الصدقة من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله عز وجل؛ ودليل ذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلمً: وإن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن، تكشف عنه كرباً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً ، وهذه المنزلة الرفيعة تشمل صاحبها كما قال صلى الله عليه وسلم : إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعمل فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل.
أريد أن أصبح من الأغنياء ولكن فى نفس الوقت أريد أن أحشر مع زمرة الفقراء والمساكين كيف أوفق بينهما؟
نسرين سليمان _ طالبة بكلية التجارة الخارجية
- يؤكد فضيلة د. على جمعة _ مفتى الجمهورية _ أنه لا حرج على المسلم في السعي لأن يكون غنيا، فمن أدعية نبينا صلى الله عليه وسلم المأثورة: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. رواه مسلم وغيره. ومنها: اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر.. رواه البخاري ، وقال صلى الله عليه وسلم: نعم المال الصالح للرجل الصالح. رواه مسلم. والغنى المطلوب هو أساسا غنى النفس، والغنى عما في أيدي الناس.
وحديث: اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين. رواه الترمذي وغيره وصححه الذهبي في التلخيص.
و معناه أنه أراد صلى الله عليه وسلم بذلك إظهار تواضعه وافتقاره إلى ربه إرشادا لأمته إلى استشعار التواضع والابتعاد عن الكبر والغرور، وبالتالى التنبيه على علو درجات المساكين وقربهم من الله تعالى. فهو لم يسأل مسكنة ترجع للقلة بل للتواضع والخشوع.
وهذه المسألة ترجع إلى المفاضلة بين الغني الشاكر والفقير الصابر، التي اختلف فيها أهل العلم قديما وتناولها كثير منهم بالبحث على ضوء هذه الأحاديث وغيرها فمنهم من قال: الفقر والغنى محنتان من الله يختبر بهما عباده في الشكر والصبر، كما قال تعالى: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ، وقال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من شر فتنة الفقر ومن شر فتنة الغنى. ثم ذكر كلاما طويلا حاصله: أن الفقر والغنى متقابلان لما يعرض لكل منهما في فقره وغناه من العوارض فيمدح أو يذم، والفضل كله في الكفاف؛ لقوله تعالى: وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ. وقال صلى الله عليه وسلم: اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا.. وعليه يحمل قوله: أسألك غناي وغنى هؤلاء، وأما الحديث الذي أخرجه الترمذي: اللهم أحيني مسكينا وامتني مسكينا.. فهو ضعيف.
وهناك من العلماء من مال إلى تفضيل الكفاف فقال: جمع الله سبحانه وتعالى لنبيه الحالات الثلاث: الفقر والغنى والكفاف، فكان الأول أول حالاته، فقام بواجب ذلك من مجاهدة النفس، ثم فتحت عليه الفتوح فصار بذلك في حد الأغنياء فقام بواجب ذلك من بذله لمستحقه والمواساة به والإيثار، مع اقتصاره منه على ما يسد ضرورة عياله، وهي صورة الكفاف التي مات عليها. قال: وهي حالة سليمة من الغنى العظيم والفقر المؤلم، وأيضا فصاحبها معدود في الفقراء لأنه لا يترفه في طيبات الدنيا، بل يجاهد نفسه في الصبر عن القدر الزائد على الكفاف فلم يفته من حال الفقر إلا السلامة من قهر الحاجة وذل المسألة..
وقال عدد آخر من العلماء: أفضلهما أتقاهما لله تعالى، فإن الله سبحانه لم يفضل بالفقر والغنى، كما لم يفضل بالعافية والبلاء، وإنما فضل بالتقوى.
ومن أراد الجمع بين الغنى وفضيلة الحشر في زمرة المساكين فلعل من أسباب ذلك لمن أوتي مالا أن يقوم يكون بأداء حق المال مع التواضع والافتقار إلى الله تعالى..
أجر العبادات
- هل أحصل على أجر العبادات وإن كنت أستثقلها؟ مع العلم أنني مخلصة فيها، وعلى ماذا يدل هذا؟
عائشة نور الدين - ربة بيت
- يقول فضيلة د.أحمد عمر هاشم - عضو مجمع البحوث الإسلامية - للسائلة .. إنك بمجاهدتك نفسك على فعل الطاعات ـ وإن كانت نفسك تأبى وتستعصي عليك ـ مأجورة ومثابة ـ بإذن الله ـ فإن الله تعالى لا يضيع أجر المحسنين، وعليك بالاستمرار في مجاهدة نفسك، فإنك إن مضيت في هذا الطريق صارت العبادة همتك وصرت تؤدينها بطيب نفس وانشراح صدر، والاستمتاع بالطاعة والأنس بها لا يحصل إلا بعد تحمل ألم المجاهدة وعناء قمع النفس التي تتأبى وتستعصي، قال ابن القيم ـ رحمه الله: اجعل هذه المعاملة منك صادرة عن سماحة وطيبة نفس وانشراح صدر، لا عن كظم وضيق ، فإن ذلك دليل على أن هذا ليس في خلقك وإنما هو تكلف يوشك أن يزول ويظهر حكم الخلق صريحا فتفتضح، وليس المقصود إلا إصلاح الباطن والسر والقلب، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بعد العبور على جسر المثابرة والكظم فإذا تمكنت منه أفضى بك إلى هذه المنزلة ـ بعون الله.
ولهذا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت قرة عيني في الصلاة ـ ومن كانت قرة عينه في شيء فإنه يود أن لا يفارقه ولا يخرج منه، فإن قرة عين العبد نعيمه وطيب حياته به، وقال بعض السلف: إني لأفرح بالليل حين يقبل، لما يلتذ به عيشي وتقر به عيني من مناجاة من أحب وخلوتي بخدمته والتذلل بين يديه، وأغتم للفجر إذا طلع، لما أشتغل به بالنهار عن ذلك، فلا شيء ألذ للمحب من خدمة محبوبه الخالق _ عز وجل - وطاعته، وقال بعضهم: تعذبت بالصلاة عشرين سنة ثم تنعمت بها عشرين سنة، وهذه اللذة والتنعم بالخدمة إنما تحصل بالمثابرة والتعب أولا، فإذا صبر عليه وصدق في صبره أفضى به إلى هذه اللذة، وقال آخرون: سقت نفسي إلى الله وهي تبكي فما زلت أسوقها حتى انساقت إليه وهي تضحك، ولا يزال السالك عرضة للآفات والفتور والانتكاس حتى يصل إلى هذه الحالة، فحينئذ يصير نعيمه في سيره، ولذته في اجتهاده، وعذابه في فتوره ووقوفه، فترى أشد الأشياء عليه ضياع شيء من وقته ووقوفه عن سيره.
هذه الكلمات
- هل الدعاء بـ( اللهم) معناه دعاء الله بسبعين اسم من أسمائه الحسنى؟ هل ورد في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ وما هي أفضل صيغة للدعاء: اللهم أو يا رب أو يا الله؟
منة الله فتحى - محاسبة
- يذكر فضيلة د. أحمد عمر هاشم أن الدعاء بـ "اللهم" معناه يا الله، والميم فيها عوض عن ياء النداء، وقيل: زيدت الميم في الاسم العظيم تفخيما، وقيل بل هو كالواو الدالة على الجمع، كأن الداعي قال: يا من اجتمعت له الأسماء الحسنى، ولذلك شددت الميم لتكون عوضا عن علامة الجمع، وأما كون الدعاء بها معناه الدعاء بسبعين اسما من أسماء الله الحسنى، فإنه قول منسوب لبعض العلماء، ولكنه يحتاج إلى دليل، وهو ما لم نقف عليه. . فقد كثر الدعاء بها في نصوص الوحي من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وذكر القرطبي في التفسير، والحافظ في الفتح عن الحسن البصري أنه قال: " اللهم مجتمع الدعاء، وعن النضر بن شميل أنه قال:من قال اللهم فقد سأل الله بجميع أسمائه"
وقول الداعي: اللهم أو يا رب أو يا الله، قد ورد الدعاء بها كلها في القرآن والسنة وأدعية السلف الصالح، وليس هناك دليل على المفاضلة بينها.
ساحة النقاش