صديقتى .. الخائنة ! «1»

كتبت :سكينة السادات

قارئتى حنان (33 سنة) الحائزة على الماجستير والدكتوراه فى علم النفس والعلوم الإنسانية والتى تبدو بمظهرها الجاد وتقطيبتها الدائمة ، برغم جمالها الهادىء المريح ، تبدو غير سعيدة ، أو أنها ترزح تحت أعباء نفسية شخصية لم تستطع إذابتها رغم تخصصها فى العلوم الإنسانية فى علم النفس ومن هنا فقد جاءت إلىّ تشكو من الخيانة والكذب !

 

قالت لى .. (باب النجار مخلع) كما يقول المثل المصرى لكننى مازلت أذكر كلمات أمى رحمها الله عن اللجوء إلى أصحاب الخبرة، الأكبر سنا ، لكى نستمع - نحن الشباب - إلى آرائهم ثم نفكر ونفكر ثم نتخذ القرار !

واستطردت ..

وإننى اليوم ياسيدتى لا أخفى عليك أن أمى قد أخطأت فى تربيتى !

نعم .. لقد ربتنى على الصدق فى القول وعدم الكذب ، وعدم اللف والدوران فى الكلام وتصديق الناس كقاعدة عامة فما دمت لا أكذب فلا اعتراض أن يكذب الناس ، وكان هذا خطأ كبيرا!

فقد اكتشفت أن ثلاثة أرباع الناس يكذبون ولا يقولون الحقيقة حتى وإن لم تضرهم الحقيقة فى شىء !

هكذا ، اللف والدوران والكذب أصبح هو القاعدة والصدق والكلام المباشر الصريح نادر أو غير موجود بالمرة !

 

واستطردت د. حنان .. لعله من الأصلح أن أحكى لك الحكاية من البداية ، فأنا الابنة الوحيدة - بلا أخ ولا أخت - لأستاذ جامعى وزوجته - والدتى - الأستاذة الجامعية أيضا ! وقد رزقا بى بعد معاناة استمرت أكثر من عشر سنوات بدون إنجاب وكانت فرحتهم غامرة عندما جئت إلى الدنيا وكان أبى قد بلغ مرحلة الكهولة أما أمى فهى أصغر منه ثلاث سنوات فقط عشت يا سيدتى فى جو علمى وثقافى بالغ الرقى والاحترام ، أمى تشرف بنفسها على كل مايخصنى وهى وأبى يخافان علىّ عن الهواء الطائر !

كل شىء ميسر عندى فهما ليسا من الأثرياء وليسا من الأغنياء أيضا ،بل هما كادر خاص يعلو ذوق الكادر المتوسط - بدرجتين أو ثلاث بمعنى أن راتب أبى وراتب أمى وبعض فدادين الأرض الموروثة عن العائلة يصبح مستوانا لا بأس به !

أما عن السكن فقد كان متميزا إذ كنا نسكن بالمعادى فى فيلا جميلة إيجار قديم لها حديقة يعتنى بها جناينى بإشراف أبى وأمى!

أدخل فى الموضوع مباشرة وأقول لك أن أمى من شدة رعايتها لى كنت أعتمد عليها فى كل شىء ، بل هى التى كان يسعدها أن تقوم بنفسها بكل أعبائى ، هى التى تختار ملابسى وطعامى وراحتى وتحزن كثيرا عندما تصادفنى أية مشكلة لاتستطيع أن تحلها فورا لذا فقد اعتدت أن يكون إلى جوارى من أستطيع أن أعتمد عليه وأن أثق فيه ولكن هيهات !

دخلت الجامعة ونجحت وتخرجت وتعينت معيدة ليس لأننى ابنة أساتذة جامعيين ولكن بدرجاتى وتفوقى ، وفى تلك الحقبة من حياتى كنت أولى المذاكرة والبحوث أولى اهتماماتى وكانت أمى وكان أبى على قيد الحياة فلم أكن أفكر فى أية أمور أخرى لكن أمى كانت تمازحنى دائما بأن تشير إلى قلبها وتقول - إيه الحكاية ؟ هو ده لسه مادقش ولا أتحرك خالص واللا إيه ؟

أضحك وأقول لها .. والله يا ماما مافكرت فى الموضوع ده !! أنا مشغولة بالتدريس والدراسة وخلاص!

وتمر الأيام وتزورنا طالبة من قرية لأمى وتتقرب إلىّ وتستقبلها أمى - فهى من أسرتها (ولكن من الجانب الفقير من الأسرة) وأجد فى قريبتى عونا كبيرا فى أمور كثيرة فهى هادئة رقيقة ومطيعة تتطوع للذهاب إلى أى مشوار أريده وهى سعيدة تشترى لى ما أريد ، تسأل عنى باستمرار وتزرونى فى البيت يوميا وتجلس إلى جوار أمى فى مرضها الأخير وكنا سعداء بها فلم تكن تبدو (طمعانه) فى أى شىء بل بدت سعيدة بيننا وهى تقوم بدور مديرة البيت والمسئولة عن كل شىء بعد أن مات والدى ومرضت أمى بعده مرضاً عضالاً وصرت وحيدة فى الفيلا الكبيرة وحائرة بين واجباتى الأسرية وطموحى العلمى الذى تربيت على أن يكون بلا حدود فأبى الأستاذ الجامعى الحائز على عدة شهادات دكتوراة وكذلك أمى لايرضيان لابنتهما الوحيدة بأقل منهما !

 

واستطردت .. ومرت الأيام وتوفت والدتى وطلبت من قريبتى أن تأتى للحياة معى فقد تعودت خلال حياة أبى وأمى أن تكون هى المسئولة عن كل شىء ومرت عدة سنوات حصلت خلالها على شهادة الماجستير وبدأت استعد للدكتوراه وذات يوم جاءت ابتسام قريبتى وقالت لى ..

هناك عريس لايرفض !! قيمة وسيمة وحاجة عظيمة .. إيه رأيك ؟

ماذا فعلت د. حنان بشأن العريس المنتظر وكيف سارت الأمور ؟ الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية ! 

المصدر: مجلة حواء- سكينة السادات

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,454,807

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز