الظلام يخيم علي مصر حتي
2018
كتب : منار السيد- سماح موسى
السؤال الذي يطرحه المواطن على ذهنه في الآونة الاخيرة بعد الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي والتأكد من أنها ليست أزمة مفتعلة وإنما هي أزمة حقيقية تمر بها مصر، هل سنلجأ مثل بعض الدول العربية لاستخدام المولدات الأهلية كمصدر رئيسي للكهرباء؟ واذا لم يكن ذلك فماالاحتمالات الواردة لتخطي الأزمة وخاصة وأن تصريحات الحكومة تدل على التفكير في الاعتماد على مصادر آخرى للطاقة بعيدا عن المواد البترولية.. مخاوف وشكوك من المستقبل المظلم نطرحها في السطور القادمة..
يقول محسن السيد من إحدي قرى محافظة الدقهلية: تظلمت لشركة شمال الدلتا لتوزيع الكهرباء بسبب ارتفاع تكاليف عداد الكهرباء هذا الشهر فطلب مني أن أسدد خمسمائة جنيها علي العلم بأنني محدودي الدخل ولم يكن لدي هذا المبلغ فاقترضت هذا المبلغ للسداد لأنني إذا لم أسدده سيتم فسخ التعاقد مع الشركة ولا يعاد تركيب العداد إلا بعد السداد أويتم التعاقد من جديد وفي هذه الحالة سوف احتاج تكاليف زائدة، بالإضافة إلي ضياع الوقت والمجهود .
الابتعاد عن التعاقد
ويتفق عطية سلامة من إحدي قري محافظة الشرقية مع الرأي السابق، ويضيف تضررت كثيرا من انقطاع التيار الكهربي الذي ينقطع ثلاث مرات في اليوم، حيث أنني أمتلك ورشة نجارة بها أدوات لا تعمل إلا بالتيار الكهربي، فأصبحت أعطل أعمال النجارة وأسلمها للزبائن في وقت متأخر مما جعل الكثير يبتعد عن التعاقد معي .
إهمال المهام المنزلية
أما عزه أحمد، موظفة بالشهر العقاري، متزوجة و أم لثلاثة أولاد في المرحلتين الابتدائية والإعدادية فتقول: انقطاع الكهرباء جعلني أهمل المهام المنزلية اليومية، حيث إنني معتادة علي إنجاز عملي صباحا ثم العودة إلي المنزل، حيث أنشغل في وظائفي المنزلية (كالطهي والغسيل وكي ملابسي وملابس زوجي وأولادي والمذاكرة لأبنائي، وكل هذه المهام لا تتم إلا بالكهرباء ولأن الكهرباء تنقطع أكثر من مرة في اليوم فلا أستطيع إنجاز ربع ما كنت أقوم بعمله من قبل وأصبحت مقصرة في قيامي بواجباتي المنزلية.
قطع الطريق
من ناحية أخري يؤكد طه حسن، من مدينة المنصورة وأب لمولود لا يتعدي عمره إسبوعاً علي خوفه الشديد علي صحة طفله الذي يمكث في الحضانة ويضيف شاركت في قطع طريق المنصورة الدولي بسبب انقطاع الكهرباء عن الحضانات ووحدة الفشل الكلوي بمستشفي المنصورة العام .
أشهرت افلاسي
أغلقت مصنع الملابس الذي كنت أمتلكه.. هذا ما بدأ به محمد رضا، من محافظة الدقهلية حديثه، ويستكمل حديثه قائلا: بسبب انقطاع التيار الكهربي اشهرت إفلاسي حيث إن جميع الماكينات المنتجة للملابس تعمل بالكهرباء ولتأخري عن تسليم الطلبيات في مواعيدها بجانب تلف الماكينات بسبب كثرة انقطاع الكهرباء وعودته أكثر من مرتين في اليوم ومدة كل مرة ساعة ونصف، وهذا ظهر واضحا علي المنتج الذي أصنعه، مما أدي إلي خسارتي وسوء سمعتي في السوق .
