كتبت : سكينة السادات
يا بنت بلدى باختصار شديد أذكرك بحكاية الجارة الحسناء وعاشقها العجوز التى روتها لى الحاجة أم تامر عن زوجها الحاج رمضان، “العاشقة” التى عاشت معه 33 سنة زوجة محبة وأم لثلاثة أبناء وكيف أنها لم تكن لها شكوى منه سوى شغفه بالنساء ودخوله فى مغامرات عاطفية كثيرة، وباختصار شديد قالت إنهما بعد أن أديا فريضة الحج انتقلا إلى شقة صغيرة فى إحدى البنايات وتزوج ابنهما فى شقتهما القديمة لقربها من عمله واتساعها بعد أن أنجب ثلاثة أولاد، وقالت أنها تتعجب لأن زوجها يتخذ من شقة جارة حسناء مطلقة وموظفة محترمة فى الحكومة استراحة له فى الصعود والهبوط من العمارة، وإنه يقتضى وقتا طويلا عند تلك السيدة التى تقول عنها أن سمعتها طيبة ومحترمة، وتقول إن راتبها من عملها يفوق المعاش الذى لا يكفى مصاريف البيت، وأن أولادهما يساعدونهما فى مصاريف البيت كل شهر، وتقول كيف ترضى سيدة موظفة فى الأربعينات من عمرها برجل يكبرها بأكثر من ثلاثين سنة بلا مال ولا شباب، وطلبت من أحادثه وأن أحادث السيدة إسراء الجارة الجميلة لأفهم الموضوع، وكانت المفاجأة أن قال الحاج رمضان أنه لم يرتكب أى معصية تغضب الله سبحانه وتعالى وأن من حقه أن يتزوج مثنى وثلاث ورباع إذا وافقت مدام إسراء وحققت له بهذه الجرأة بعد زواج دام 33 سنة، وطبعا لم أقل لزوجته الحاجة أم تامر هذا الكلام لأننى لا أعرف رأى السيدة إسراء الجارة الحسناء، ولاحقتنى الحاجة أم تامر لكى أتواصل مع السيدة إسراء وكنت أشعر بالحرج لكنها كانت مهذبة ولطيفة وقالت لى كلاما مقنعا للغاية سوف أوجزه فى هذه السطور !
***
قالت إسراء: لقد عشت محرومة من عطف الأب لأن والدى توفى وأنا فى العاشرة من عمرى, وكنت أبكى وحدى لأن البنات لهن آباء وأنا بدون أب، وكانت أمى حتى ربتنى أنا وأخى أحسن تربية وتخرجت فى كلية التجارة وعملت فى الشركة التى كان أبى يعمل بها حتى اليوم وأصبحت فى درجة مديرة بحمدلله وحسن توفيقه، ونأتى إلى لب الموضوع وهو الرجل الذى تزوجته والذى كنت أظنه زوجا صالحا لكنه للأسف كان يكبرنى بعشرة أعوام وهذه ليست المشكلة لكنه كان فظا غليظ القلب قاسيا على وعلى أولادنا البنت والولد، وكان يفتعل الخناقات ويطلب منى أن أنفق على البيت وحدى من راتبى، ولم أكن أتأخر على بيتى وأولادى لكنه كان ينفق راتبه فى المقاهى والملاهى وتدخين الممنوعات وتناول الطعام فى المطاعم مفضلا أكل الشارع على الطعام المطهى فى البيت، وإذا عاتبته يهيننى ويضربنى احيانا أمام أولادى، وصارحنى بأنه يحب إحدى السيدات وإنه يريد أن يتزوجها وأنه لم يحبنى فى يوم من الأيام، وكانت فرصة طيبة لكى أتخلص منه فأبرأته من كل شيء حتى النفقة وتوليت أنا رعاية ابنى وابنتى والصرف عليهما، ولم يسأل مرة واحدة عن ولديه طيلة السنوات الثلاث الماضية، وفى آلامى ووحدتى قابلت على السلم الحاج رمضان وتبادلنا التحية، فهو يسكن فى الدور الثالث وأنا أسكن فى الدور الأرضى ووجدته رجلا طيبا محترما وقال لى إنه على المعاش وأنه “فاضى” ومستعد لأن يخدمنى فى أى شيء، وفعلا طلبت منه أن يساعدنى فى استخلاص أوراق أرض زراعية من ميراث أبى، وقام الحاج رمضان فعلا بإتمام الأوراق وهو سعيد، وهذا فضلا من حنانه على أولادى وشعورى بالأمان معه وثقتى بأننى لا أخطئ فى معرفته بل هو الذى عرفنى على زوجته الحاجة أم تامر التى شكرتها على حسن صنيع زوجها معى، فقالت لى وهى تضحك: "حاسبى منه ده عينه زايغة"، وضحكنا ولم أكن أظن أو أتخيل أن عم الحاج رمضان ينظر لى إلا نظرة أب لابنته، وطبعا فكرة الزواج منه أو من غيره مرفوضة فقد قررت أن أعيش لأولادى فقط!
***
قلت هذا الكلام للحاجة أم تامر فقالت نعم سيدتى العيب من عندنا أى من عند الرجل الذى فوق السبعين وما زال يبحث عن مغامرات عاطفية، وقالت سوف أدعو الله أن يهديه لنفسه كما كنت أفعل طيلة 33 سنة وأشكرك وسوف أتعامل معك إن جد جديد فى الموضوع!
ساحة النقاش