رب ضارة نافعة

 

كتبت :منار السيد

لعله خير .. ، «محدش عارف الخير فين»، جمل كثيرة نتداولها يومياً مرة نتقبل خسارة أمر ما أو شيء ما .. وهنا نطرح علي الشباب المقولة الشهيرة «رب ضارة نافعة» وما حدث لهم من مواقف يومية

 يقول محمد عبدالسلام «28» عاماً : فى المرحلة الثانوية حصلت على مجموع 95% فى السنة الأولى «علمى رياضة» فحددت حلمى الموجه لهندسة القاهرة واستمريت طوال العام التالى بجد ومجهود أكثر لتحقيق حلمى ، ومع إعلان نتيجة العام التالى كانت الصدمة الكبرى هو أن مجموع العامين أصبح «90%» .. وكانت «القاضية فماذا حدث؟ ولأننى واثق تماما من إجاباتى وخاصة فى مادة الفيزياء التى نقص فيها عدد الدرجات ليصل الفارق لـ «11درجة» وأيضا لوثوق معلمى فى هذه المادة أقنعنى بتقديم «تظلم» وبالفعل قدمت تظلماً بإعادة التصحيح ولكنهم رفضوا وقالوا إن التصحيح لا يعاد ولكن يتم الكشف فقط فى مجموع الدرجات، ولا أحد يمكن أن يتخيل وأنا أحمل ورقة إجاباتى لأجد الإجابات الصحيحة مشطوب عليها بالإضافة إلى الخطأ فى الجمع، وبالرغم من ذلك لم أستطع الحصول على حلمى ، وضاع أمل «الهندسة» حلم عمرى الذى ضاع دون وجه حق ، فلم أستطع اللحاق «بهندسة أسوان» ففرقت معى على .01% لأن قدرى أيضاً حدث فى هذا العام ارتفاع كبير فى التنسيق ودخل صديق عمرى الهندسة وحده بالرغم من أنه كان دائماً يقول لى «هتدخل هندسة وتسبنى» بسبب الفارق فى الدرجات بالعام الأول ، ولم يصبح لدى أى رغبة بالالتحاق لأى كلية وكتبت التنسيق دون اهتمام ، والتحقت بكلية تربية رياضية فكانت كلية منفصلة عن التربية فهى تتطلب مجموعاً أعلى من كليات التربية الأخرى ، وذهبت دون روح أو أمل فى أى شىء وما يدور بداخلى هو فقط مسايرة الحياة ، وإذ فجأة يتحول الأمر ستمنعي أسرتى للالتحاق باتحاد الطلاب، ولم أقتنع فى بداية الأمر ولكن مع إصرارهم وتشجيع زملاء المدرسة الذين اكتشفت أنهم معى فى نفس الكلية ، ونجحت فى الانتخابات ومن هنا بدأت حياة الانطلاق من رحلات وعلاقات اجتماعية مع أشخاص مختلفة ، أنشطة متعددة فى جميع المجالات التى أهلتنى لبعد التخرج للحياة العملية . وتخرجت فى الجامعة وبالرغم من أننى لم أعمل مشروع تخرجى ولكنه بعد مرور عام ونصف تعاقدت مع إحدى المدارس الخاصة وبعدها مباشرة كافأنى الله بتعاقدى مع وزارة التربية والتعليم ، انتظاراً للتعيين ، فى المقابل خريجى الهندسة فرص عملهم محدودة ، فحمدت الله كثيرا وعلمت أن الله دائماً يكتب الخير للعبد وأنه «رب ضارة نافعة» .

تغيير الواقع

يقول أيمن كمال - 26 عاماً -: كانت أمنية حياتى وحلم عمرى الالتحاق بكلية الإعلام، فكان حلماً يراودى اينما ذهبت وأتيت ، ولكننى أثناء امتحانات الثانوية العامة أحسست بحساسية شديدة على الصدر انتقلت على أثرها للمستشفى لتلقى العلاج وقضيت 3 أسابيع وأنا أمتحن بلجنة خاصة وبالطبع ضاع أملى بضياع تركيزى ومذاكرتى بسبب مرضى بالرغم من أننى كنت حاصلاً على مجموع كبير فى السنة الأولى ، وحزنت حزناً شديداً شديد لأننى بالطبع حصلت على مجموع ضعيف بسبب مرضى ، ولكننى حمدت الله وتماسكت وأيقنت أن الله سيعوضنى عن ما حدث لى لأنه «أرحم الراحمين» ، والحمد لله التحقت بكلية التجارة وبالرغم من اختلافها لميولى وبعدها كل البعد عن الحسابات والأرقام ولكننى لم أستسلم لميولى ، وقررت تغيير الواقع ليكن فى صالحى وبالفعل اجتهدت وذاكرت وتعبت وتحديت نفسى لأتخرج فى الجامعة بتقدير عالٍ ليتم تعيينى معيداً فى الجامعة ، ومن هنا أؤكد على أننا يمكننا تغيير الواقع مهما كان آليماً ليصب فى صالحنا ولا نستسلم أبداً للواقع الآليم .