أما السيدة توفيق من إحدي قري محافظة الغربية تتساءل، لماذا كل هذا المبلغ الذي دفعته لشركة الكهرباء رغم أنني لم أمتلك أدوات كهربائية كثيرة في منزلي فلم أمتلك إلا ثلاجة فقط، وبالرغم من ذلك قمت بسداد مبلغ وقدره ثلاثمائة وخمسون جنيها الشهر الماضي وبالرغم أيضا من أن الكهرباء تنقطع أكثر من ثلاث مرات في اليوم؟
إفساد ما تم تخزينه
وتتفق منيرة السيد من إحدي قري محافظة الغربية مع الأراء السابقة وتضيف: اعتدت دوما علي شراء ما يلزم منزلي شهريا خاصة ما يخص الأكل وتخزينه في الثلاجة ولكنني ندمت هذه الأيام علي ما اعتدت عليه منذ سنوات بسبب ما تم إفساده وتلفه من الأكل المطهي والنيئ بسبب انقطاع الكهرباء عدة مرات وقررت عدم تخزين الأكل إطلاقا لأن ما خسرته أثر علي مصروف المنزل.
إهمال المذاكرة
(أريد حلا في مشكلة انقطاع الكهرباء) هذا ما بدأ به محمدي أحمد، أب لولدين في المرحلة الإعدادية ويستكمل حديثه قائلا: أوشكنا علي قدوم الامتحانات وأولادي لم يستطيعوا المذاكرة بسبب انقطاع الكهرباء أكثر من مرة يوميا
المولد الكهربائي
ويقول ياسر عبد الرحمن "صاحب محل شهير بـ6 أكتوبر": الخسارة التي شهدناها في الثلاث سنوات الآخيرة بسبب الثورات والمشكلة الأكبر وهي الكهرباء المنقطعة لم نشهدها من قبل، وبالنسبة لي أعاني معاناة كبيرة بسبب هذا الانقطاع، لأنني مطعم والأغذية تفسد من الانقطاع المستمر وأيضا الزبائن تترك المحل بمجرد انقطاع التيار ومنهم من يخرج دون دفع الفاتورة بسبب حالة الإرباك التي تحدث بعد الانقطاع ، ومع هذه الخسارة لجأنا للمولد الكهربائي وتحملنا تكاليفه العالية دون مقابل زيادة في الإنتاج.
الأسانسير
ومشكلة الأسانسير والأبراج عالية الأدوار يحدثنا فيها محمود لطيف، صاحب إحدى العقارات حيث يقول: يوميا يحدث لدي مشكلة في العقار بسبب الأسانسير وتعطيله بأحد السكان أثناء انقطاع التيار الكهربائي ففكرت في شراء مولد كهربائي للأسانسير، ولكن فوجئت أن سعره يتخطى 750 ألف جنيه لأني أحتاج أكثر من 400 كيلو وات ، ولكن إذا استمر الحال على ذلك فسأضطر لعرض الأمر على المالكين للوحدات السكنية للمساهمة معي في قيمة شرائه.
مصنع زجاج
و يواجه الأزمة أيضا سليمان حمدي "شريك بأحد مصانع الزجاج"، حيث يقول: "حالنا وقف" واتجهنا كباقي أصحاب المحال والمصانع لشراء المولدات الكهربائية وقدرة المصنع تحتاج إلى مولدات بطاقة 500 كيلو وات و 3 آلاف وسعر الكيلو تخطى1900 جنيه، ومع ذلك اضطررنا لشرائه ولكن أيضا يتعرض هو الآخر لأعطال، بالإضافة لمشكلة "المازوت"، فإننا حقيقي نواجه أزمة كبيرة حيث فكرت جديا باغلاق المصنع بسبب هذه المصروفات والقلة في الإنتاج، ولا نعلم ماذا نفعل إذا ساءت أمور الطاقة أكثر من ذلك.
ومع الاعتراف بتفاقم الأزمة سألنا المواطنين.. ما الحل؟
تقول إيناس ناجي" موظفة": الحل في عودة التوقيت الصيفي لتوفير الطاقة الكهربائية مع طول عدد ساعات النهار وهذه فرصة حتى يتم التوصل لحلول جذرية، لأن طبيعة التوقيت الشتوي يستهلك طاقة وكهرباء كثيرة فلعلنا نحاول تقليص الاستهلاك بذلك.
