متى يصبح الحلم حقيقة

المشاركة السياسية الكاملة للمرأة

بقلم :أمل مبروك

بينما تقررالطبيعة أن يكون المرء ذكرا أم أنثى عندما يولد, تقرر السياسة ومن ورائها القوى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ماذا يعنى أن يكون الإنسان ذكرا أوأنثى في هذه الحياة, فى ظل هذا الكم الهائل من الصور النمطية الموروثة والمهيمنة على عقول الكثيرين، يلعب جنس الإنسان دورا أساسيا ومهما فى صياغة طبيعة الصراع السياسى وبالتالي فى صياغة القرار السياسى, وعلى الرغم من أن ما أنجزته المرأة والحركات النسائية فى العقود الثمانية الماضية على صعيد المشاركة والتأثير فى العالم السياسي كان إيجابيا إلى حد كبير، إلا أن محاولات إقصاء وتهميش المرأة مازالت قائمة ومؤثرة فى مجتمعنا, ولطالما قرأنا هنا أو سمعنا هناك مشادات حامية بين رجال ونساء حول موضوعات من قبيل أن الرجال أفضل من النساء فى السياسة, لأنها تحتاج إلى عقول صارمة موضوعية لاتتواجد إلا فى الذكور, والغريب أن مثل هذه المقولات وإن كانت تبدو للوهلة الأولى نوعا من الهذيان الذكورى المحموم فإنها لا تزال فاعلة وبشكل جوهرى, ففى معظم البلدان العربية لازالت المرأة محرومة من مناصب قيادية كثيرة, وفى دول متقدمة كثيرة مازال الوجود النسائى نادرا فى المراكز القيادية للأحزاب السياسية, بسبب تلك العقلية الذكورية التى لاتزال تحكم العالم السياسى من حولنا حتى فى تلك الدول التى ساوت بين الرجل والمرأة فى القانون مساواة مطلقة .

والشواهد كثيرة على أنه فى البلدان النامية يهيمن الرجال على الحياة السياسية بقوة القانون وبشكل مباشر، بينما في البلدان المتطورة يهيمن الرجال على الحياة السياسية من تحت الطاولة وبشكل غير مباشر، ومن هنا تبرز أسئلة هامة تفرض نفسها علينا متى كنا باحثين عن حياة أكثر عدلا وإنصافا بالنسبة للمرأة .. لماذا يهيمن الرجل على الحياة السياسية؟ لماذا يهيمن على الدساتير وعلى الأفكار وعلى المناصب السياسية؟ لماذا ينظر إلى صناعة القرار دائما بأنها صناعة ذكورية بحتة وأن ذلك أمرا طبيعيا ؟ ومن الطبيعى أنه متى كان القرار السياسى محتكرا من قبل الرجال كانت النتيجة الحتمية هى أن حياة المرأة مهملة ومطالبها مهمشة وصوتها غير مسموع, إن مبعث تلك الأسئلة هو محاولة صياغة حياة أفضل وأرقى للمرأة فى مجتمعها من خلال إزالة الحواجز التى تمنعها من أن تكون صانعة قرار وصانعة مصير، وبالتالى فى أن تكون مثلما تريد هى لنفسها أن تكون.

اتجاهات متعددة لتفسير الظلم

إن جميع الحركات النسائية السياسية فى العصر الحديث ومهما إختلفت مشاربها لها غاية واحدة, ألا وهى تحرير المرأة ومساواتها بالرجل وبالتالى القضاء على الظلم الذى لحق بها عبر العصور, ولكن ولظروف تتعلق بالثقافة السائدة ظهرت تأويلات واتجاهات متعددة لتفسير الظلم الذى لحق بها وطرق القضاء عليه، ففى المجتمعات العربية انقسمت التوجهات السياسية إلى علمانية وإسلامية .. وكلاهما نعرف مغزاه, أما فى المجتمعات الغربية حيث سادت مفاهيم المواطنة والحرية والمساوة فقد انقسمت المفاهيم إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية : ليبرالية وراديكالية ويسارية، أما الليبرالية فهى التقليدية السائدة التى ترى أن الحل أولا وأخيرا يكمن فى القوانين التى تساوى بين الجنسين, بينما يعتبر الاتجاه الراديكالى أن وجود هذه القوانين لن يحل المشكلة وأن الظلم سيستمر في المجتمع من الناحية البيولوجية, لوقوع المرأة تحت سطوة الرجل الذى يرى نفسه سى السيد فى منزله, أما بالنسبة للتيار اليسارى فإنه يربط بين رأسمالية الدولة من جهة وبين التبعية الاقتصادية والتهميش والظلم الذى يلحق بالمرأة من جهة أخرى, والنساء من هذا المنظور يشكلن جيشا من الأيدى العاملة الرخيصة والمستغلة أسوأ استغلال من قبل القوى الاقتصادية والاجتماعية فى أى نظام رأسمالى .

الهدف المنشود

إن الدولة الديمقراطية التى نحلم بها يجب أن تضمن للمرأة المشاركة الكاملة فى الحياة السياسية بعدما حرمت منها عبر التاريخ لمجرد أنها امرأة, ورغم أن المسيرة طويلة ومعقدة, فإنها ستصبح حقيقة وواقعا إن عاجلا أم آجلا, إذا استطعنا أن نضمن وجود قوانين تساوى بين الرجل والمرأة، مع تنفيذها على أرض الواقع فى كل مجالات الحياة، وإذا صاحب ذلك برامج للتوعية الاجتماعية، فإن ذلك سيكون كفيلا بتغيير الثقافة الذكورية السائدة فى المجتمع وبالتالي القضاء على الظلم تدريجيا لنصل في نهاية المطاف إلى ذلك الهدف المنشود الذى تصبح معه المرأة المظلومة أمرا من الزمن الماضى وموضوعا للتفكه والتندر فى عهد غير بعيد شاء من شاء وأبى من أبى {

المصدر: مجلة حواء -أمل مبروك

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,466,622

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز