كتبت : سماح موسى
هو .. حزين لأبعد مدي .. تحمل عيناه دموعا مكتومة ويرفض اللعب مع أقرانه أو التحدث معهم، يعيش فى عزلة تامة رغم سنوات عمره التي لاتتجاوز أصابع اليد الواحدة .. فهل يعاني طفلي من أزمة نفسية ؟
وإذا كان الأمر كذلك .. فماذا عن العلاج وكيفية التعــــامل معــــه؟! ll
يقول د. سامى مرسى النجار -أستاذ علم النفس ووكيل كلية الآداب لشئون الطلاب والتعليم بجامعة الزقازيق- . «ليست كل أزمة نفسية عابرة هى مرض نفسى فهناك فرق بين المرض والأزمة العابرة».
فالمرض النفسى يصاب به الطفل منذ صغره ويدوم معه لفترات طويلة إذا لم يتم علاجه ويؤثر على شخصية بنائه العضوى والمعنوى وبالتالى يؤثر على قدراته العقلية ومعدلات ذكائه، أما الأزمة النفسية العابرة فتكون مؤقتة ويزول تأثيرها بزوال المؤثر .
عوامل مؤثرة
وعندما يتعرض الطفل للإصابة بمرض نفسى فهذا يرجع لعدة أسباب، منها الاستعداد الداخلى الذى تلعب العوامل الوراثية دورا فيه، كذلك قد تكون الظروف الخارجية سببا فى مرضه النفسى كالمرور بظروف قاسية أو التعرض المباشر والمستمر لأفلام الرعب خاصة إذا طالت مدة مشاهدتها عن اللازم كذلك تؤثر على نفسية الصغير أجهزة الكمبيوتر والفيديو فالطفل يقوم بالمحاكاة والتقليد لما يراه فيكون عنيفا فى تصرفاته مع الآخرين ويكتسب الكثير من السلوكيات العنيفة ليثبت لمن حوله أنه قوى بشكل غوغائى وبالتالى يتحول هذا العنف إلى مرض نفسى، بالإضافة إلى تأثير ذلك على صحته كالتهاب العينين وانخفاض نشاط المخ، ومن أبرز الأمراض النفسية التى تصيبه العقد النفسية، والتقوقع حول الذات، وعدم الاندماج مع الآخرين، والحقد الاجتماعى، والحسد غير المرئى، والذكاء الشديد المصحوب بالانفعال الشديد والحركة غير الطبيعية والتوحد ويؤكد د. سامى أن لكل فترة زمنية أمراضا نفسية تفرزها بسبب حدوث متغيرات ثقافية واجتماعية واقتصادية .
جلسات سلوكية
ويتفق د. ممتاز عبدالوهاب -رئيس قسم الطب النفسى بكلية طب قصر العينى- مع الرأى السابق ويضيف أن المرض النفسى للطفل يكون بسبب تفاعل العوامل الوراثية (الجينات) مع الظروف البيئية المحيطة به ويحتاج علاجه إلى فترات طويلة ويكون حسب استجابة المريض له وتكون بأدوية مضادة للاكتئاب والقلق أو من خلال جلسات علاج سلوكى وتوفير جو أسرى مستقر .
ولأن الوقاية خير من العلاج فلابد أن نهتم بوقاية أطفالنا من الإصابة بالأمراض النفسية من خلال اهتمام الوالدين به وإعطائه الأولوية عن أى شىء آخر -وتشجيعه على القيام بأعمال جيدة وتنمية مهاراته وقدراته .
وسائل الإعلام
بالإضافة إلى دور وسائل الإعلام والثقافة التى لابد أن تقوم بفلترة للبرامج التثقيفية والدينية والاجتماعية المقدمة للطفل، بالإضافة إلى دور الحضانة والمدارس الابتدائية فدورها أهم من دور الأسرة حيث يقضى الطفل فيها أكثر مما يقضيه فى منزله وسط أسرته مع ضرورة التأكيد على دور أصحاب التخصص والمهنية أساتذة الطب النفسى، وإقامة ورش عمل وإرسالهم بعثات أجنبية للخارج للوقوف على أحدث أساليب البحث العلمى ومتابعة كل ما هو مستحدث عن المرض النفسى وعلاجه .
خطأ كبير
أما د. على السيد طنش -أستاذ أصول التربية ونظم التعليم بكلية التربية النوعية جامعة القاهرة- فيقول: إنه يصح أن نطلق على طفل بلغ الخامسة من عمره أنه مريض نفسى فقد يصاب بأزمة نفسية عارضة وغالبا ما تكون بسبب الأسرة التى يعيش فيها وتحاول دائما كبته وعدم إعطائه الحرية الكافية لممارسة أنشطته ومنعه من اللعب مع أقرانه، ولا أقصد أن تقوم الأسرة بالتدليل المفرط، ولكن لابد من تشجيعه على ممارسة الرياضة التى يحبها حتى لا يشعر بالانطواء والقلق لأن ذلك قد يصيبه بأزمة نفسية عابرة سببها عدم معرفة دوافعه وميوله ورغباته وعدم تحقيق أهدافه واهتماماته الخاصة .
أما عن نظرة المجتمع تجاه الطفل المريض بالتأزم النفسى فيقول د. على السيد: إن النظرة الشائعة فى مجتمعنا للطفل المريض بالتأزم هى نظرة ازدراء وإهمال ودائما يبتعد عنه الناس . بينما يجب أن تكون نظرة سويّة متقبلة مرشدة موجهة فلابد أن يهتم به الآباء والأمهات من خلال عرضه على طبيب نفسى إذا تغير سلوكه وأصبح طفلا غير طبيعى يتصرف تصرفات غير لائقة ولابد من احتوائه ومعاملته معاملة جيدة وعلاجه بشكل مستمر ومتابعته التى تجعل فترة العلاج قصيرة ويشفى بسرعة.
وصفة علاجية
وعن الطريقة المثلى للتعامل مع الطفل المتأزم نفسيا تقول د. سامية على محمد -أستاذة العلوم التربوية والنفسية بكلية تربية نوعية جامعة القاهرة-؛ إن طبيعة الطفل العناد فلابد أن ابتعد فى حوارى معه عن إعطاء الأوامر كى ينفذها لأنه بذلك يزداد عنداً ولن ينفذ أوامرى بالإضافة إلى عدوانية الطفل التى لابد أن نتعامل معها بحذر من خلال إشراكه فى تعلم رياضات الكاراتيه والكونغ فو كى يخرج طاقاته العدوانية والعنيفة فيها، فأهم شىء تنمية مهاراته حسب ميوله والترويح عنه من خلال زيارته للمساجد أو الكنائس وإشراكه أيضا فى حل المشاكل، ومن المهم تعليمه كيفية إدارة الحوار وعلاج بعض المشاكل والمواقف الطارئة وهذا يسمى (باللعب الجماعى) ولابد أن نجنبه اللعب الفردى حتى يتعلم الاندماج مع الآخر ولابد أن ننمى نفسه واعتماده على نفسه دون اعتماده على الآخرين، وأن يدلى برأيه بصراحة دون خوف أو تردد، وكيفية استثماره لوقته وهذا ليس فى وقت الدراسة فقط ولكن أثناء الإجازة، فلابد أن يقسم وقته بين اللعب مع أصدقائه وفى النادى وممارسته للرياضة التى يحبها مثل كرة القدم أو السباحة أو غيرهما .. وأيضا مشاهدة التليفزيون والجلوس أمام الكمبيوتر والزيارات الأسرية
ساحة النقاش