زيادة الرسوم
وميادة محمد "طبيبة" تقول: لو الحل في زيادة رسوم الكهرباء لشراء مواد بترولية أوافق بشدة، بالرغم أنني أعلم أن هذا الكلام سيثير استياء البعض ولكن مهما كانت التنازلات والضريبة التي يجب دقعها، فهي أرحم وأهون كثير من العيش في ظلام، لأن حياتنا تحولت لجحيم، ومصالحنا توقفت وأرواح الناس تنهدر يوميا في الحضانات وغرف العمليات وغرف العناية المركزة، حتى العيادات الخارجية تسعى لجلب المولدات ذي الأسعار المرتفعة، لذلك فالأفضل أن ندفع في أكثر لشراء مواد بترولية بدلا من الاضطرار للجوء لجشع تجار المولدات.
الطاقة المتجددة
"الحل في الطاقة المتجددة "هذا ما ينادي به السيد عبد العاطي" محاسب" حيث يقول: يوميا نستمع لأراء المتخصصين والمهندسين أننا نعتمد على 95 %من طاقنا من المواد البترولية و5% طاقة متجددة ، فلماذا نحن لا نستغل هذه الطاقة المتجددة وخاصة الطاقة الشمسية لحل هذه الأزمة وخاصة أن هناك العديد من المشروعات والأفكار تساعد على تفعيل الفكرة وأيضا هناك أحياء تفكر في إنشاء مبانيها بتصميم يوائم استخدام الطاقة الشمسية، ولا أعلم بعد كل ذلك لماذا تقف الحكومة موقف المشاهد من هذه الأفكار والمشروعات وتتركنا نعيش في ظلام.
وبعد كل هذه المخاوف والشكوك التي حاولنا تناولها مع المواطنين لم نجد لدى المسئولين سوى رد في بيان مكون من سطور أصدره مجلس الوزراء حول أزمة الكهرباء يتلخص في الآتي :
مجلس الوزراء
كلف رئيس الوزراء كل من وزراء التخطيط والتعاون الدولي والكهرباء والمالية بدراسة ظاهرة تكرار انقطاع التيار الكهربائي بكافة أبعادها.
كما طلب رئيس المجلس من وزارة المالية توفير مبلغ 700 مليون جنيه يتم تخصيصها لأعمال صيانة ورفع كفاءة محطات الكهرباء على مستوى الجمهورية.
كما وجه رئيس الوزراء بقيام كافة الوزارات والجهات الحكومية ودواوين عام المحافظات وغيرها من المنشآت العامة بتخفيض استهلاكها من الطاقة الكهربائية، ليصل إجمالي التخفيض إلى 20% من إجمالي استهلاكها المعتاد.
ووافق مجلس الوزراء على استخدام الفحم ضمن منظومة الطاقة فى مصر، مع الالتزام بوضع الضوابط والمعايير البيئية، والحصول على موافقة دراسات تقييم الأثر البيئي في كل مراحل استيراد وتداول وتخزين واستخدام الفحم، والعمل على تعديل قانون البيئة بزيادة العقوبات على الجهات المخالفة للضوابط والمعايير البيئية، وفرض ضريبة على مستخدمي الفحم أسوة بما هو مطبق دوليّا .
صيف 2018
ولكن هذا البيان لم يثر الطمأنينة في قلوب المصريين، خاصة بعد تصريحات وزير الكهرباء والطاقة الدكتور محمد شاكر حول حل أزمة الكهرباء في منتصف 2018 معللا ذلك بأنه لا مفر من قطع التيار حتى لا تنهار الشبكة الكهربائية، لأن مدة قطع التيار تعتمد على كميات الوقود المتاحة التى تحصل عليها الوزارة.
وأنه فى حال توافر 100% من احتياجات الوقود المطلوب لمحطات الإنتاج، فإن نسبة العجز فى الكهرباء تصل إلى ألف ميجاوات، أى ساعة يوميا، وتزداد المدة كلما قلت كميات الوقود.
وأن أقصى حمل ستصل إليه الشبكة القومية فى الصيف سيكون 28 ألف ميجاوات، مؤكدا أن الوزارة لن تتمكن من القضاء على المشكلة خلال الصيف، خاصة أن ارتفاع درجات الحرارة يؤثر على كفاءة وحدات توليد الكهرباء.
ساحة النقاش