السفر

وأمين محمد «27 عاما» خريج أكاديمية صحفية يقول : أحلم طوال أيام الجامعة بالسفر إلى دولة «الكويت» حيث يعمل أبى، وأحصل على فرصة عمل جيدة هناك لأبنى حياتى على هذا الأساس وبعد التخرج مباشرة بنيت كل خطواتى على إنهاء الأوراق وتصاريح العمل والسفر لنفاجأ بالعراقيل التى تقف أمامى وتحول بينى وبين حلمى ، لأحاول مجدداً وأيضا لا يسير الأمر ، وأصبت بنوع من الإحباط الشديد واليأس ، فأوراقى لا تسير كلما أنهيت ورقة لأجد الأخرى تقف حائلاً أمامى وحاولت ثلاث مرات وشعرت أن حلمى ينهدم وينهار فطريقى الآن مظلم لا أعرف بدايته من منتهاه ، لأتقابل مع رجل وأنا فى طريق عودتى من السفارة لأحكى له القصة ويطلبنى للعمل معه فى إحدى شركات البترول الكويتية بفرعها المصري ، فرحت فرحاً شديداً وعلمت فى هذه اللحظة أن «رب ضارة نافعة» .

الرحلة العجيبة

وحتى الأشياء الصغيرة قد لا ندرى الخير من الشر فيها نهاوند طارق «19عاماً» تحدثنا عن رحلتها العجيبة فتقول: نظمت إدارة النادى رحلة إلى «العين السخنة» وذهبت لوالدتى لأستأذنها للذهاب مع صديقاتى بالنادى إلى الرحلة ولكنها رفضت رفضاً باتاً، وشعرت بضيق وملل لرفض والدتى ولعدم ذهابى للرحلة مع صديقاتى وكدت يوم الرحلة أصاب بانهيار ، ولكن بعدما عرفت إنها لم تكن رحلة سعيدة بسبب تعب إحدى العضوات وإضطرارهم للمكوث بجوارها طوال اليوم بعد نقلها للمستشفى أيقنت أن والدتى «ست مبروكة» وأن إذا كنت ذهبت للرحلة من المؤكد كنت سأصاب بهم وغم شديد ، والحمد لله «رب ضارة نافعة» .

منطلق آخر وهو تحديد المكاسب فى الأمر وعدم التفكير فى أوجه الخسارة حتى إذا لم يكن هناك أى فائدة فعلية أن يحاول تعديل الظروف لما فيه الصالح له وهناك الكثير من القصص التى نسمعها يومياً تؤكد مقولة «رب ضارة نافعة» لذلك إذا لم يستطع الفرد تغيير الواقع عليه الصبر والتحلى بالإيمان، والرضا بما هو مكتوب والثقة بأنه فى يوم ما سيجنى ثمار وخير هذا الأمر .

الحلم

وتعلق على ذلك د. فاديه محمد - أستاذة الطب النفسى بجامعة الأزهر - قائلة «أحيانا يشعر الناس بضيق وحزن وتوتر عند فقدانهم لحلم باتوا يحلموا به لفترة طويلة، وبنوا عليه الآمال العريضة والطموحات ولم يفكروا يوماً أنهم سوف يفقدون هذا الحلم ويضيع من بين أيديهم ، وهذه هى أول المشكلة وهى «عدم توقع الخسارة» ، ويكون الفرد فى هذه الحالة بعد الإفاقة من صدمة ضياع الحلم منحصر حزنه على مساوىء الخسارة خاصة إذا كان يصعب تعويضها ولا يجد لها أى مكاسب، الذى قد تكون هذه المكاسب أكثر كثيرا من الخسارة فعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ، وعسى أن تحبو شيئاً وهو شر لكم . ولكن للأسف لا يفكر الكثيرون من هذا المنطلق لذلك يصابوا بصدمة نفسية وحزن شديد لدى الخسارة ، ولكن أنصح أى فرد يتعرض لهذه الخسارة يجب أن يأخذ وقته فى الحزن لا يعترض أحد على ذلك ، ولكن عليه الإفاقة سريعاً وإعادة التفكير فى الأمر 

 

المصدر: مجلة حواء- منارالسيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 850 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,704,176

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز