مكافأة نهاية العمر جفاء الأبناء
كتبت: اميرة اسماعيل
أصابني الذهول وصديقتي تحكى لي ما فعلته بها أختها الوحيدة فقد حاربتها بعد وفاة والديها وأخذت منها الشقة "واستقوت "عليها وحاصرتها بالمحاضر والشكوى ضدها مما اضطرها للبحث عن شقة تعيش بها بمفردها .. وصدمتنى كلماتها والذهول مما تفعله بنا الدنيا فهل أصابنا الجمود الإنسانى بين الأخوة وبعضهم أم أننا بحاجة لمراجعة حسابتنا من جديد فى التعامل، التربية، أسلوب الحياة بأكملها ؟.. >>
لم تكن تلك الشكوى الأولى أو الوحيدة فقد صادفتنى العديد من المشكلات منها مشكلة أمنية.ع (45سنة) ربة منزل والتي تتحدث فيها عن ابنها الذى لم يراعى تربيتها له وأصبح دائم الشجار معها ومع أخوته ومع وفاة الأب أصبح لديه جفاء ولا أعلم مصدره .. أو لعلنى أعرف السبب وهو التدليل الزائد له، فهو الولد الوحيد مع ابنتان.. وتساءلت لماذا لم يفهم ابنى أننى ما حرمته من شىء ؟ هل لأنه "ولد" ولم استطع حرمانه .. فيكون هذا عقابى ؟!
"جفاء الأبناء نتيجة غياب العواطف الأسرية" هذا ما أكدته فاطمة أحمد (35سنة) طبيبة , فمسئولية كل أب وأم أن يغرسا الحب فى نفوس أطفالهما منذ الطفولة وأن ينتبها للتفاصيل الصغيرة فى التعامل معهم لأنها ستؤثر فيما بعد على سلوكياتهم فى التعامل سواء داخل محيط الأسرة أو خارجه.
"أخى من أبى وأمى تجاهل أزمتى مع أختى وتركنا بين المحاكم والقضايا" كلمات حارقة قالتها علا . م ، وأضافت مشكلتى بدأت بعد وفاة أبى وتحكم أخى المستمر بينى وبين أختى وفى النهاية تخلى عنا ومن هنا نشبت المشاكل لتكون الماديات هى المتصرف الأول فى علاقتنا ... ولا طريق للتفاهم سوى المادة والميراث!
وتقول حنان مسعد (35سنة )ربة منزل : تستطيع الأم أن تلحظ تعامل أبنائها بجفاء وتستطيع أن تتود إليهم وتفهم لماذا الفجوة فى التعامل معهم فقد يكون هناك خطأ فى التربية وعليها أن تنتبه إليه قبل فوات الأوان.
الجفاء
ويرى سامى أحمد(47سنة) موظف : أن القسوة بعينها هى جفاء الأبناء أمام آبائهم وأمهاتهم فيشعر الأب بضياع تربيته وغياب حنان الأم فى تعاملهم فيما بينهم ، والأهون ألا يرى الأهل هذا الجفاء فى حياتهم.
بينما يحكى مصطفى أحمد (30سنة) عن أخيه الأصغر ومعاناة أبيه من تصرفاته وعدم احترامه أخواته ويشعر الأب بالأسى لهذا الابن الذى لم يحرمه يوما من أى شىء يطلبه ولكنه - من وجهة نظره - ابتلاء من الله أن يكون لديه مثل هذا الابن!
"الجفاء كلمة صعبة للغاية .. وقد يكون الأمر مجرد روح للمراهقة وإثبات الذات " هذا ما أكده محمود على (50سنة) موظف قائلا : لا أتوقع أن يربيا الأب والأم تربية صالحة ويخرج الأبناء بروح أخرى غير التربية الطيبة والتعامل الحسن ، إلا إذا تدخلت الصحبة " غير المتزنة" أو التصرفات الطائشة التى تصيب الشباب فى وقت معين وسن معينة قد تجعلهم يتصرفون بغرابة تجاه أسرهم إلى حد يصل لافتعال المشاكل ويجب أن يتعامل كل من الأب والأم بحزم ولين فى نفس الوقت حتى لا يفقدوا السيطرة على الأمر.
التربية أولا
" القضية قائمة ولكنها ليست منتشرة " هذا ما بدأت به د. سوسن فايد - أستاذة علم النفس الاجتماعى - فالجفاء والعداء بين الأبناء إنما هو نتيجة للتنشئة التى يصل فيها الأمر إلى حد التفضيل وبالتالى تظهر الغيرة نتيجة عدم العدل فى المعاملة وقد لا ينتبه الآباء والأمهات إلى تفضيلهم لبعض أبنائهم على حساب الآخر وهو أمر خطير فهذه بداية المشكلة ، وفى حالة وفاة الأب وغياب القيم والمبادىء الإنسانية يبدأ التصارع على المادة فهى المسيطر وليس مشاعر الأخوة والأسرة!
وتضيف د. سوسن فايد أن بداية الصراع بين الأبناء سيجلب الأنانية فى التعامل وقد يخسر بعضهم البعض لأن نقاط التلاقى لم تتواجد ولم تهدأ النفوس حتى ولو بتدخل الأقارب أو ذوى العقل والحكمة حتى لا تتشتت الأسرة.
ويرى د. عادل رضوان - استاذ مساعد بكلية التربية جامعة الأزهر- أن هناك عوامل تؤثر على العلاقات الأسرية وتصيبها بالجفاء ، منها السلطة الأبوية وهى اتباع الإسلوب التسلطى فى التربية وعدم إتاحة الفرصة للأبناء المشاركة فى اتخاذ القرارت الخاصة بحياتهم ، وكذلك انتشار القيم المادية نتيجة لتبنى بعض المجتمعات العربية للفكر الغربى باعتباره هو النموذج الأمثل للحياة بكل ما فيه من سلبيات وطبيعة حياة لا تتناسب و فكرنا وثقافتنا ، وهناك عنصر ثالث وهو الخلل والتفكك الأسرى الذى يظهر جليا فى الخلافات الزوجية التى تصل للمحاكم والنزاعات الزوجية وتؤثر نفسيا واجتماعيا على نفوس الأبناء ، كما أن الأمر الأكثر خطورة والذي يزيد من التوترات ويؤثر على علاقة الأبناء ببعضهم وآبائهم وأمهاتهم أن هناك أزواج وزوجات يقوم كل منهم بتشويه صورهم أمام الأبناء لنيل عاطفتهم وكسب مشاعرهم وهو ما يؤدى لتمركز الأبناء حول الذات وعدم الثقة فى الآخرين حيث تبدأ مشاعر العنف والغضب فى التعامل من وقت لآخر
ساحة النقاش