كتبت: منار السيد
انقضى عام 2012 .. لنصبح على مشارف العام الجديد .. ولكن لا يمكن فقط انتزاع أوراق العام الذي مضى من النتيجة الورقية لننهيه ، لكن يجب علينا انتزاع كل ما حواه هذا العام من سلبيات شملتنا جمعيا ، دفعتنا لخسارة أقرب الأشخاص إلينا ، كالتي أوصلتك لخسارة عملك لمشاكلك المستمرة مع مديرك ، وجعلت علاقتك مع زوجك تدخل في نفق مظلم .. علاقتك بأبنائك غير سوية ..وغيرها من السلبيات التي أظلمت عامنا الماضي .
ولأنه يجب أن نطوي هذا العام لبداية عام جديد نعمل فيه على إعادة توازنا مع الآخرين .. فعليك أولاً اكتشاف نفسك وما بها من سلبيات لاستعادة علاقتك السوية مع الآخرين >>
يبدأ الحديث د. أسامة عشم - الخبير العالمي في التنمية البشرية والتدريب فيقول: لنتعلم كيفية إعادة توازن علاقتنا مع الآخرين، يجب أولا أن نعلم أن هذا سيحدث أثناء عملية الاتصال بيننا وبين الآخرين، ولكي نضمن نجاح عملية الاتصال فعلينا اتباع "نظرية الرابطة الثلاثية" وليست "الرابطة الثنائية "كما يعتقد البعض.
فيبدأ الرابط الأول بالتصالح مع الله، فيجب أولا أن تفكر في علاقتك مع الله التي على أساسها ستتمكن من استكمال أركان عملية الاتصال مع الآخرين.
ونأتي إلى الشق الثاني أو الرابط الثاني من الرابطة الثلاثية وهي " أنا ونفسي"، فقبل أن يفكر الإنسان في إعادة توازن علاقته مع الآخر ،يجب أولا التفكير في علاقته مع نفسه من خلال إعادة تقييم نفسه مرة أخرى، فيجلس معها ويسترجع شريط العام الذي مضى ويتم ذلك من خلال" النظارة " التي ينظر المرء للحياة والآخرمن خلالها وهي تمثل " الاعتقاد" أو "الإدراك".
فالمرء قد يرى من خلال نظارته أو اعتقاده أن الشخص الذي يمثل أمامه هو الخاطيء أو أنه هو الذي يعاني من مشكلة ما في حين قد تكون أنت المخطيء في اعتقادك، لذلك عليك أولاً أن تزيح التراب الذي يعوق رؤيتك الجيدة للأمور، فعليك أن تجلس مع نفسك لمحاولة تغيير إدراكك واعتقادك الخاطيء ، بالإضافة إلى محاولة إعادة تقويم سلوكك التي تشعر أنه قد يسيء بعلاقتك مع الآخر.
أنا والآخر
ويكمل خبير التنمية البشرية قائلا: نأتي للشق الثالث من النظرية وهي " أنا والآخر" ويتم وضعها في إطار "الإرسال والاستقبال" والتي تعتبر عملية عكسية، فإذا نويت بدء اتصال أو تكوين علاقة مع الآخر فعليك أولا أن تبدأ في انتقاء محتوى الرسالة التي سترسلها للآخر والتي يفضل أن تكون رسائل مختصرة قصيرة تحمل جميع المعاني التي تريد إرسالها للطرف الآخر، وبعد أن تتأكد بنسبة كبيرة أن الرسالة تتضمنت الهدف من الحوار مع الآخر انتظر المرحلة الثانية.
فعل ورد فعل
وتدور المرحلة الثانية في إطار نظرية " الفعل ورد الفعل "، فبعدما أرسلت رسالتك انتظر رد الفعل من الطرف الآخر، والتي تحمل العديد من الاحتمالات فقد ترى بعض المغالاة في رد فعل الطرف الآخر، أوتجد رد الفعل أقل بكثير من قيمة الفعل.
ومن هنا يأتي تفسير يفيد نوع من التقليل من شأن الرسالة أو من شأنك كطرف مرسل، وهذا ينقلنا بدوره إلى مفهوم والتي تعني في مجال الاتصال القدرة على الاستجابة وهي التي توضح مدى مسئولية هذا الشخص لقيمة الرسالة، ويتوقف ذلك على مدى الاستجابة، ويفسر أن الطفل الصغير يكون غير مسئول لأن استجابته ضعيفة.
لعلاقة سليمة
ويستطرد د. عشم: أريد أن أوضح من الكلام السابق أنه إذا كنا نريد إقامة علاقة سليمة مع الآخر مهما كان الآخر زميلا في العمل، صديقا، زوجا أو فردا داخل الأسرة الواحدة، لابد أن نتأكد أن مضمون الحوار تم على أسس اتصالية سليمة من جانب الإرسال والاستقبال ومضمون الرسالة والتي على أساسها سيتحدد موضوعية رد فعل الشخص الآخر.
أي أنه إذا كان هناك خلاف بينك وبين زميلك في العمل ولم تحدد نقطة الخلاف واتبعت الخطوات التي سبقنا ذكرها من التحاور مع النفس لاكتشاف العيوب والأخطاء، وحاولت إعادة التواصل مرة أخرى مع هذا الشخص وانتقيت لغة الحوار، ومع ذلك تفاجأت برد فعله غير المتوقع والمبالغ فيه مثلا أو المتهاون به، فهذا سيوضح لك أن الخطأ من هذا الشخص في استقباله الخاطئ لرسالتك أو لحوارك معه.
الحوار أساسي
ينقلنا الحديث هنا إلى نقطة هامة جدا والتي نعاني منها كمجتمع مصري الآن وهو التشبث بالرأي وعنها يقول د. عشم: داخل الأسرة الواحدة تجد الأخوات والأب والأم كل منهم متشبث برأيه، ويبذل قصارى جهده لإقناع الآخر برأيه، وهذا يجعل هناك اختلافات كبيرة بين الأباء والأبناء دائما مما يعرف بصراع الأجيال، لما يفعله كل طرف بجذب دفة الحوار إلى جانبه، وهذا ما يحدث الأن في مصر. فكل منا متشبث برأيه، يعمل على جذب الحوار في اتجاه واحد، وللأسف هذا التشبث ومحاولات الجذب تتطرح نتائج سلبية فإما سيقع الطرفان في دائرة الصمت أو سيقودا الأمر لدائرة العنف للدفاع عن الأراء مثلما حدث في الفترة الآخيرة.
التوازن
لذلك أريد أن أؤكد على أن أساس فكرة التوازن في العلاقة بين الأشخاص هو كيفية التوصيل والإقناع بالفكرة وليس إجبار الفكرة ،فنحن نحتاج الى اتصال دائم وحوار مفتوح معا داخل الأسرة وداخل العمل وبيننا كأصدقاء، وكمعارضين ومؤيدين ،فيجب علينا تطبيق نظرية x&y وهي التي تجعلنا نبحث دائما عن نقطة تلاقي بيننا..ولنتذكر دائما أنه حينما ينقطع الحوار..ينقطع الحب
ساحة النقاش