بقلم : سكينة السادات
أمام كل الناس كان يقول لا أستطيع أن أقرر أمرا دون استشارة أم العيال, لأنها صاحبة المال! وأرد أنا قائلة: بل أنت الكل فى الكل يا حاج وأنت الذى باركت المال واستثمرته وزدته أضعافا مضاعفة والرأى الأول والأخير لك أنت يا أبو العيال!
وفجأة انقلب الحال ويبدو يا سيدتى أن هذه الدنيا كلها أصبحت دنيا غدارة ليس فيها أى أمان!
•
قارئتى السيدة أميمة, من الدقهلية, 54 سنة هاتفتنى عدة مرات وهى فى حالة نفسية سيئة وكنت فى كل مرة أهدئ من ثائرتها وأطلب منها أن تصبر وتصابر إذ قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه: "وبشر الصابرين" صدق الله العظيم, وتهدأ قليلا وتقول لى وهى تعاود البكاء.. لكننى يا سيدتى لا أستاهل كل هذه القسوة والمهانة وأنا فى خريف العمر بعد أن كافحت كثيرا وطلبت منها أن تحكى لى الحكاية منذ البداية؟!
•
قالت السيدة أميمة: أنا من أسرة متوسطة الحال مثل معظم الأسر المصرية أبى - رحمة الله عليه- كان مالكا لأرض زراعية مثمرة وكنا نعتبر من الأسر المستورة الميسورة الحال فى قريتنا, ولى من الأشقاء ثلاثة, ولدان وبنت تكبرنى بثلاث سنوات, ووصلت فى التعليم إلى السنة الثانية الثانوية, أما أختى فقد تزوجت بعد أن حصلت على الشهادة الإعدادية, وأخواى تخرجا فى كلية التجارة ويعمل أحدهما موظفا فى أحد دواوين الحكومة والآخر يعمل محاسبا فى إحدى الشركات ويعاونان أبى فى الزراعة, وأمى ربة بيت طيبة لا هم لها سوى بيتها وزوجها وأولادها, وبيتنا كان ولا يزال مليئا بخيرات الله سبحانه وتعالى! وعندما دخلت المدرسة الثانوية تقدم لى عدد من شباب القرية واختار لى والدى شابا حاصلا على شهادة جامعية من كلية دار العلوم ومعروف عنه أنه متدين وحسن الخلق وأسرته تضاهى أسرتنا اجتماعيا, ولم أجد سببا للرفض إذ كان الكل يمدح فيه وكان قد التحق بالعمل كمدرس بإحدى المدارس الإعدادية بالمدينة المجاورة لقريتنا, وتزوجنا وكان حقيقة نعم الأزواج فى تقوى الله سبحانه وتعالى والذوق العام وحسن المعاملة, وأنجبت له ثلاثة أبناء ذكور كانوا وما زالوا نعمة الأبناء فى الأدب والأخلاق الطيبة, وذات يوم بعد زواجنا بحوالى ثلاثة أعوام وجدته مشغولا ذهنيا وكأنه يفكر فى شيء يحيره, وسألته فقال لى: إن أمامه فرصة كبيرة يخاف أن تضيع منه إذ أن أحد أهالى المدينة من أصدقائه يمتلك محلا لبيع الأدوات الكهربائية بجوار المدرسة التى يعمل بها وهو يفكر فى بيع المحل والهجرة إلى الخارج والمحل معروض بثمن معقول جداً وصديقى سينوى أن يخفض لى ثمن البيع كثيرا بدافع المحبة والصداقة التى بينى وبينه, وكنت أتمنى أن أشترى المحل لولا أن المبلغ ليس متوفرا بالكامل معى!
•
واستطردت السيدة أميمة.. قلت له: بس كده يا زوجى العزيز يا أبو محمد ومحسن - ولداى الكبيران- إن شاء الله هتشترى المحل! فقال: كيف؟ قلت له: بفضل الله يا أبو العيال! وقمت ببيع شبكتي الذهبية ومصاغى كله وساعدنى أبى وساعدتنى أمى بقرض طويل الأجل وأعطيته المال واشترى المحل بثمن قليل وسجله باسمه كما اشترطت عليه بعد أن كان مصمما على أن يشتريه باسمى ورفضت ذلك تماما, ونجحت تجارته وتوسع بعد أن زادت المكاسب بفضل حسن السمعة وجودة البضاعة, واستقال زوجى من المدرسة التى كان يعمل بها وانتقلنا إلى شقة جميلة بالمدينة التى بها محل تجارته, ورزقنى الله بطفل ذكر ثالث وأحسست بأن الله سبحانه وتعالى أعطانى من وسع كل ما أتمنى ولم يكن يزعجنى سوى أن زوجى أصبح يقضى وقتاً طويلاً خارج المنزل بدعوى ضرورة التواجد فى المحلات والبيع والشراء, ومرت السنوات ثم فوجئت بما لم يكن فى الحسبان.. الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية!
ساحة النقاش