالوا فى زمن بعيد «صف لى مسرحك أقل لك من أنت»

المصدر: مجلةو حواء -منال عثمان
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 511 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,858,087

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز