إشراف : إيمان عبدالرحمن - سمر عيد - محمد عبدالعال- ابتسام أشرف - نرمين طارق - تصوير: إبراهيم بشير
الأطفال ثروتنا الحقيقة وذخيرة المستقبل،وفي عيدهم الذي نحرص على الاحتفال به كل عام تدور بأذهاننا الكثير من الأسئلة حول ما إذا كنا نقوم بدورنا كأمهات وآباء على الوجه الصحيح؟ وكيفننمي قدراتهم ونطور مهاراتهم؟ وما الطريقة التربوية السليمة لتربيتهم؟ وكيف نتفادىأي مشكلات قد نواجهها معهم؟
هذه التساؤلات وغيرها الكثير والتى تصيبنا بالقلق والحيرة نطرحها على د. شيماء إسماعيل،مدربة التنمية البشرية وخبيرة العلاقات الأسريةللبحث عن إجابات لها وتقديم روشتة تساعد الأمهات على تربية ورعاية الأبناء بطرق وأساليب علمية..
حوار: سمر عيد
فى البداية كيفنوجه سلوك الطفل منذ صغره؟
قبل العمل على توجيه الطفل أو تعديل سلوكياتهيجب تحديد المرحلة العمرية له حتى نخاطبه بنفس لغته،فالطفل من مرحلة الفطام وحتى 3 سنوات يعتمد بشكل كلى على الأمويشاهد ويراقب ويسمع كل تصرفاتهاويحاول تقليدها،بعد هذه المرحلة يبدأ الطفل في استخدام حواسه لاكتشاف العالموتبدأ شخصيته في التكوينوهو ما يعرف في علم النفس بمرحلة (اللا) لذا لا ينبغي أن تتعجب الأم من سماع كلمة لا من طفلها فى هذه المرحلة، وفى سن الخمس سنوات تبدأ مرحلة تنفيذ بعض الأوامر التي تطلبها الأم، ويبدأ احتكاك الطفل وتفاعله مع المجتمع الخارجي من خلال التحاقه بمدارس رياض الأطفالوفيها يتعامل الطفل مع أشخاص آخرين خارج نطاق الأسرة،وفى عمر 12 سنة تبدأ مرحلة اكتشاف المواهب وتنمية القدرات وفيها تتعاظم أهمية تقديم القدوة والنماذج الحسنة في المجتمع له،ثم تأتي مرحلة المراهقةالتى تبدأ من 12: 18عاما وفيها يحدث للطفل تغيرات بيولوجية وجسمانية وهرمونية ونفسية، بالإضافة إلى أنها مرحلة انتقالية من الطفولة إلى الشبابوفي هذه المرحلة تظهر مشكلات كثيرة ربما لا تجد لها بعض الأمهات حلولا عملية.
من أهم المشكلات التي تواجه الأمهات في تربية الأطفال الكذب فما سببه، وكيف نواجهه؟
يمكن تقسيم الكذب وفقا للمراحل العمرية المختلفة، فمن عمر 3 : 5 سنوات لا يعرف الطفل معنى الكذب ومعنى ذلك أنه مجرد كذب خيالي بمعنى أنه قد يشاهد فيلم كرتون في التليفاز ثم يدعي أنه مثلا سوبر مان أو أنه يستطيع الطيران أو أنه قد وجد كنزا كبيرا في غرفتهوهذا جيد بالنسبة لتحفيز خيال الطفل ولا ضرر منه، أما النوع الثاني فهو الكذب الادعائي ويكون عادة بدافع الغيرة من الأخ أو الأخت أو للفت الانتباه أو لجذب اهتمام الأم،فقد يدعي أن أخيه قد ضربه حتى تعاقبه الأم،أو قد يدعي أن معلمته في الفصل عنيفة وتعامله بطريقة غير لائقة حتى تهتم أمه به أكثر،وهنا ينبغي توجيه نظر الطفل إلى ذلك دون عنف أو عقاب جسدي، وإذا عاقبت الأم الطفل على قول الصدق فلا ينبغى أن تنتظر منه الصدق مرة أخرى بل سيضطر للكذب لحماية نفسه من العقاب وهو الكذب الوقائي، بينما يعرف النوع الرابعبالكذب الانتقامي فإذا شعر الطفل أن أمه أو أي فرد من أفراد الأسرة يعامله بطريقة سيئة فقد يعمد إلى تكسير وإتلاف أشيائه ثم يلصق ذلك بشخص آخر انتقاما منه، بينما يعرف الكذب التقليدي بما يعلمه الأهل للطفلكأن يدعى الطفل غياب والده عن المنزل عند سؤال شخص غير مرغوب عنه، أما بعد 12 سنة ففي هذه المرحلة يكون الكذب مرضيا،وإن لم يتم التصدى له فإنه سيصبح سمة من سمات شخصية الابن لكن في كل الأحوال لا ينبغي أن نعاقب الطفل بالضرب أو العنف لكن يمكن معاقبته بحرمانه من شيء يحبه كرحلة مدرسية أو مشاركة في حفل عيد ميلاد.
