كتبت: امل مبروك

الاثنان معا .. الحكم والمعارضة يتحملان ما وصلنا إليه من طريق مسدود.. فقد فشل الحكم فى تكرار تجربة مانديلا الذى أشرك السود والبيض والهنود والملونين فى الحكم، ولم يسعَ لإقصاء أحد، حتى الذين أساءوا إليه من قبل، وأجرى مصالحة وطنية شاملة بين الجميع رغم صعوبة موقفه عنا.. فلديه أربعة أجناس وعشرات الأديان والملل.. ونحن عرق واحد ودينان.. وجميع الأطياف شاركت فى الثورة ولم يستأثر بها فريق واحد، أما خطأ المعارضة القاتل فهو حرق الأرض تحت د.محمد مرسى .. حتى لو احترقت مصر، وترسيخ سنة باطلة بمحاولة إلغاء حكم رئيس منتخب قبل انتهاء مدته، وهذا لن يجعل لنا رئيساً يكمل مدته على الإطلاق، وسيمزق الوطن أكثر ما هو ممزق، لقد تصالحنا مع إسرائيل، فهل عجزنا أن نقيم بين أبناء الوطن شراكة حقيقية فى الحكم والحياة؟!

الحكم الرشيد والمعارضة الرشيدة

أسوأ خطاب سياسى هو خطاب هذه الأيام من كل الأطراف.. لأنها جميعاً تدعو إلى المواجهة والنزال وتأجيج الصراع.. ونادراً ما تجد كلمة تهدئ الأجواء أو تصلح ذات البين أو تدعو هذا أو ذاك إلى تدبر ما يصنعه الخطاب التحريضى بالوطن، فإذا استمعت إلى القنوات المؤيدة للحكم أو المعارضة تشعر بأنك أمام إعلان حرب أو ساعة الصفر.. نسى الجميع أنهم مصريون فى النهاية.. وأننا لا نبذل مثل هذا الجهد فى مواجهة إسرائيل.. فهنيئاً لك يا إسرائيل بما وصلت إليه مصر وسوريا وليبيا وتونس من الصراع السياسى، والمصيبة أن كل الفرقاء فى هذه البلاد يبحثون عن دعم واشنطن لهم.. ويسعد كل طرف مع أتباعه موهمين أنفسهم بأن واشنطن تدعمهم فى صراعهم الوطنى الطاهر مع خصومهم من أبناء وطنهم.. إنه الغباء السياسى للفرقاء السياسيين الذين نسوا أو تناسوا أن الحكم الرشيد يولد عادة معارضة رشيدة.. والمعارضة الحكيمة عادة ما تولد حكماً رشيداً.. وكان معاوية بن أبى سفيان يقول: "لو كان بينى وبين الناس شعرة ما قطعتها.. إن شدوها أرخيتها.. وإن أرخوها شددتها".. وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أجبر الجميع بحلمه وصبره ورحمته أن يلفظوا جميعاً عبد الله بن أبى سلول ويقفوا جميعاً ضده.. فقد أبدى رسول الله صلى الله عليه وسلم اهتمامه بالرأى العام العالمى المكون من خصومه من قريش وقبائل المشركين وقتها.. رافضاً قتل ابن سلول قائلاً: "حتى لا يقال إن محمداً يقتل أصحابه".

اعتبروا يا أولى الألباب

إن تصارع قادة السلطة الحاكمة والتيار المدنى سهّل على الحمقى والعوام أن يهينوا الفريقين ويتطاولوا عليهما.. حتى أهينت كل الرموز الوطنية فى مصر.. فقد نسى هؤلاء جميعاً أن الخوارج ظهروا حينما تنازع الصحابة وتقاتلوا وكفروا علياً ومعاوية معاً.. وأرادوا قتلهما سوياً، الصراع يجعل العامة من الشعب يتجرؤن على الفضلاء دائماً.. فاعتبروا يا أولى الألباب، فقد اتضحت معالم السيناريو الذى تعده بعض القوى لتظاهرات 30 يونيو، والشباب الذين دعوا لهذه التظاهرات لا يعلمون أن القوى التى اختطفت مصر طوال الستين عاما الماضية وجدتها فرصة للتخريب وإعادة اختطاف مصر من جديد أو على الأقل عدم وصولها إلى أى مرحلة من مراحل الاستقرار أو الخروج من عنق الزجاجة بعد الثورة، لاسيما فى ظل الأحكام القضائية المبشرة لهم فيما يتعلق بمبارك وأبنائه ورجاله الذين أصبح معظمهم أحرارا بما نهبوه من خيرات الوطن وأموال الشعب، ولا أعتقد أن هؤلاء بعيدون على الإطلاق عما يحدث بل إن كثيرا من الفلول لديهم الأمل فى العودة مرة أخرى لحكم مصر، فى ظل حلفائهم القدامى من الأحزاب والديناصورات السياسية الفاسدة التى استطاعت أن تمتطى حصان الثورة وأن تلعب فى المشهد وتعبث بمقدرات البلاد، ومما يتم تداوله هو أن فلول النظام السابق سوف يستخدمون نفس الوسائل والأساليب التى استخدمها الشعب حينما قام بالثورة حيث من المقرر أن يقوموا بمحاصرة كل مؤسسات الدولة ومجلس الوزراء ومجلسى الشعب والشورى والوزارات المختلفة والمحاكم وسوف يقومون بإغلاق الطرق السريعة عبر استئجار مئات الشاحنات وملئها بالرمال والحجارة وإلقائها عشوائيا فى الطرق السريعة وبكميات كبيرة بحيث يتم إعاقة حركة السيارات، وسوف يشعلون عددا كبيرا من الحرائق فى الممتلكات الخاصة والعامة ومحطات الوقود بحيث يشتتون جهود الدفاع المدنى والمطافئ، وقد قاموا باستنفار جميع البلطجية والمسجلين خطر والهاربين من الأحكام فى جميع أنحاء البلاد وأغدقوا عليهم الأموال ووعدوهم بالمزيد حال نجاح المخطط، ويؤمل هؤلاء تفشى الفوضى من خلال حالة الاحتقان التى تسيطر على قطاعات كبيرة من الشعب من جراء الشحن الإعلامى والسياسى خلال الفترة الماضية، وأن تستمر حالة الفوضى لما بعد 30 يونيو بحيت يتمكن هؤلاء من إحداث حالة شلل فى الدولة تستدعى قيام القوات المسلحة بتمرد على النظام .. فهل نتركهم يحققون أهدافهم أم ندرك جميعا أن مصر هى الأهم ويجب الحفاظ عليها وعلى أمنها بعيدا عن المهاترات والسجالات  

المصدر: مجلة حواء -امل مبروك

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,865,068

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز