«والله خير الماكرين»

كتبت : تهاني الصوابي

الحمد لله رب العالمين الذى نجى المرأة ممن يتربصون بها، وأنقذها ممن يريدون قهرها وظلمها وإجبارها على العيش مع زوجها دون رضاها أو كرهاً منها، فالمرأة لم ترتكب ذنباً أو جرماً، ولم تكن يوماً حمقاء عندما طلبت الخلع من زوجها، وأقر الرسول صلى الله عليه وسلم حقها فى عدم العيش مع زوج لا تطيقه وتكرهه، ولكن ماذا عسانا أن نفعل مع من يرفعون راية قال الله تعالى وقال رسوله الكريم ليل نهار، ولايعقلون ما يتفوهون ويقولون.

يخرجون علينا بين الحين والآخر ملوحين مهددين متوعدين المرأة بأن قانون الخلع ليس من الشريعة ويخرب البيوت ويشرد الأولاد ويقوى النساء على الرجال، ونحن نقول: وهل الطلاق لا يخرب البيوت وهل خراب البيوت مبرر لمخالفة شرع الله وإلغاء حق الرجل الشرعى فى الطلاق، لماذا ينكرون على المرأة حقها الذى أقره الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فى حقها بالخلع؟ أأنتم الحق فيما تفعلون والنساء هن الباطل بما هو حق لهن؟.

تباً لمن يدعى أن قانون الخلع هو نتاج نظام الرئيس السابق حسنى مبارك والسيدة زوجته، ناكرين جهود نساء مصريات ورجال مصريين مخلصين سعوا إلى إقامة نظام قضائى أقرته الشريعة الإسلامية لرفع الظلم الواقع على المرأة ، فالخلع مثبت كحق شرعى للمرأة فى معظم مذاهب الفقه الإسلامي، واستنبطه الفقهاء الأوائل من الآيه رقم 229 فى سورة البقرة وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم فى واقعة امرأة ثابت بن قيس، ولم يكن الخلع يوما ظلما على الرجل وحاشا الله ورسوله أن يكونا من الظالمين.

لماذا يرضى الرجال لأنفسهم الحق فى إنهاء الحياة الزوجية بإرادة منفردة حتى وإن لم يقع عليهم ضرر من الطرف الآخر، بينما ينكرون هذا الحق على المرأة رغم الضرر الواقع عليها، والمبررات القانونية التى تؤهلها لطلب الطلاق للضرر، لكنها لا تملك المال والوقت للسعى إلى هذا الحل، بينما فى الشرع يوجد حل مضمون ومتاح وهو الخلع، لإنهاء حياة زوجية بائسة ومدمرة ليست للزوجة فقط، ولكن للزوج والأولاد من قبلهم ومن بعدهم ؟

أيها النواب الأعضاء المحترمون المنتخبون من قبل الشعب فى أول برلمان بعد الثورة، رفقا بالقوارير، فمشاكل مصر أكبر بكثير من أن تناقشوا هل تخلع المرأة زوجها أم تعيش معه كرهاً وبغضاً حتى يرضى عنها ويتنازل ويتكرم ويطلقها ويسرحها ولكن بلا معروف ، لماذا تضيعون أيها النواب المحترمون أياما من وقت الشعب ثم «تتمخضون» ، و«تتمطعون» و«تتشطرون» على المرأة لإذلالها وقهرها، لترضوا غروركم، وتتركوا مصر تغرق فى المشاكل التى تتراكم يوما بعد يوم، فالطوابير على السلع الأساسية من أنابيب البوتاجاز والبنزين والعيش ووسائل المواصلات تتزايد كل صباح، والقمامة تملأ الشوارع ورائحتها تزكم الأنوف فى البيوت، والحشرات والحيوانات تهاجم الأطفال وتعقرهم فى عقر دارهم، والبطالة تتزايد، والتعليم ينهار، والاقتصاد يتهاوى، وأنتم تتركون كل هذا وتناقشون قانون الخلع.

عفوا أيها السادة النواب الأعضاء المحترمون، هل كان الشعب يذهب إلى لجان الانتخابات ويقف بالطوابير ساعات وساعات من أجل أن تعتلوا مقاعدكم بالبرلمان، وتصدروا قوانين وتلغوا أخرى انتقاما من رموز النظام السابق أو لقهر المرأة التى كرمها الله سبحانه وتعالى، أم لتأخذوا بيد الشعب الذى وثق بكم ومنحكم أصواته لتنهضوا بالبلاد نحو المستقبل المزهر كما وعدتموه، أم أنتم الواعدون الحانثون لوعودكم ؟!

لقد بات المكر واضحا فى أعضاء برلمان الثورة نحو المجتمع المصرى وبخاصة المرأة ولكن ماذا عسانا أن نقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل.

«ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين»

صدق الله العظيم 

هل انتهت مشاكل الشعب المصرى جميعها، حتى يتفرغ البرلمان لمناقشة قانون الخلع

أم هو التربص بالمرأة؟

 

المصدر: مجلة حواء- تهاني الصوابي

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,869,959

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز