يا بنت بلدى كتبت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية الابن وائل 33 سنة, وسوف ألخص ما قاله لأن باقى الأحداث كثيرة والموضوع لم ينته بعد! وائل ابن وحيد لأب موظف حكومى وأمه ربة بيت تخرج فى كلية التجارة وأحب زميلته فى الجامعة سمية وأهلها قوم ميسوري الحال, وعندما تخرجا وحصلا سوياً وائل وسمية على بكالوريوس التجارة ضغطت عليه سمية لكى يتقدم لخطبتها من أهلها وهى تعرف أنه ليس لديه إمكانيات ومتطلبات الزواج, وقالت إنهما سوف يعملان ويبنيان عش الزوجية سوياً, لكن والدها المحامى ووالدتها اعتذرا لوائل برفق وأدب عن إتمام الزواج لعدم وجود إمكانيات لديه, ومرض وائل ورقد فى فراشه وكاد أبواه أن يصابا بالجنون, فقد كان هو ابنهما الوحيد الذى لم ينجبا سواه, ورقدت والدته إلى جواره تحفزه وتشجعه على التحدى والعمل لكى يثبت لهم أنه قدهم وقدود ووسطت قريباً لها يعمل فى أحد البنوك فى الحصول على قرض كى يحقق ابنهما حلمه فى إنشاء سوبر ماركت, حيث قد كان يرفض انتظار الوظيفة, وفعلاً بدأ وائل يعمل بيديه ليلا ونهارا حتى افتتح مشروعه الذى ذاع صيته فى حى المهندسين وأصبح يعمل 24 ساعة يومياً وبه أفضل البضائع وأقلها ثمناً, وجاءه جاره فى المهندسين يعرض عليه أن يشترى باقى الأرض المجاورة للسوبر ماركت, وفعلاً اشتراها وأقام عليها أشهر كافيتريا فى الحى وصار وائل بعد تسع سنوات من تخرجه ومن رفض أسرة زميلته سمية لخطبته لفقره من أشهر الشباب الثرى العصامى الذى بنى نفسه بنفسه ولم يفكر فى الزواج رغم إلحاح أمه, فقد كان مستغرقاً فى بناء مستقبله وكان قد علم بأن محبوبته سمية قد تزوجت بعد عام ونصف من رفض أسرتها له, وكان قد وعد والدها بألا يقابلها أو يهاتفها, وفعلاً استبدل رقم هاتفه بآخر وانقطعت أخبارها عنه حتى كانت المفاجأة ذات ليلة!
*************
واستطرد الابن وائل.. كنت جالسا مع بعض الأصدقاء فى الكافيتريا التى أمتلكها فى حى المهندسين المجاورة للسوبر ماركت الذى أمتلكه أيضاً ثم فوجئت بسيدة تدخل من باب الكافيتريا وتسأل النادل عن إذا كنت موجودا أم لا, أجلسها النادل وجاء يقول لى إنه هناك سيدة تطلب مقابلتى, قمت إليها ووجدتها سمية حبيبتى التى لم أحب ولم أتزوج غيرها وجدت علامات الإرهاق والحزن على وجهها, ووجدت أن وزنها قد زاد عما قبل وأن حالتها العامة ليست على ما يرام إذ غابت ابتسامتها المضيئة وصوتها الرنان وكلامها اللطيف وخفة دمها, رحبت بها وسألتها عن أحوالها وعاتبتنى عن انقطاعى عنها فأفضيت إليها بأننى كنت قد وعدت والدها بألا أراها أو أحدثها, فانخرطت فى بكاء أليم وكاد قلبى ينفطر لدموعها وقالت بانكسار شديد: آه لو كنت رددت على مكالماتى كنت تركت الدنيا كلها وجئت إليك, قلت لها: إننى وعدت والدك وكلمتى واحدة باختصار يا سيدتى.. قالت إنها قد طلقت من زوجها إذ كان يسيء معاملتها كثيراً ويضربها ويهينها وكانت قد أنجبت منه ولداً وبنتاً, ثم فوجئت به وقد طلقها غيابيا واختفى تماما, وحاول والدها المحامى أن ينهى الأمر بشكل ودى فلم يعثر له على أثر وقيل أنه هاجر إلى الخارج ولا يعرف أحد أين ذهب, وقالت لوائل إنها قد سألت عنه واهتدت إليه وأنها فقط اشتاقت لرؤيته وعلمت بعدم زواجه إلى الآن!
*************
واستطرد وائل.. قلت لأمى أريد أن أتزوجها, قالت: رفضوك وأنت فقير والآن هى مطلقة ولها ابن وبنت ولن ترتاح لأن المثل يقول "يا مربى فى غير ولدك يا بانى فى غير ملكك".. بكيت وقلت لها أحبها يا أمى, قالت كما تشاء يا ابنى أنت حر فى حياتك! تزوجتها يا سيدتى على سنة الله ورسوله وليتنى ما فعلت إنها ليست سمية التى أعرفها لقد أصبحت سيدة كئيبة بطيئة عصبية دائمة الصراخ فى أولادها اللذين لم أر فى حياتى طفلين عنيدين مثلهما, فهما لا يستمعان إلى كلام أحد وأعتقد أنهما اكتسبا العناد والعصيان من طول خلافات والديهما أمامهما, ليتنى سمعت كلام أمى, إننى لست سعيداً أبداً يا سيدتى وكنت أتمنى أن أعيش فى هدوء وسلام وهذا لا يتوفر لى مع بكاء وضجيج أولاد زوجتى اللذين أعتقد أنهما لا يحبانى رغم كل ما أفعله من أجلهما.. ماذا أفعل وأنا رجل أعمل طول النهار والليل وأحتاج للراحة ورغم أننى لا أكره زوجتى سمية إلا أننى صدمت بعد أن تزوجتها لأنها ليست سمية المرحة الخفيفة الذكية السريعة الظريفة التى عرفتها فى الجامعة, أنا فى حيرة شديدة هل أنجب منها فيزداد الضجيج وعدم الراحة فى البيت أم ماذا أفعل بالضبط؟ ليتنى سمعت كلام أمى ولم أتزوجها.
*************
أنت فى مأزق حقيقى أيها الابن وائل وليتك سمعت كلام أمك ولم تتزوجها لكنها القسمة والنصيب.. الحل يا وائل هو ترويض الأولاد بكل الوسائل الممكنة باللين والشدة أحياناً طبعاً بالاستعانة بأمهم, كما يجب أن تعلم زوجتك أن استمرارك معها مرهون براحتك فى بيتك فعليها أن تنشط وأن تعود لسابق إشراقها وعليها أن تحسن تربية الأولاد وعندما تتحسن أحوالها وأحوال أولادها ولا بأس من أن تفرح والدتك بحفيد يدخل عليها الفرح والسرور.
ساحة النقاش