حذار من الثرثرة..للبيوت اسرار
كتبت :نجلاء ابوزيد
زوجى يحكى أسرار البيت لأصدقائه، ويفشى ما بيننا من خلافات، يأخذ نصيحتهم فى قراراته، التى لا تخصه وحده.. ماذا أفعل؟ سؤال طرحته سيدة تعانى بشدة من ثرثرة زوجها «فى الفارغة والمليانة» خارج البيت.
ودفعنى سؤالها للبحث عن أسباب ثرثرة الرجال فى شئون البيت الخاصة جداً والعامة، ونتائجها التى غالباً ما تخرب البيت.
هل يدرك الرجل ما يجوز الحديث فيه وما لا يجوز؟ وهل عانى من كشف الأسرار أمام الأصدقاء؟ وهل تعانى النساء من هذه العادة السيئة؟ ll
البداية كانت مع سيد عبد السلام موظف بإحدى الهيئات حيث قال: عندما أجلس مع أصدقائى على المقهى نتحدث فى أمور كثيرة وأحوال البلد تأتى فى المقدمة لكن أحياناً يشكو أحدنا للآخرين من تصرفات الأبناء وعدم تقديرهم للظروف الاقتصادية ومطالبهم الصعبة وكيف أن الأم دائماً تقف مع أبنائها مرهقة زوجها بالطلبات، لكننى عادة أستمع وأفضل ألا أحكى ما يحدث فى البيت لأن لكل واحد ظروفه وهو أدرى بكيفية التعامل مع بيته.
ويرى جهاد عادل -موظف بالكهرباء- أن الدردشة مع الأصدقاء إذا كانوا محل ثقة لا مانع منها فقد يستفيد الشخص من تجارب الآخرين خاصة إذا كان زوجاً حديثاً وأنا شخصياً كنت أرفض مساعدة زوجتى فى شراء احتياجات البيت معتبراً الأمر شأناً نسائياً كما كنت أرى أمى لكننى سمعت زملائى يتحدثون عن شرائهم للخضار عقب الصلاة. وأخبرتهم بما أفعله فأخبرونى أنى مخطئ وأن الزمن تغير ويجب أن أساعد زوجتى.
خروج بلا استئذان
أما عبد القادر محمود -صاحب محل- فيحكى قصة مختلفة، يقول: يأتى أصدقائى للجلوس عندى بالمحل ونتحدث براحتنا ونسأل بعضنا البعض عن أحوال الأسرة وللأسف كنت آخد ببعض نصائحهم إلى أن اكتشفت أنهم لا ينفذون ما يقولون لكن يرسمون الرجولة خارج منازلهم فقط، فعندما كنت أحكى عن خروج زوجتى دون استئذان لكنها تخبرنى بالموبايل أنها خرجت لمشوار ولن تتأخر أخبرونى أن ما أفعله خطأ ويجب أن تستأذن منى أولاً، وفى اليوم السابق وأن تتعلم أن موافقتى صعبة وليس كل ما تطلبه من أشياء هى أو الأولاد ألبيها لأن الأحوال الاقتصادية تغيرت ويجب أن يعلموا ذلك، وفعلاً بدأت أضايقهم وبدأت المشاكل بلا داعى وكانت زوجتى تشعر أن تغيرى وراءه أصدقائى وكانت تنصحنى ألا أسمع لأحد منهم، لكنى لم ألتفت لها حتى فوجئت بابن أحد أصدقائى يركب سيارة حديثة وأخبرنى أن والده اشتراها له لدخوله الجامعة وتحدثت مع الولد ببساطة وعلمت أن والده لا يتدخل فى أى شئ ولمت نفسى لأننى سمعت نصائح الآخرين فى أمور تخص أهل بيتى وأنا أعرفهم أكثر من الآخرين.
خبرات المتزوجين
وليد طلعت -مهندس كمبيوتر- قال: قبل زواجى كنت حريصاً أن أجلس مع المتزوجين وأسألهم النصيحة ولاحظت أن كلا منهم يخبرنى بأشياء صعب تنفيذها فى الواقع، فمن يمنع زيارة زوجته لأهلها إلا مرة فى الشهر لأن كثرة زيارات الأهل تخرب البيت ومن يجبرها على المشاركة فى نفقات البيت. ويخرج مع أصحابه ولا يخبرها بمكانه حتى لا تتعود على سؤاله أين يذهب، حتى أخبرنى صديق قريب منى فى السن ألا ألتفت لنصائح الرجال وأن أتعلم ألا أسألهم عند أخذ أى قرار فى البيت لأن كل رجل ينصح بما لا يفعله لمجرد إثبات رجولته أمام أصدقائه.
اسألونى
لكن ما رأى النساء ومعاناتهم من بوح الرجال بأسرار البيت؟
نهاد صبحى -موظفة- تقول: طول عمرى أسمع عن ثرثرة الستات وأنهن يحكين أسرار البيت للجيران لكن بعد زواجى اكتشفت مفاجآت فزوجى لديه محل تصليح وبيع أجهزة موبايل ويظل فيه حتى الثالثة صباحاً ويجدنى نائمة فيجبرنى على الاستيقاظ لعمل العشاء، ثم أنام لأصحو لعملى وعندما أعود يطلب منى أشياء كثيرة وعندما اعترض يخبرنى أن كل أصحابه يلومونه لأنه يدلعنى، وأنه آن الأوان لأخاف على بيتى وإلا تزوج على. هكذا نصحه من يجلسون معه. فثرثرة الرجال أخطر من النساء بمراحل واسألونى.
