«كنا بنحب زى ما نقرا شعر ونسمع مزيكا، كانت نظرة من العين تسهرنا للفجر، كنا بنخاف من القرب أكتر من البعد، ونرجع فى البعد نحن للقرب من تاني »، بهذه الكلمات جسد الكاتب أسامة أنور عكاشة فى رائعة «أبو العلا البشرى » ماهية الحب فى السبعينيات والذى أصابته لعنة التكنولوجيا لتستبدل النظرات بـ «لايك »، والكلمات بـ «كومنت »، والأحاديث بـ «شات »، فهل اقتصرت لعنة وسائل التواصل على طريقة التعبير أم نالت من المشاعر والحب؟

فى البداية تقول عبير عبده، مدرسة: أكثر شيء أفتقده اليوم "الجنتلة" فالحبيب الذي يشبه صالح سليم في "الباب المفتوح" والحركات الرقيقة مع الحبيبة وفتح باب السيارة أو جذب المقعد لها قبل أن تجلس لم يعد موجودا الآن، وإذا طلبته الفتاة ينظر إليها بدهشة واستغراب وكأن التهذيب تهمة.

وبابتسامة مريرة يتحدث حجاب عبد الرءوف، موجه سابق بالتربية والتعليم قائلا: زمان كان الواحد مرجعيته عن الحب من مسرحيات مثل" روميو وجولييت"، ورواية "ماجدولين"، وأفلام عبد الحليم وليلى مراد، كنا أحيانا نختلق قصص حب لكي نسمع أغاني وردة والعندليب ونبكي معها، أتذكر أن أغنية "جواب" لعبد الحليم هزتني لدرجة أنني تقمصتها في أول رسالة لفتاة أعجبت بها، الآن الحب أصبح خناقة وصوت عال ومقارنات، حتى الفراق والخصام كان له أصول وهذا ما أظهرته أغنية حليم "بلاش العتاب".

ويرفض هاني السيد، مراجع لغوي اتهام الهجوم على الشباب وطريقتهم في الحب، قائلا: لا أفهم لماذا تلك القسوة غير المبررة على جيلنا، أعتقد أن طبيعة الحب تتغير تبعا للعصر فحتى آبائنا كانوا بالنسبة لأجدادنا "شباب طايش"، ربما لم يعد هناك روميو الذي ينتحر من أجل حبيبته لأن العشاق أصبحوا أكثر واقعية، وبحكم الظروف حل التواصل الإلكتروني بديلا عن الاتصال الحقيقي الذي يتخلله نظرات ولمسات، لكن هذا لا يمنع جمال الحب، ففي الوقت الحالى يمكن إرسال رسالة على الواتس للحبيب لتستقبل الرد بدلا من الانتظار لأيام حتى يصلك جواب من الفتاة لتعرف ردها كما أن محادثات التليفون الطويلة التي نستطيع من خلالها لمس نبرة الصوت وتهدجها بالعاطفة، كل هذا لا يزال موجودا، لكنه يترجم بلغة العصر ليس إلا وهذا هو الاختلاف."

مقتضيات العصر

ترى كاريمان عبد الله، ربة منزل أن المحب ابن عصره يتصرف وفقا لمقتضيات العصر الذي يعيشه، وتقول: أهم شيء من وجهة نظري سواء كان التواصل عبر الرسائل أو عبر الإنترنت هو أن يكون تواصلا صادقا، وأرى في التكنولوجيا ميزة لأنها جعلت التواصل أسهل بين المحبين.

"كل حاجة اتغيرت وبقت ماسخة" هكذا بدأت تحية مصطفى، ربة منزل حديثها، وتقول: زمان كان نظرة فابتسامة فلقاء، وكان الكلام كله رومانسية، لكن الآن الموبايل بقا زي الخاتم في إيدين اللي بيحبوا حتى وهما مع بعض ماسكين الموبايلات، زمان لما كان المحبين يتقابلوا كانوا بينسوا الدنيا وما فيها، دلوقت لازم يتصوروا ويقولوا إحنا في المكان الفلاني، بالإضافة إلى أن ثقافة الاعتذار اختفت بين الأحباب رغم أنها أكبر دليل على الحب والاحترام بين الطرفين.

أما الممثلة والكاتبة نادية رشاد فتقول بسخرية: هو لسة في حب، لم يعد الحب حياة كما كان في الماضي، بل جزء من عُشر من حياتنا، ولهذا فقد قيمته ومعناه، ما حدش عايز يبذل مجهود.

بينما يرى الروائي كريم عبد الغفار أن هموم الحياة وضغوطها أثرت بشكل كبير على طريقة التعبير عن الحب لكنها لم تمنع وجوده، فكثير من الشبان يعمل في وظيفتين أو أكثر لتأمين تكاليف المعيشة، لذا فالتواصل عبر الموبايل ووسائل التواصل الاجتماعي هو الفرصة الوحيدة، والحب إذا كان حقيقيا فحتى اللقاء الافتراضي سيكون جميلا ومليئا بالمشاعر، لذا لا نستطيع أن نلوم الشباب فهم يعيشون عصرا يجب أن يجري فيه الجميع ليلحق بما يريد حتى المشاعر.

 

تقول د. غيمان عبد الله، خبيرة الصحة النفسية: يشعر الشباب المعاصر بريبة خلال معايشته قصة حب ما، حيث يرون أن الفتيات لا يتحملن المسئولية وليسوا مثل النساء في الماضي، بينما ترى الفتيات الشباب أصبحوا أكثر قسوة وتلاعبا بالمشاعر وافتقدوا الرقة وتصرفات الشهامة والرجولة.

أما أمنية عزمي، مدرسة علم الاجتماع فتقول: لا شك أن الشباب اليوم ملاحقين بالكثير من المتطلبات التي تجعل المشاعر تشغل حيزا أقل في تفاصيل حياتهم، كما أصبح هناك استسهال في العلاقات فالانفصال كلمة حاضرة دائما، كان هناك رجل عجوز سأله شاب عن سر نجاح زواجه قال "إحنا من زمن اللي انكسر بنصلحه ما بنرمهوش"، وهذه هي الخلاصة، المحاولة لإنجاح علاقة الحب والمرور بها خلال المصاعب وليس القفز من السفينة عند أول مشكلة، ربما كان هذا هو الفارق بين الماضي ووقتنا الحاضر، كانت العلاقات تبنى على أسس متينة أكثر كان هناك خوف من الفقد،  كانت الوعود لها مصداقية، بينما الآن الوعود وكأنها تكتب بماء، كذلك غياب الاحترام في زمن "يا أسطا" و "يا بت" بعدما كانت رسائل الحب تبدأ بـ "غاليتي"  و "عزيزي"، كل هذه الأمور تحدث نتيجة تغير المجتمع نفسه، والإنسان مرآة لمجتمعه.

المصدر: كتبت : أماني ربيع
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1078 مشاهدة
نشرت فى 25 يوليو 2019 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,915,790

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز