إشراف : إيمان عبدالرحمن - إبتسام أشرف-  جلال الغندور - أماني ربيع - هدى إسماعيل

" شهدت الأونة الأخيرة زيادة ملحوظة في جرائم العنف الأسري الموجه ضد الأطفال، وقضايا أخرى يكون ضحيتها أحدأفرادالأسرة ولكنها تسبب ضررا نفسيا بالغالديهم نتيجة التعرض لهذه الصدمات، وفي أحيان كثيرة تترك حوادث العنف المنزلي خاصة الواقع على الأطفال ندوبا تظل طوال العمر وتقضي على الأحلام البريئة والطموح والآمال، في هذا التحقيق تناقش حواء العنف ضد الأطفال وكيفية تأثيره عليهم وسبل العلاج..

في البداية يروي محمد علي، محامي أنه عانى كثرة الخلافات بين والديه والتي وصلت لحد ضرب الأب للأم وهو صغير ما أثر بالسلب عليه وإخوته عندما كبروا ويقول: طوال عمري أكره فكرة الزواج وكنت أخاف من إنجاب الأطفال، ولدي فكرة مسيطرة أنني سأصبح أبا فاشلا حتى تقدم بي العمر وتزوجت وللأسففأناأعاني عصبية دائمة مع زوجتي وأولاديوأرىأن السبب في ذلك ما عانيته أثناء صغري.

وتقول داليا محسن، ربة منزل: تعرضت صديقتي لأنواع كثيرة من العنف فى صغرهاخاصة من الأب الذي كان يرى في ضربها وحرمانها من الطعام وسيلة لتأديبها، فهربت من حياتها وتزوجت برجل يكبرها دون أن تنهىتعليمها الجامعي ولا تزال نادمة على حياتها التي أضاعتها لكنها لم تجد وسيلة للهرب من عنف وقسوةأسرتها سوىهذه الطريقة.

أما رانيا بدوي، محاسبة فتقول: كل ما يأتي على بالي عندما أقرأ عن قضايا القتل التي يكون ضحيتها الأم والأب في وجود صغار هو كيفية استكمالهم حياتهم وهم يعلمون أنأباهم قتل أمهم أو العكس، وكيف سيتخطون هذه الأزمة، وهل سيصبحون أسوياء؟ أسئلة كثيرة وخاصة عندما تكون الجريمة أحد ضحاياها الطفل نفسه من تعذيب أو قتل لأحد من إخوته؟

القضاء على البراءة

تعلق فطوم حسن،أخصائية سلوك الأطفال على آثار العنف الأسرى على الأطفال قائلة:عندما تكون الأسرة مفككة ويسيطر عليها أجواء العنف والإيذاء سواء كان جسدياأو عاطفيا فكل هذا ينعكس بالسلب على نفسية وحياة الطفل وتجعله يشعر بالانزعاج، عندما يشاهد والديه دائمي الشجار فيتعرض الطفل لاضطرابات كثيرة نتيجة مايراه من سلوك الأم أو الأب معا ما يصل في بعض الأحيان إلى القتل وكل هذه التصرفات المشينة يشاهدها الأطفال بكل تفاصيلها المرعبة.

وتتابع: عندما يتعرض الطفل لكل هذه السلوكيات السيئة ويرى كل هذا العنف الذي في بعض الأحيان يمكن أن يصل إلى الإجرام المرفوضوالمحرم دينياً ومجتمعياًفماذا يكون شعور هؤلاء الأطفال الأبرياء؟من هنا يتعرض الطفل لمشكلات واضطرابات لاحصر لها شديدة يصعب علاجها في المستقبل مثل اضطراب مابعد الصدمة، وهو مرض نفسينتيجة المواقف المؤلمة التي يتعرض لها الأطفال والرغبة في الانتقام ما يؤدى إلى اضطراب سلوكىونفسييشعر الطفل بصعوبة رهيبة في النوم ويعانى رؤية الكوابيس والقلق والخوف والتوتر والعدوانية، وستظل هذه الذكريات عالقة في أذهانهم طوال الحياة، ويعانون التبول الليلي والصداع ومشكلاتالمعدة والاكتئاب الشديد وعدم احترام الأشخاص البالغين وصعوبة تكوين العلاقات الاجتماعية،بالإضافةإلىصعوبة خروجه للعمل مع الأفراد وشعوره بالحزن والرغبة فى البكاء عند تعرضه لأي موقف بجانب شعوره الدائم بالذنب طوال الوقت.

وعن علاج ضحايا العنف الأسرى فتقول: يحتاج هؤلاء الأطفاللرعاية خاصة إما بالعلاج الدوائي لتخفيف الأعراض التي يشعرون بها مثل مضادات الاكتئاب، أوالعلاج النفسي ويتم ذلك من خلال تعريض الطفل للأشياء والمواقف التي يخافها بالتدريج حتى يمكنه التعامل معها.

الصدمات النفسية

تقول د. ريهام عبدالرحمن،استشاري الصحة النفسية والأسرية: عندما يعتدى الزوج على زوجته بالضرب أمام أبنائه فهو أمر مؤثر بشكل بالغ،كما أن التعدي بالضرب على الطفل نفسه يجعل منه في المستقبل شخصا غير متزن وغير سوي نفسياً،  بالإضافة إلى ذلك جرائم القتل التي انتشرت في الآونة الأخيرة داخل الأسرة وبسببها يعاني الطفل صدمات نفسية، حالات التفكك الأسرى نتيجة لجرائم القتل وهو ما تظهرهالإحصائيات الرسمية،حيث ذكرت أن 92% من جرائم القتل التي تحدث في محيط الأسرة تكون إما بدافع الشرف أو الاحوال الاقتصادية وكل هذه الأمور ليست مبرراً للقتل لكنها من ضمن الأسباب التي تدفع الأزواج لقتل بعضهم أحيانا الخيانة على مواقع التواصل الاجتماعي أو الظروف المادية أو الإدمان.

وتتابع: من الآثار النفسية التي تؤثر على الطفل من جرائم القتل الزوجيةالشعور بالإحباط وتحطم آماله نتيجة لتفكك الأسرة، ومرور الطفل بضائقة نفسية شديدة نتيجة تربيته في دار أيتام أو لدى أحد من أهله لأن بعض الأهالي لن تكون مثل الأب والأم عند الطفل فهم ليسوا بدلاء، بالإضافةإلى معاناته الجفاء،وإذا شاهد جريمة القتل بين والديه فإنها تصيبه بصدمات نفسيه عنيفة مثل الانطواء والتحقير والتهميش والعزلةوالقلق والاضطراب والتوتر الداخلي نتيجة عدم الحصول على قدر كاف من الحب والأمان.

وتستطرد:هناك بوادر من خلالها يمكن القول إن الطفل يحتاج إلى علاج نفسي لأن الحالة النفسية للأطفال تختلف من شخص لآخر، فهناك أطفال إذا تعرضوا لمشاهد عنف يظل الأمر داخليا ويكون تأثيره بسيطا على حالتهم النفسية، وهناك أطفال يظل الأمر متعلقا في أذهانهم ويؤثر على سلوكهم مثل العصبيةوالهستيريةوالفزعوالنوم القلقيوالتبول اللا إرادي، وعدم التركيز في الدراسة،بالإضافة إلى الأعراض الجسدية كفقدان الوزن بصورة ملفتةوفقدان الشهيةوالصداعوآلام المعدة نتيجة الصدمة.

ضد المجتمع

تقول د. سوسن فايد، أستاذ علم الاجتماع بالقومي للبحوث: رغم التطور المعرفي والحضاري في المجتمعاتفإنها لم تفلح في إيجاد حلول ناجحة لكارثة العنف الأسري الذي يهدد مستقبل الصغار ويخلق منهم بشرا معقدين فاقدي الثقة في أنفسهم والعالم من حولهم وتعرضهم لشتى أنواع الضياع الاجتماعي كالتشرد، والحقيقة أنه لم يخل مجتمع معاصر من جريمة العنف الأسري، فهي برأيي جريمة بحق الإنسانية بالنظر إلى ما تخلفه من آثر تدمر الأسر وتهدد استقرار وأمان المجتمع.

 

وتضيف:الأزمات الاقتصادية الطاحنة هي في بعض الأوقات سبباً للعنف الأسرى، والذي بدوره لم يجد ملاذا ينفس فيه جماح غضبه إلا على أسرته وصغاره ليتحول البيت إلى جحيم لا يطاقوقد ينتهي بالطلاق أو هروب الأبناء من المنزل أو هروب الزوجة أو تعرضها للإصابات والضرب المبرح والإهانات اللفظية التي تدمر إنسانيةالإنسان.

وتسترسل: تعطى بعض الأسرة العائل رجلا أو امرأة الحق في تأديب الأبناء بمعزل عن الرحمة والحكمة، وهو ما قد يتنافى مع القيم الأخلاقية والروحية والدينية التي جاءت بها الرسالات السماوية بالمنطقة، بينما تجبر العادات والتقاليد المرأة على مقاضاة زوجها بالقضاء خوفا على مستقبل أبنائها فقد يكسر زوجها يدها أو يفقع عينها أمام أبنائها ويسبها أمام أطفالها وقد تحتمل لأنها ليس لها عائل سوى زوجها أو ليس لديها عمل تكتسب منه ما يحررها من الحاجة لزوجها العنيف حين يضعها تحت طائلة قهره.

المصدر: إشراف : إيمان عبدالرحمن - إبتسام أشرف- جلال الغندور - أماني ربيع - هدى إسماعيل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 810 مشاهدة
نشرت فى 2 سبتمبر 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,920,228

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز