كتبت : سكينة السادات
أشد مايمكن أن يبتلى به المرء هو أن يعيش فى عائلة مفككة يفتقد الحب والحرص والمبادىء والمثل ! بل تفتقد سر الحياة وسر النجاح ولا يحرص سوى على المظهر الخادع أمام الناس !
أما الجوهر فهو خواء وزبد يذهب جفاء وتكون النهاية مفجعة فى كل الأحوال !
قارئتى الشابة أنيسة (28 سنة) وحكايتها التى أذهلتنى حقيقة .. هل فى الدنيا أناس على ذلك القدر من الأنانية والاستهتار حتى يصل الأمر إلى أن يكون هدفهم هو أن يعيشوا حياتهم يوما بيوم ولا يفكرون - للحظة واحدة - فى مستقبل أولادهم ؟ هكذا يكون الإهمال والخراب .. خراب الحياة كلها من الداخل والخارج !
قالت أنيسة وهى تبكى بانفعال: حياتى عبارة عن خرابة كبيرة ! لاشىء مهم ! لاشىء ينبىء بأى خير فى المستقبل ! لا هدف ... قولى ياسيدتى .. لا حياة !!
غضبت منها وقلت لها ... كيف يا أنيسة.. وأنا أراك شابة جميلة فى مقتبل العمر ، جامعية تعملين براتب كبير فى شركة كبيرة وترتدين ملابس أنيقة ومحتشمة ولاشىء يجعلك تقولين هذا الكلام إلا أن تكونى فى حالة اكتئاب فقط ؟
قالت: ياسيدتى أصبحت فى حالة اكتئاب دائم فأنا أعيش حياة غريبة وشاذة رغم المظهر الفخم الرائع الذى يراه الناس ولكن ... ، الأفضل أن أحكى لك الحكاية من البداية حتى تعرفى أننى لا أبالغ عندما أقول لك أننى بصراحة .. لا أعيش!
واستطردت .. أمى موظفة كبيرة جداً فى إحدى الهيئات المعروفة وقد وصلت إلى درجة المديرة العامة وأسرتها من أعرق الأسر المصرية وبيتنا الرائع مع الخارج يقع فى جاردن سيتى التى كانت أشيك أحياء مصر ومازالت !
شقتنا ياسيدتى عبارة عن 6 غرف وصالة كبيرة وحمامين وجراچ أسفل العمارة وحجرة للخدم والغسيل فوق السطوح !
تخّيلى المنظر ياسيدتى والعمارة معتنى بها من المستأجرين القدامى جميعاً وكلها بالإيجار وهم من المشاهير ولأن الإيجار لايتعدى العشرين جنيهاً شهرياً فهم ينفقون دائما على تجميل وترميم العمارة ، ونعود إلى أمى فهي جامعية مثقفة متدينة، وعن أبى فهو مدير عام أيضا فى فرع آخر من نفس الهيئة والبداية كانت عندما التقيا فى مستهل العمر وكانت أمى قد تعدت الخامسة والعشرين وكان أبى يكبرها بحوالى عشر سنوات، وكان أبى من قرية بأرياف محافظة البحيرة ورأت فيه أمى شابا ريفيا شهما إذ أحبها كثيرا ولم يفاتحها فى أمر زواجه منها لأنه لم يكن يملك شيئاً على وجه الإطلاق !
باختصار ياسيدتى قامت أمى وأسرتها بكل شىء ! دفع جدى لأمى (خلو رجل) لمستأجر الشقة التى نعيش فيها الآن فى جاردن سيتى، وكان المبلغ وقتها (بالآلاف) أقصد آلاف الجنيهات وأثث الشقة من الألف إلى الياء حبا فى ابنته (أمى) التى تمسكت بالشاب الفقير ذات المستقبل الواعر وتزوجا وقالت أمى إن أحدا من أهله لم يحضر حفل الزفاف وقال هو أنهم مرضى لايستطيعون السفر إلى القاهرة !
واستطردت أنيسة .. ونقلا عن أمى أروى لك أنها عاشت مع أبى عاما سعيدا أنجبت بعده بنتين توأم أنا واحدة منهما فقد ولدت الأخرى ضعيفة البنية عليلة وتوفت بعد مولدنا بشهرين فقط وتألمت أمى كثيرا لكنها ركزت كل اهتمامها بى حتى صرت كل حياتها حتى الآن!
وقالت أنيسة .. قالت أمى إن أبى فى بداية حياتها الزوجية كان فى شبه حلم ! زوجة جميلة وشقة كبيرة جدا فى جاردن سيتى وأثاث فاخر وزوجة مطيعة توفر له كل ما يحلم به وابنة فى صحة جيدة وكان أن ركبه الغرور والعزة بالإثم فصار يخرج بمفرده كثيرا ويسهر خارج المنزل ثم تطور الأمر إلى تقليص مصروف البيت بدعوى أنه يساعد أهله فى القرية فى حين أنه كان من الواجب زيادته بعد أن أنجب وعندما بدأت أمى تعاتبه فوجئت به يضربها ضربا مبرحا ترك آثارا واضحة فى وجهها ورقبتها ثم كان ما كان .. ماذا حدث بعد أن ضرب والد أنيسة أمها ..
ذلك ما سوف أحكيه لك الأسبوع القادم بإذن الله
ساحة النقاش