وترى مروة حسين -كيميائية- أن الرجل الذى يحكى عما يحدث فى بيته هو غير قادر على التفاهم مع زوجته لما يشعر من عقدة نقص تجاهها لذايتحدث مع الآخرين ليتعلم طريقة ما يصل بها إليها وللأسف تكون النصائح عادة سيئة لأن كل علاقة مختلفة عن الأخرى.
نشوى أزمتها مع حكي الأسرار أكبر تحدثت عن ذلك قائلة:زوجى يجلس على المقهى ساعات طويلة وطبعاً يتحدث عن البيت والأولاد وللأسف يستمع لنصائح الآخرين على أساس أنهم أهل خبرة وبسببهم أجبرنى على أخذ اجازة على الرغم من أن ظروفنا الاقتصادية تحتاج عملى بشدة، فبعد إنجابى أخذت اجازة عاماً وبعد ذلك عدت لعملى ووضعت ابنى فى حضانة وكانت الأمور عادية حتى فاجأنى زوجى بقراره عدم ذهاب الولد للحضانة لأنه يحدث فى الحضانات أشياء وأشياء، وحاولت إقناعه أن الحضانة محترمة لكنه أصر لأن أصدقاءه قالوا مش راجل اللى يدخل ابنه حضانة علشان مراته تشتغل «وحالياً أحاول إقناعه لأعود لعملى لأنه ينفق الكثير على المقهى ودخلى يساهم بشكل أساسى فى البيت، بصراحة قعدة الرجال مع بعض تخرب البيوت
تغييرات طارئة
تؤكد د.سامية خصر أستاذة علم الاجتماع فقالت: المجتمع الشرقى بطبعه مجتمع محافظ يعتبر أن للبيوت حرمة يجب الحفاظ عليها وعدم التحدث عنها أمام أحد حتى لا يجرحها ولفترة طويلة كان الرجل يصف بيته «بالجماعة» حتى لا يذكر اسمها ويناديها باسم ابنهاالأكبر، لكن حدثت تغيرات كثيرة طرأت على المجتمع كان لبعض هذه التغيرات آثاره الإيجابية على العلاقات الأسرية وآثاره السلبية أيضاً.
فمثلاً أصبح أمراً طبيعياً أن يرتبط بأصدقائه وأسرهم ويخرج بصحبة زوجته وأبنائه مع أصدقائه وزوجاتهم وأبنائهم ولم يعد هناك إخفاء كامل للشق الأسرى فى حياته، لكن صاحب ذلك أمراً لم يكن معروفاً عن الرجل فيما مضى ألا وهو الحديث عن أهل بيته أمام الناس أو الاستماع لما يقوله الآخرين عن كيفية تعاملهم فى البيت، ويحاول أن يجرب ما يسمعه على أسرته وعادة يتسبب هذا السلوك فى أزمات حقيقية. لأن لكل أسرة طبيعتها والأفضل أن يدرك الرجل خلال جلوسه مع أصدقائه أن الآخرين لن يساعدوا فى حل مشكلاته لكن علاج مشكلاته يبدأ بمواجهتها ومناقشتها مع زوجته.
عدم الاستقرار النفسى
سعيد عبد العظيم أستاذ الطب النفسى واستشارى العلاقات الزوجية، يرى أن السمات الشخصية والنفسية للرجل هى التى تحدد ما إذا كان يميل للبوح بأسرار بيته أمام الغرباء أم لا، وهذا أمر يرتبط بمدى استقراره النفسى وثقته فيها. ومن خلال عملى وجدت أن معظم الأزمات بين الأزواج تبدأ بابتعاد أحدهما عن الآخر أياً كانت الأسباب وظهور آخرين لشغل الفراغ الذى تسبب فى الابتعاد.
فالرجل عندما ينهى عمله ويعود من العمل إذا كان منسجماً مع زوجته فسيساعدها فى المذاكرة مع الأبناء أو يجلس معها لكن إذا لم يكن بينهما توافق فسيكون أميل للخروج مع الأصدقاء والجلوس بالمقهى وطالما جلس لساعات طويلة فهذا سيبدأ عادة الثرثرة فى الأمور العامة ثم الخاصة وهذا لا يعنى أن تحرم الزوجة زوجها من الأصدقاء، لكن أن يدرك الرجل أن الثرثرة فى البيت أمتع وأكثر تحقيقاً للتواصل، وأضاف أن نسبة قليلة من الرجال هى التى تميل للكشف عن أسرار البيت أمام الغرباء لكن النسبة الأكبر يتحدثون عما يحلمون به لمنازلهم فيحكى كيف أنه سى السيد وأن أوامره تنفذ دائماً، وللأسف قد يصدق الآخرين ذلك ويحاولون تنفيذ ما يقوله وهم لا يعلمون أنه يحلم لكن بصوت عالى، فالرجل الناجح فى بيته لا يحكى أمام أحد عن نجاحه لكن يحافظ على أسرار هذا البيت وختم حديثه مؤكداً أنه على الزوجة أن تعرف مفاتيح شخصية زوجها ماذا يحب وماذا يكره وأن تستقطبه إلى عالمها الخاص بشكل مناسب يجعله لا ينفر منها ولا يبحث عن عالم آخر مع رفقاء المقهى وأن تخلق نوعاً من الاهتمامات المشتركة حتى لا يبحث عن البديل لدى الأصدقاء {
ساحة النقاش