بقلم : إقبال بركة
شكرا لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط الذى قرر وضع صورة العالمة السكندرية "هيباتيا" كبوستر لدورته هذا العام، وأهدي الزملاء نبذة عن تلك المرأة الرائعة، حوالي عام 355م، كان العالم على موعد مع حدث يشبه المعجزة في مدينة الإسكندرية، هو ميلاد "هيباتيا" أول عالمة فى التاريخ، وأول فيلسوفة، وأول امرأة يلمع اسمها كعالمة رياضيات، كما كانت أول امرأة تعمل فى التدريس بجامعة الإسكندرية المسيحية القديمة، وكانت "هيباتيا" فى الخامسة والعشرين من عمرها عندما بدأت في تدريس الفلسفة وعلم الفلك وتخصصت في الفلسفة الأفلاطونية المحدثة، ولدت "هيباتيا" عام 370م بالإسكندرية، وكان والدها فيلسوفا وعالم رياضيات يدعى ثيون الإسكندري، وكانت تنتمي إلى أسرة من المفكرين الذين كانوا يتيحون لأبنائهم ذكورا وإناثا تعليمًا يؤهلهم للعمل الثقافي الذي تمتهنه الأسرة، وكان من حظ "هيباتيا" أن والديها أنشآها على أن تكون فيلسوفة ورياضية مثقفة مثل والديها، عُرفت "هيباتيا" بالذكاء الحادّ والعبقرية وكذلك العناد مما جعلها تخوض في العديد من العلوم والمجالات التي لم تكن متاحة آنذاك إلا للرجال، كذلك عُرفت بدماثة الخلق والشجاعة والحفاظ على مسلكها المتواضع المهيب، وإلى جانب ذكائها تميزت بجمال أخاذ أوقع الكثير من تلاميذها فى غرامها، إلا أنَها ظلت عزباء ولم تتزوَّج وذلك كان سببًا آخر لاحترامها حيث كان المجتمع اليونانيّْ فى ذلك الوقت يرى أنّ العزوبيَّة فضيلة من الفضائل، وقد بدأت "هيباتيا" بطلب العلم الذي كانت مولعة به فدرست الرياضيات والفلسفة والفلك في جامعة الإسكندرية، ولأنها تنحدر من أسرة يونانية ولغتها الأم هى اليونانية فقد كان لابد من تعلم اللغة اليونانية الأدبية لمن كانت اليونانية لغتهم الأم، وقد شغفت هيباتيا بالفلسفة وبميل الفلسفة للتدقيق والتساؤل في كلِ شيء والبحث عن ماهيته، وقد سلكت في بحوثها على هدى فلاسفة الإغريق أفلاطون وأفلوطين، كما تعمَّقت فى دراسة علم الفلك؛ وذلك لشغفها به ويُذكر أنَّها استخدمت أدوات خاصَّة لقياس الأجرام السماويَّة بنفسها، واشتهرت هيباتيا آنذاك بالحكمة، وكان الحاكم آنذاك يستشيرها حيث إنها كانت من مستشاري البلاط الملكي، وقد كان لهيباتيا عدة إسهامات مميزة مثل؛ رسم مواقع للأجرام السماوية، واختراع مقياس ثقل السائل النوعي، ورغم كل هذه الصفات والإنجازات الرائعة ففي أول مارس عام 415 ميلادية، بينما كانت مصر تحت الاحتلال الرومانى، أيام الصوم الكبير، بالقرب من صحراء النطرون كانت عربة هيباتيا تجرى بسرعة واعترض طريقها مجموعة من الرجال المتعصبين دينيا يرتدون السواد هجموا على هيباتيا وجذبوها ثم جروها وجردوها من ثيابها ثم ذبحوها وحرقوا أعضائها، وهكذا راحت "هيباتيا" ضحية للتعصب الديني من أفراد خشوا من استمرارها وبقائها على الدين الوثني، لأنها كانت تجهر بمعتقداتها ولا تخفيها؛ ولخوف المتعصبين من تأثير "هيباتيا" على الناس قاموا بخطفها وجرها في الشوارع، ثم تعذيبها حتى للموت، وبموت "هيباتيا" انتهى فصل رائع فى التاريخ المصرى القديم أعقبه حرق مجلدات وكتب مكتبة الإسكندرية والانتظار طويلا حتى استردت مصر عافيتها وقد سجلت السينما العالمية قصة "هيباتيا" في فيلم أجورا الذى عرض فى أكتوبر 2009 وسوف يعرض فى المهرجان.
ساحة النقاش