وكيف يمكن مواجهة العنف الصادر عن بعض الأبناء؟
العنفله أسباب كثيرة ويختلف علاجه باختلاف مسبباته، ومن أهم أسبابه العنف الأسري بمعنى أن يرى الطفل أباه يضرب أمه أو يعنفها، أو أن أمه نفسها تضربه بشدة وتعنفه وتصرخ ليل نهار وبالتالي يصب الطفل غضبه على أصدقائه وزملائه في المدرسة ليفرغ طاقة العنف المنزلي التي تعرض لها،وهنا ينبغي أن نتوخى الحذر ولا نجعل الطفل يرى مشادة أو شجارا بين الأب والأم، أما السبب الثاني فهو تصدير بعض وسائل الإعلام وترويجها لصورة البطل البلطجي والعنيف مايرسخ في عقول أطفالنا أن نموذج هذا البلطجي محبوب ومشهور وثري فيعمد إلى تقليده، كما تمثل الألعاب الإلكترونية أهم مسببات العنف وقد تم منع الكثير منها لأنها قد تؤدي إلى انتحار الطفل في النهاية، وآخر المسببات العنف المدرسي والذي يجب أن يتصدى له الأخصائي النفسي في المدرسة بكل طاقته أيضا دون تعنيف أو ضرب الطفل.
العناد وعدم إطاعة الأوامر كارثة تواجه الأمهات وتفقدهن أعصابهن في كثير من الأحيان فكيف نعالجها؟
العناد من سمات شخصية الطفل خاصة خلال مرحلة المراهقةوالتى يحدث للطفل خلالها تغيرات بيولوجية وجسمانية وهرمونية،لذا علينا مراعاة ذلك لأن المراهق لا يفهم نفسه حتى تفسر له الأم أو الأب ما يحدث له، وقد يعاني شرود الذهن والنسيان الأمر الذي قد يؤثر على تحصيله الدراسي أيضا،كذلك يشعر المراهقون أنهم قد كبروا وأصبحوا شبابا وأن لهم شخصياتهم المستقلة فيرفضون تنفيذ أوامر الأب والأم،وهنا يبرز دور الحوار والمناقشة في حل المشكلاتوالإنصات الجيد للأبناء، ومحاولة إقناعهم بوجهة نظرنا بالطرق الديبلوماسية والتربوية،ومن خلال مشاركتهم في أنشطتهم وتنمية مهاراتهم الفنية والرياضية،ومحاولة شغلهم بممارسة هوايات مفيدة بعيدا عن برامج التواصل الاجتماعي وشبكة (الانترنت) التي تجعلهم يعيشون في العالم الافتراضي مبتعدين عن واقعهم وهويتهم الثقافية،ولا ينبغي أن نعنفهم أمام أصدقائهم أو ننعتهم ببعض الصفات السيئة لأن هذا من شأنه أن يقلل من ثقتهم بأنفسهم واحترامهم لذاتهم.
مسألة الانتماء للوطن مسألة تشغل بال الكثيرين، فكيف يمكن أن ندعمها ونرسخها في نفوس أبنائنا؟
يمكن أن ننمي ذلك من خلال التقدير والتحفيز للأطفال والتأكيد على أهمية الوطن والانتماء له والدفاع عنه،وتحبيب الطفل في بلده من خلال التركيز على النماذج التاريخية المشرفة والدور الذي لعبته هذه النماذج للدفاع عن الوطن والتضحيات التي قدمها الأجداد في سبيل أن نحيا بأمان واستقلال.
بعض الأطفال يعانون مشكلات نفسية مثل الاكتئاب، فما أهم الأسباب التي تؤدي لذلك؟
كل مرض نفسي له مسببات متعددة،وأنصح باستشارة طبيب نفسي إذا كان طفلك يعاني مثل هذه المشكلات لأن التشخيص الصحيح يؤدي إلى العلاج الصحيح،وعموما يصاب الأطفال بالاكتئاب نظرا لإهمال أحد الأبوين أو كلاهما للطفل،أو لشعور الطفل بعدم الاستقرار الأسري نظرا لخلاف الزوجين المستمر مثلا أو لسفر الأب أو في حالات الطلاق أو وفاة أحد الأبوين،وهنا ينبغي على الطرف الآخر خاصة الأم احتواء الطفل، وأن تشعره بالحب والحنان والاهتمام حتى لا يصبح شخصا منزويا ومنعزلا عن المجتمع أو يؤذي نفسه جسديا أو نفسيا بأية طريقة.
ساحة النقاش